سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الأرْضِ
أبو الهيثم محمد درويش
{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الأرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأرْضِ إِلا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ * وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الإنْسَانَ لَكَفُورٌ } [الحج 65 - 66] .
- التصنيفات: التفسير -
جميعنا في أشد الحاجة بين الفينة و الفينة للتأمل فيما حولنا :
تسخير الله لكل الجمادات و النباتات و المياه بل و غلاف الأرض بما فيه من هواء نقي ووسائل تنقل بني آدم عبر الطرق و الصحراء و البحار و المحيطات و مطاعم و مشارب تتوفر عبر كل الموجودات , ثم هو وحده بقدرته يحافظ على الأرض و غلافها و محيطها الصالح للحياة دون أي ضغط عليها أو سماح بما يفسدها مما يحيط بها من أجرام سماوية هائلة لولا قدرة الله لأهلكت الأرض و من فيها .
القادر على هذا الخلق البديع قادر بلا أدنى شك على الإحياء بعد الإماتة , خاصة و الجميع يشاهد بعينه إحياءه سبحانه لكل الموجودات من إنسان و نبات و حيوان و قد دبت فيها الروح و مرت بأطوار حياتها حتى تكبر بعضها و تدعى الألوهية و حتى عاند بعضها و عادى الله .
{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الأرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأرْضِ إِلا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ * وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الإنْسَانَ لَكَفُورٌ } [الحج 65 - 66] .
قال السعدي في تفسيره :
أي: ألم تشاهد ببصرك وقلبك نعمة ربك السابغة، وأياديه الواسعة، و { أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الأرْضِ } من حيوانات، ونبات، وجمادات، فجميع ما في الأرض، مسخر لبني آدم، حيواناتها، لركوبه، وحمله، وأعماله، وأكله، وأنواع انتفاعه، وأشجارها، وثمارها، يقتاتها، وقد سلط على غرسها واستغلالها، ومعادنها، يستخرجها، وينتفع بها، {وَالْفُلْكَ } أي: وسخر لكم الفلك، وهي السفن { تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ } تحملكم، وتحمل تجاراتكم، وتوصلكم من محل إلى محل، وتستخرجون من البحر حلية تلبسونها، ومن رحمته بكم أنه {يُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأرْضِ} فلولا رحمته وقدرته، لسقطت السماء على الأرض، فتلف ما عليها، وهلك من فيها {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا } .
{ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ } أرحم بهم من والديهم، ومن أنفسهم، ولهذا يريد لهم الخير، ويريدون لها الشر والضر، ومن رحمته، أن سخر لهم ما سخر من هذه الأشياء.
{وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ } أوجدكم من العدم {ثُمَّ يُمِيتُكُمْ } بعد أن أحياكم، {ثُمَّ يُحْيِيكُمْ } بعد موتكم، ليجازي المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته، { إِنَّ الإنْسَانَ } أي: جنسه، إلا من عصمه الله {لَكَفُورٌ } لنعم الله، كفور بالله، لا يعترف بإحسانه، بل ربما كفر بالبعث وقدرة ربه.
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن