حقيقة أسماء الله وصفاته عند المهديين
أحمد علوان
إن مذهب المهديين في الأسماء والصفات لا يختلف عن مذهب الاثني عشرية الذي هو متفق مع مذهب المعتزلة في نفي الأسماء والصفات، فقول المهديين السابق: الله والرحمن واحد، وقولهم: إن صفتي الرحمن والرحيم، منطويتان وفانيتان في الله، والاثنا عشرية قالوا من الخطب التي نسبوها زوراً لسيدنا عليرضي الله عنه : "أول الدين معرفته، وكمال معرفته التصديق به، وكمال التصديق به توحيده، وكمال توحيده الإخلاص له، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه
- التصنيفات: الملل والنحل والفرق والمذاهب -
حقيقة أسماء الله وصفاته عند المهديين:
حدد اليماني أسماء الله تعالى وصنفها، ومن أين له بهذا التحديد أو التصنيف، وهو شخص منع الله عنه الفهم وحجبه عن العلم، حين يقول: "أسماؤه سبحانه وتعالى أربعة: ثلاثة ظاهرة وواحد غائب، أما الظاهرة فهي: الله، الرحمن، الرحيم، وأما الغائب فهو الكنه والحقيقة، ويرمز له ب(هو)، أو الاسم الأعظم الأعظم الأعظم"[1].
ثم ينفي الأسماء والصفات، فيقول:"ولكن لا تدل عليه الأسماء والصفات دلالة تامة، فهي واقعة في طريق معرفته سبحانه، وليس هي هو سبحانه وتعالى ، فهو سبحانه تجلى بها وبالاسم الأعظم (اللهـ) الذي يجمعها، ليُعرف ويُعبد هو سبحانه وتعالى لا لتُعبد هي، فبها يُعرف ويُعبد، فمن قصر معرفته على الأسماء والصفات لم يصل إلى تمام التوحيد الذي لا يكون إلا بتمام الإخلاص له سبحانه وتعالى "[2].
لكننا أهل السنة نقول: إنه يجب الإيمان بجميع الأسماء والصفات التي أثبتها الله لنفسه أو أثبتها له رسوله، ولا يصح بحال أن تؤول صفة لغير مراد الله، كما فعل المهديون وهو مذهب الشِّيَعة، وقد اتفق علماء المسلمين، على إثبات الصفات لله، وأنه " لا يوصف الله إلا بما وصف به
نفسه، أو وصفه به رسوله، لا يتجاوز القرآن والحديث"[3].
ب- تعطيل المهديين لأسماء الله وصفاته:
يأتي الحديث عن التوحيد عند المهديين في كتاب (التوحيد)-عمدتنا في هذا المطلب- لزعيم المهديين-أحمد الحسن اليماني-، وهو يفسر سورة الإخلاص، والتي أسماها سورة التوحيد، فيقول: "الله: وهو اسم للذات الإلهية الجامعة للصفات الكمالية، وفي الحقيقة هو صفة جامعة للصفات فمعنى الله أي الذي يؤله إليه في الحوائج، أي الذي يقصد لسد النقص من كل جهة. الرحمن: وهو اسم للذات الإلهية وصفة من صفات الكمال، وهو منطوٍ وفانٍ في الله، والرحمن في الدنيا والآخرة، ولكنه أولى بأمور الدنيا لجهة سعة الرحمة فيه. الرحيم: وهو اسم للذات الإلهية وصفة من صفات الكمال، وهو أيضاً فانٍ في الذات الإلهية أي الله، والرحيم في الدنيا والآخرة، ولكنه أولى بأمور الآخرة لجهة شدة الرحمة فيه"[4].
وفي موضع آخر، لا يفرق اليماني بين الصفتين-الرحمن، والرحيم-، فيقول: "وهذان الاسمان أو الصفتان: هما في الحقيقة اسم واحد وصفة واحدة، فلا افتراق حقيقي بينهما ولا تمايزحقيقي، بل هما وجهان لحقيقة واحدة هي الرحمة، فهما باب الذات: الرحمن ظاهرالباب، والرحيم باطن الباب"[5].
وهنا نورد كلاماً لأهل السنة في الوقوف على أسمائه الثلاثة-الله، الرحمن، الرحيم-، فقد قال علماء السنة: "والله: علم على الذات الواجب الوجود الخالق العالم، والرحمن الرحيم: صفتان مشبهتان بُنيتا للمبالغة من رحم بالكسر...، وقَدَّم الرحمن؛ لأنه خاص به تعالى إذ لا يطلق على غيره تعالى، ولأنه أبلغ إذ معناه: المنعم بجلائل النعم. كماً وكيفاً، بخلاف الرحيم، فإن معناه المنعم بدقائقها كذلك، وجلال النعم: أصولها كالجود، والإيمان. ودقائقها: فروعها كالجمال، وكثرة وزيادة الإيمان، والمعنى أنه تعالى من حيث إنه منعم بجلائل النعم يسمى: الرحمن، ومن حيث إنه منعم بدقائقها يسمى: الرحيم"[6]
إن اليماني من خلال كتابه(التوحيد)، والذي يعد عُمْدتنا في هذا المطلب، يفصح عن اعتقاده في مسألة الأسماء والصفات، فيقول: "فالله والرحمن بالنسبة لنا واحد، بل هو كذلك في الحقيقة، فالباب أو الرحمن هو مدينة الكمالات الإلهية أو الله، فمنه يعرف ما فيها، ويتجلى ويظهر منه الفيض الإلهي إلى الخلق، قال تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَٰنَ ۖ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ ۚ وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلًا } [الإسراء:110]، فإذا تبين وحدة هذه الأسماء في الذات الإلهية أو الله وفناؤها فيها، عرفنا أن الوحدة الأحدية متحققة في الذات الإلهية، أو الله سبحانه وتعالى ، وهذه هي المرتبة الأولى المقصودة في التوحيد، وهي كما قدمت وحدة جميع الأسماء والصفات في الذات الإلهية أوالله وحدة حقيقية أي أن الله واحد أحد وجميع الأسماء والصفات عين ذاته وليست أعراضاً تتصف بها الذات، ولاجواهر تتركب منها فهو الله الرحمن القادر"[7].
إن مذهب المهديين في الأسماء والصفات لا يختلف عن مذهب الاثني عشرية الذي هو متفق مع مذهب المعتزلة في نفي الأسماء والصفات، فقول المهديين السابق: الله والرحمن واحد، وقولهم: إن صفتي الرحمن والرحيم، منطويتان وفانيتان في الله، والاثنا عشرية قالوا من الخطب التي نسبوها زوراً لسيدنا عليرضي الله عنه : "أول الدين معرفته، وكمال معرفته التصديق به، وكمال التصديق به توحيده، وكمال توحيده الإخلاص له، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه،
لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف، وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة..."[8].
ومن عقائد المعتزلة: "نفيها عن الله صفاته الأزلية، وقولها: بأنه ليس لله علم، ولا قدرة، ولا حياة، ولا سمع، ولا بصر، ولا صفة أزلية، وزادوا على هذا قولهم: إن الله تعالى لم يكن له في الأزل اسم ولا صفة"[9].
وجاء الرد من الإمام الغزالي ممثلاً عن أهل السنة، فقال: "أهل السنة والجماعة هم الذين اعتدلوا واقتصدوا، فقالوا: إن ذات الله غير صفاته، فصفاته زائدة على الذات، حتى أن الصفات متباينة فيما بينها"[10].
ج-تحريف الآيات المتعلقة بأسماء الله وصفاته عند المهديين:
ففي تفسير للوجه في قوله تعالى: {وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن:27]عند المهديين، يقولون: "فهم-عليٌ وفاطمة والحسن والحسين والأئمة والمهديون ‡-، وجه الله هنا، ومن يعرض عن هذا التأويل فلن يجد إلا الخلط والجهل، ومعنى أنهم وجه: أي بهم يعرف الله، فبالوجه الذي يواجه به يعرف، إذن فهم خلفاء الله، فمن يعرف الخلق بالله، ومن يعلم الخلق التوحدي؟ هم خلفاء الله، وهذا آدم أول خلفاء الله في أرضه، بدأ مهمته بتعليم الملائكة وتعريفهم بأسماء الله، فأسماؤهم هي أسماء الله التي خلقوا منها")[11](.
ثم يربط اليماني بين أسماء الله وبين آل البيت، قائلاً: "ولكل اسم من أسماءه سبحانه وتعالى ظل في خلقه، فظل الذات أو مدينة الكمال الإلهية، او اسم الله هو محمد، أو مدينة العلم. وظل الرحمن-الذي هو باب مدينة الكمال الإلهية-هو علي الذي هو باب مدينة العلم، وظل الرحيم- الذي هو باب مدينة الكمال الإلهية-فاطمة، أو باب مدينة العلم، وهكذا بقية الأركان الاثني عشرة لهذه الأسماء الثلاثة، والاسم الوحيد الذي لا ظل له في الخلق هو الحقيقة والكنه"[12].
وكما حَرَّف الاثنا عشرية في آيات الأسماء والصفات لأئمتهم، كذلك حرف المهديون ليمانيهم، واليماني لنفسه، فقال في قوله تعالى: {وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} [مريم:52]، وقوله تعالى: {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِن شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَىٰ إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [القصص:30]، قال اليماني-المحرف والمعطل-: "والطور الأيمن، والوادي الأيمن هو: اليماني-المهدي الأول من المهديين-، والبقعة المباركة هو: الحسين عليه السلام، فالكلام من الطور الوادي الأيمن، أي اليماني-المهدي الأول-، والوادي الأيمن الطور الأيمن من البقعة أي الحسين، فالمهدي الأول-اليماني- من ولد الحسين؛ لأنه من ذرية الإمام المهدي، والبقعة المباركة من الشجرة-أي محمد وعلي-، فالحسين من محمد وعلي-عليهما السلام-"[13].
إن كل ما قاله المهديون في تحريف آيات التوحيد والأسماء والصفات التي لا تصح إلا لله، وصرفها للأئمة مردود عليهم، ويضرب بكل ما قالوه عرض الحائط، والصحيح هو أن "نثبت لله تعالى ما أثبته نفسه وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من صفاته وأفعاله بمعانيها الصحيحة المتبادرة من اللغة مع القول بالتنزيه ككون محبة الله لأنبيائه وأوليائه ورحمته بعاده ليستا كمحبة المخلوقين ورحمتهم فيما بينهم، كما أن علمه تعالى ليس كعلمهم، فهذا هو اعتقاد المسلمين المؤمنين الذي يتلقون دينهم من كتاب ربهم، ومما صح عن رسوله إليهم، إثباتاً نفياً من غير تحكيم للأهواء والبدع بشبهة قياس الخالق على المخلوق والرب على العبد"[14].
[1] المتشابهات، سؤال رقم93، ص156(مرجع سابق).
[2] الجواب المنير عبر الأثير، ص141(مرجع سابق).
[3] السنة والشِّيَعة أو الوهابية والرافضة، الأستاذ محمد رشيد رضا، ص95، ط2/1366ه = 1947م، أصدرتها دار المنار بالقاهرة- مصر.
(1) كتاب التوحيد، السيد أحمد الحسن وصي ورسول الإمام المهدي واليماني الموعود، ص22و23، ط2/1433ه = 2012م، إصدارات أنصار الإمام المهدي عليه السلام ، العدد(88).
(2) المرجع نفسه، ص23.
(3) انظر: الخريدة البهية في العقيدة الإسلامية، إعداد الدكتور: محمد ربيع الجوهري، ص11و12(بتصرف)، ط1/1431ه = 2010م، مكتبة الإيمان.
(1) التوحيد، لليماني، ص24.
[8] انظر: شرح نهج البلاغة، المجلد الأول، ص45.
[9] الفَرْقُ بين الفِرَق، ص114(مرجع سابق).
[10] الاقتصاد في الاعتقاد، الإمام أبو حامد الغزالي، وضع حواشيه: عبدالله محمد الخليلي، ص102، ط1/1424ه = 2004م، دار الكتب العملية، بيروت-لبنان.
[11] رحلة موسى إلى مجمع البحرين، السيد أحمد الحسن، وصي ورسول الإمام المهدي واليماني الموعود، ص23، ط3/1433ه = 2012م، إصدارات أنصار الإمام المهدي عليه السلام ، العدد(83).
(2) شيء من تفسير سورة الفاتحة، السيد: أحمد الحسن، ص26، أسرار الإمام المهدي، قسم التفسير، الإصدار الأول، ط2/1433ه = 2012م، إصدارات أنصار الإمام المهدي عليه السلام ، ويليه: تفسير آية من سورة يونس، ووصي ورسول الإمام المهدي في التوراة والإنجيل والقرآن، ونصيحة إلى طلبة الحوزات العلمية وإلى كل من يطلب الحق، ورسالة الهداية.
[13] المتشابهات، ص299(مرجع سابق).
[14] السنة والشِّيَعة، محمد رشيد رضا، ص79و80(مرجع سابق).