وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ

أبو الهيثم محمد درويش

{وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ}  [المؤمنون 17 - 20] .

  • التصنيفات: التفسير -

سبع سماوات هائلة البنيان شاسعة المسافات , لا يتخيل عقل مدى اتساعها و لا قدر أحجامها , السماء الدنيا فقط تسع لملايين ملايين السنوات الضوئية و لا تزال في اتساع فما بالك باتساع السبع طوابق و من فوقهم الكرسي و فوقه العرش و فوق كل ذلك الرحمن استوى و علا و ارتفع عن مخلوقاته .

و من كمال قدرته و كمال صفاته أنه ما غفل لحظة عن كل مخلوقاته في سائر كونه مهما كان المخلوق صغيراً او دقيقاً فسبحان الذي وسع علمه و سمعه و بصره جميع مخلوقاته .

 {وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ}  [المؤمنون 17 - 20] .

قال السعدي في تفسيره :

لما ذكر تعالى خلق الآدمي، ذكر سكنه، وتوفر النعم عليه من كل وجه فقال: { وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ } سقفا للبلاد، ومصلحة للعباد {سَبْعَ طَرَائِقَ } أي: سبع سماوات طباقا، كل طبقة فوق الأخرى، قد زينت بالنجوم والشمس والقمر، وأودع فيها من مصالح الخلق ما أودع، {وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ } فكما أن خلقنا عام لكل مخلوق، فعلمنا أيضا محيط بما خلقنا، فلا نغفل مخلوقا ولا ننساه، ولا نخلق خلقا فنضيعه، ولا نغفل عن السماء فتقع على الأرض، ولا ننسى ذرة في لجج البحار وجوانب الفلوات، ولا دابة إلا سقنا إليها رزقها  {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا } وكثيرا ما يقرن تعالى بين خلقه وعلمه كقوله:  { أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ }  {بَلَى وَهُوَ الْخَلاقُ الْعَلِيمُ } لأن خلق المخلوقات، من أقوى الأدلة العقلية، على علم خالقها وحكمته.

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن