القُدس التي فقدناها ..والأقصى الذي خذلناه (1)
عبد العزيز مصطفى كامل
- ما الذي تغير حتى تضع الغالبية العظمى من العرب والفلسطينيين البندقية وتبيع القضية..؟
- ما هي خططهم وخطواتهم المستقبلية لنصرة للإعداد والاستعداد الذي لأجله صدرت لهم الفتاوى بالدخول – المؤقت – في عمليات الخنوع والاستسلام
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
في عام 1984م ؛ بدأت في تأليف أول كتبي ، وكان عنوانه: (قبل أن يُهدم الأقصى) وكان السبب المباشر لزيادة الاهتمام بقضية الأقصى وقتها؛ مانشرته وسائل الإعلام في أغسطس من ذلك العام عن اقتحام مجموعات من قطعان المستوطنين اليهود لساحة المسجد الأقصى بغرض إحياء ذكرى هدم (هيكل سليمان) على يد الرومان عام 70 للميلاد، وبرغم أن ذلك صار حدثًا عاديًا تقليديًا بعد ذلك؛ فقد أثار هذا الاقتحام وقتها غضبًا عارمًا اجتاح العالم الإسلامي ؛ حيث كانت قضية فلسطين لاتزال حية في وجدان الأمة، وكانت بحق تمثل القضية المركزية الأولى للعرب وللمسلمين.
أثار ذلك فضول البحث عندي .. وتملكني العجب بعد تعمقي في بحث الموضوع وخلفياته الدينية عند أصحاب الأديان الثلاثة؛ عندما تيقنت أن هدم الأقصى وتهويد القدس يمثل عقيدة لا تتزحزح عند اليهود، وأن هدمه عندهم مسألة وقت، وكذلك فإن من يدعمونهم من نصارى العالم - وبخاصة البروتستانت من الانجليز والأمريكان - لا يقلون عنهم حماسًا واستعجالًا، لحسابات دينية مستقبلية أسطورية عند الطرفين، تخص عودة المسيح المُخلِّص عند كل منهما بشروط أهمها : أن تكون فلسطين دولة خالصة لليهود، وأن تكون القدس عاصمتها، وأن يعاد الهيكل الثالث فيها على أنقاض المسجد الأقصى..!
وازداد عجبي وقتها من خلو الساحة داخل فلسطين أو خارجها من أي حركة إسلامية جهادية تتصدى لهذا الخطر؛ بالرغم من مضي عدة عقود على احتلال فلسطين عام 48 ثم القدس عام 67، ثم حرق المسجد الأقصى عام 69.. ثم إعلان (مناحيم بيجن القدس بشطريها عاصمة موحدة أبدية للدولة اليهودية، وذلك ضمن منظومة دينية توراتية خرافية؛ يُدار بها الصراع دينيًا من طرفٍ واحد، بينما كان العلمانيون العرب هم المتصدرين وحدهم بمنظماتهم ومنطلقاتهم اللادينية فيما كان يُسمى: (النضال من أجل القضية الوطنية الفلسطسنية)..
بعدها بسنوات قلائل ظهرت حركة حماس في أواخر الثمانينيات، وكان لها دور كبير في إعادة القضية إلى وجهتها الدينية الاعتقادية التي استمات اليهود وأولياؤهم لاستبعادها ، وتعاطفتْ مع المجاهدين في فلسطين شعوب العالم الإسلامي كلها.. خاصة بعد أن بدأت الانتفاضة الأولى (انتفاضة أطفال الحجارة) عام 1987،حيث لم يكن شباب فلسطين وقتها يملكون غير الحجارة للتصدي لاعتداءات اليهود، وقد كانت المنابر ترتج بأصوات الحناجر الثائرة من أجل حرمة الأقصى وقداسة القدس . وفي عام 2001، انطلقت الانتفاضة الثانية التي سُميت (انتفاضة الأقصى) بسبب زيارة الهالك شارون للمسجد الأقصى وسط حراسه، وكان التعاطف الإسلامي معها عاصفًا جارفًا، فلم تعرف القضية الفلسطينية التفافًا من المسلمين حولها؛ مثلما كان وقت قيام تلك الانتفاضة وطوال استمرارها..
- ما الذي تغير حتى تضع الغالبية العظمى من العرب والفلسطينيين البندقية وتبيع القضية..؟
- ما هي خططهم وخطواتهم المستقبلية لنصرة للإعداد والاستعداد الذي لأجله صدرت لهم الفتاوى بالدخول – المؤقت – في عمليات الخنوع والاستسلام التي أطلقوا عليها – مجمعين – عملية السلام..
إن ذلك لايعني ذلك في ديننا – بلا جدال – شيئًا آخر غير سُنَّة الاستبدال، التي ستُنقل مسئولية استعادة المقدسات وصيانة الحرمات بسببها من العلمانيين أشباه الرجال إلى عباد أولي بأس شديد، لهم قلوب الأسود و قامات الجبال.. وهذا ما ستشهد عليه قريبًا جدًا أجيال قادمة..أو من نفس هذه الأجيال..
{وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم} [محمد -38]