قال لمبارك اتق الله ... فاعتقله 15 عامًا

ملفات متنوعة

في ميدان التحرير حاور مراسلنا بالقاهرة الشيخ على مختار القطان
الضابط السابق بالجيش المصري، والذي خرج مؤخرًا من المعتقلات المصرية
بعد أن قضى فيها خمسة عشر عامًا بسبب قوله للرئيس المخلوع حسني مبارك:
اتق الله وكفى تقتيلاً للمسلمين....

  • التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -


في ميدان التحرير حاور مراسلنا بالقاهرة الشيخ على مختار القطان الضابط السابق بالجيش المصري، والذي خرج مؤخرًا من المعتقلات المصرية بعد أن قضى فيها خمسة عشر عامًا بسبب قوله للرئيس المخلوع حسني مبارك: اتق الله وكفى تقتيلاً للمسلمين.

وخلال سنوات سجنه الطويلة فقد الشيخ القطان إحدى عينيه، وضعفت العين الأخرى إلى درجة حرجة، وأصيب بعدة أمراض، وعلى الرغم من حصوله على عشرات الأحكام القضائية بالإفراج الوجوبي؛ إلا أنها لم تنفذ إلا بعد مرور 15 عامًا.

ونترك للضيف الكريم الفرصة ليحدثنا بنفسه:

البيان: هل كان لكم علاقة بأي جماعات إسلامية وهل حوكمت قبل سجنك؟

القطان: لم يكن لي انتماء سياسي، والمرة الوحيدة التي استعملت فيها السلاح كان إطلاق النار على دبابات شارون في حرب أكتوبر 1973م ولم يقبض علينا كعملاء ولا خونة، ولم أحاكم قبل السجن، وإنما قام جهاز أمن الدولة بالتحقيق معي وإيداعي السجون التي طفت بها من شمال البلاد إلى جنوبها بالوادي الجديد، ومعي أحكام قضاء كثيرة بالإفراج عني لكن نظام مبارك أذل القضاء وضرب به عرض الحائط، وعندما استخرجت صحيفة الحالة الجنائية فوجدتها خالية من أية أحكام جنائية، كما منعوني من السفر بعد الخروج من السجن،.

البيان: ما قولك في بقاء مبارك دون مغادرة البلاد؟

القطان: هو يراوح مكانه، وهناك جهات تستفيد منه، كإسرائيل وأمريكا وغيرها، يريدون بقاءه وهو كذاب ولن ينفعوه، وهو يريد أن يخلد فيها ويورثها لأولاده وأحفاده وزوجته، وهي ليست عزبة لأهله، مع أنها بلد ذكرها الله في القرآن ووصفها بأن فيها جنات وعيون ونعمة كانوا فيها فاكهين.

والحق أنه رجل لا يستحق أن يكون مواطنًا في مصر، فقد أهان الناس، وأنا سعيد بثورة شعبنا على هذا الخائن، وبعد أن اكتشفوا وذاقوا مرارة الحرمان والإهانة على يديه هو وجنوده.

البيان: شيخنا الكريم ماذا كنت تعمل قبل الاعتقال؟

القطان: أنا ضابط احتياط سابق بالجيش المصري وتخرجت في كلية الخدمة الاجتماعية، وحصلت على درجة البكالوريوس، ثم حصلت على عدة دبلومات عليا، منها دبلومة في علم الاجتماع، ودبلومة في المجتمع المدني والديمقراطية، ودبلومة في الاقتصاد والعلوم السياسية، والآن أدرس الماجستير في العمارة البيئية في جامعة عين شمس.

البيان في فترة اعتقالكم هل تعرضتم للتعذيب؟

القطان: أخذت أول سنتين في حالة صعبة، وسرقوا أمتعتي وملابسي وضاعت عيني، وسكبوا علينا ماء قذرًا في الزنزانة، ورأينا أيامًا سيئة منهم، أسأل الله أن يعاملهم بعدله.

كان التعذيب أمر منظم وممنهج في السجون، ولم تفتح الزيارات إلا في أواخر التسعينات، وكنا ننادي على الشاويش من خلال فتحة الزنزانة طالبين العون منه لأحد إخواننا: يا شاويش عندنا أخ يموت اطلب لنا طبيب المستشفى، فيرد علينا: لما يموت يا ولاد الكلب ابقوا قولوا لنا علشان نشيله.

وأنا في الحقيقة لست منتميًا لأي تيار ولا منضويًا تحت أي راية، بل هي راية الإسلام التي تضم الجميع، أعظم راية وأشملها وأرحمها، وقوة الإسلام تشمل الجميع في أصقاع الأرض، نحن لا نريد دوائر جماعات، نحن نرى عجبًا في هذه الأيام أناس يطالبون بحد الردة على من خالف جماعتهم من أي تيارات أخرى، وإنما نريد اجتماعًا واتحادًا لا فرقة واختلافًا.

البيان: ماذا ترون في موقف التيارات الإسلامية المختلفة من الأزمة التي نعيش فيها هذه الأيام؟

القطان: إن الإسلام ببساطة يحرم الظلم، بل إن الله تبارك وتعالى حرم الظلم على نفسه وجعله بين عباده محرمًا، فرَوَى النبي صلى الله عليه وسلم عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ: «يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلاَ تَظَالَمُوا... ». وهو الخالق جل وعلا الغني عن عباده المتصرف فيهم بما يشاء سبحانه وهو واهبهم ما فيه من النعم، وهذا السلطان سلطان ظالم، وأبسط أنواع الظلم أن هذا البلد الذي يجري فيه نهر من أنهار الجنة وهو نهر النيل ومع ذلك صعب عليهم حياتهم وجعلها عليهم صعبة مريرة، انظر إلى رغيف الخبز الذي جعله صعبًا على الناس، لو نظرت إلى الناس وهم مزدحمون لشراء الخبز حتى يتعارك الناس أحيانًا للحصول على رغيف الخبز ويقتل بعضهم بعضًا من أجل الحصول عليه، وهذا لا يحدث في أشد البلاد سوءًا أو فقرًا، ولا يحصل حتى في معسكرات الاعتقال، فهذا رجل ظالم، هذا في الوقت الذي بنى لنفسه ولمن حوله ولأولاده ثروة وعزًّا فله ثروة بالمليارات...

بالمناسبة مبارك كان من بلدياتي، من المنوفية مركز أشمون، وهو الآن من أصحاب المليارات، بينما كان أبوه محضرًا في مركز أشمون في الخمسينيات، وكان أبي سكرتيرًا للنيابة وكان رجلا مسلمًا وملتحيًا وكان القاضي يرسله للإصلاح بين الناس ولم يتقاض من أحد شيئًا ونحن بسطاء والذي يعيننا مسألة الأخلاق، هو من أين جمع كل هذه المليارات.

جمال عبد الناصر مات وتركته 600 جنيه، وأنا لست ناصريًّا إلا أني أشهد بما علمته، فقد كنت أسكن في مصر الجديدة بجواره وكنت أتدرب في مدرسة الطبري النموذجية وأولاده كانوا تلامذة هناك وكان يأتي للتصويت في الانتخابات في هذه المدرسة، وقد خرج على الناس في 9 يونيه ليعلن أنه يتحمل مسئولية الهزيمة وأنا متنح، إلا أن الشعب كله خرج وجئنا هنا وكنت طالبًا جامعيًّا في نفس هذا الميدان الذي نحن فيه (ميدان التحرير) وذهبنا إلى مجلس الشعب ولم أجد أحدًا يهتف ضده، مع أن الناس كان عندهم المبرر القوي للهتاف ضده فالبلد كانت مهزومة ومكسورة ولم أرى أحدًا على الإطلاق هتف ضده، بل بالعكس أن الناس كانون يطالبونه بالاستمرار، ولما مات خرج الناس وراءه أكثر من خمسة ملايين، شعبنا ذكي يفهم لم يخرجهم أحدًا، والعجب ممن يدعي الإيمان وهو يتعامل مع الصهاينة وجمال عبد الناصر كان صلبًا على خط واحد لم يتلون مات ووجدوا في جيبه مصحفين، وهذا موجود في مذكراته، زوجته تشهد أنه حتى 28 سبتمبر كان يحمل مصحفين في جيبه على اليمين واليسار وعمره لم يتشدق بكلام عن الإسلام ولا الإيمان ولم يقل أنا رئيس مؤمن ولا شيء من ذلك.

البيان: ماذا عن التدخلات الخارجية التي تريد أن تفرض علينا حكومة معينة؟

القطان: هذا غير مقبول ولا يصح، وشعوبنا لا تقبل هذه التدخلات وتستيقظ في الأزمات، في أيام الاحتلال البريطاني استيقظ شعبنا ووقف في مواجهة بريطانيا العظمي في ذلك الوقت وقف وقفة واحدة فيها بطولة وقوة وشجاعة، أنا أريد أن ألفت نظرك لشيء مهم: النهضة الصناعية المنتشرة في بلادنا في هذه الأيام أسسها طلعت حرب وغيرها من قلاع الصناعة الوطنية تأسست في ذلك العهد أيام الاحتلال البريطاني، بل إن الجامعة الأهلية جامعة القاهرة أنشئت في ذلك العهد تحت ظلال الاحتلال، وكانت البلد أيام الاحتلال تقف يدًا واحدة، كل الشعب يخرج وكان حالنا أيام الاحتلال جيدًا في الاقتصاد والثقافة كان سببا في التلاحم الاجتماعي والترابط المجتمعي أفضل من تنازع الطبقات في هذه الأيام، الفريق عبد المنعم رياض الذي يقف الناس في الميدان المسمى باسمه كان يقول: إذا انسحبنا من معاركنا مع اليهود فإن بلدنا ستتحول إلى كباريه (ملهى) لهم بالليل ومرتعًا لجواسيسهم بالنهار. وهذا ما يحدث في هذه الأيام ، لا نخاف من المواجهات بل هي تجمع شعبنا وتوحده، والله المستعان.



إعداد مجلة البيان


حاوره : نجاح شوشة

المصدر: مجلة البيان