اللَّهُ يَصْطَفِي
أبو الهيثم محمد درويش
{ اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ } [الحج 75 - 76] .
- التصنيفات: التفسير -
اللهم اجعلنا من المصطفين :
من بين سائر خلقه يصطفى سبحانه لنيل كرامته و رضاه من يشاء من مخلوقاته السماوية و الأرضية فمن بين الملائكة يصطفى من يشاء لأعلى المهمات و أكرمها و من بين الإنس و الجن يجتبي من يشاء لنيل كرامته سواء بالرسالة و النبوة أو الإيمان و حمل كلماته و شرف الدعوة إليها و شرف تطبيقها و العمل بها , و ييسر سبحانه كل مخلوق لما خلقه له فالسعيد من كان من جملة المصطفين بالإيمان و العمل و الدعوة و الشقي كل الشقاء من كان من المعرضين المعاندين المتكاسلين عن نهل نور الله و السير في طريقه .
{ اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ } [الحج 75 - 76] .
قال السعدي في تفسيره :
لما بين تعالى كماله وضعف الأصنام، وأنه المعبود حقا، بين حالة الرسل، وتميزهم عن الخلق بما تميزوا به من الفضائل فقال: { اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلا وَمِنَ النَّاسِ } أي: يختار ويجتبي من الملائكة رسلا ومن الناس رسلا يكونون أزكى ذلك النوع، وأجمعه لصفات المجد، وأحقه بالاصطفاء، فالرسل لا يكونون إلا صفوة الخلق على الإطلاق، والذي اختارهم واصطفاهم ليس جاهلا بحقائق الأشياء، أو يعلم شيئا دون شيء، وإنما المصطفى لهم، السميع، البصير، الذي قد أحاط علمه وسمعه وبصره بجميع الأشياء، فاختياره إياهم، عن علم منه، أنهم أهل لذلك، وأن الوحي يصلح فيهم كما قال تعالى: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ }
{ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ } أي: هو يرسل الرسل، يدعون الناس إلى الله، فمنهم المجيب، ومنهم الراد لدعوتهم، ومنهم العامل، ومنهم الناكل، فهذا وظيفة الرسل، وأما الجزاء على تلك الأعمال، فمصيرها إلى الله، فلا تعدم منه فضلا أو عدلا.
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن