الطائفة المنصورة.. ومؤهلات النصر شِبْه المهجورة (2)
عبد العزيز مصطفى كامل
إجمالًا؛ فإنه لا يمكن لجماعة بعينها – وبخاصة في عصورنا المتأخرة - أن تقول إنها جمعت صفات الطائفة المنصورة كلها، أو أنها أحق بها من غيرها، لأن تكاليف الشريعة من فروض الأعيان والكفايات موزعة على الجميع من جهة؛ ولأن النقص متلبس بالجميع من جهة أخرى.. ولولا زيادة هذا النقص لما تأخر النصر..
- التصنيفات: الملل والنحل والفرق والمذاهب - أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة -
تظل (الطائفة المنصورة) بخصائصها النظرية في النصوص الشرعية، مع تجلياتها العملية في المراحل التاريخية؛ نمطًا قابلًا للتكرار مرات ومرات على مستوى الأمة وعلى مستوى الجماعات، وقد ذكرتُ من الخصائص المستفادة من أحاديثها خمسة، وها هي بقية العشرة:
• الخاصية السادسة للطائفة المنصورة: أنها بثباتها على الحق في الدنيا، تظل على طريق نجاة في الآخرة، وهذا لا يتأتى إلا عن إخلاص واتباع، وبما أنها خلاصة الفرقة التي أخبر النبي صلى الله عليه و سلم بأنها (الفرقة الناجية) في الآخرة، فلابد أن تكون في مقدمة الناجين، وفي الحديث: ( «افترقت اليهود على إحدى و سبعين فرقة، فواحدة في الجنة و سبعون في النار، و افترقت النصارى على ثنتين و سبعين فرقة، فإحدى و سبعون في النار، وواحدة في الجنة، و الذي نفس محمد بيده؛ لتفترقن أمتي على ثلاث و سبعين فرقة، واحدة في الجنة و ثنتان و سبعون في النار) قيل: يا رسول الله! من هم؟ قال: (الجماعة)» (رواه ابن ماجة (3992) ورواه الحاكم بإسناد حسن). وفي رواية قالوا: «ومن هي يا رسول الله؟ قال: (ما كان على ما أنا عليه و أصحابي» (رواه الترمذي (2641) وحسنه لكثرة شواهده).
• والخاصية السابعة: أن أهلها لا يمكن أن يكونوا إلا من أهل السنة، المجتمعين علي هدي النبوة، والذائدين عن ثوابت وحرمات ومقدسات المسلمين، ولذلك فإن المجددين للدين – أفرادًا وجماعات - لم ولن يكونوا إلا من هذه الطائفة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم؛ ( «إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا» (رواه أبو داود برقم 4291 وصححه الألباني). ولا يتجدد الدين بحق إلا على يد الطائفة القائمة علي الحق.
• والخاصية الثامنة: أن تلك الطائفة يقيم الله بها الحجة على الناس، ولهذا فهي متواصلة الوجود على مر الزمن، فحتى عندما افترقت اليهود والنصارى، كانت من فِرَقهم طائفة ناجية كما دل حديث الافتراق – وهذا بالطبع قبل نسخ دياناتهم. وأصحاب الطائفة المنصورة باقون في هذه الأمة حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال، وحتى يكونوا من أنصار عيسى بن مريم عليه السلام عندما ينزل، وعليهم أمير منهم.
• والخاصية التاسعة: أنهم برغم كثرة مخالفيهم والطاعنين فيهم؛ ثابتون مثابرون مرابطون..( «لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك»، إلا ما يصيبهم من لأواء وعنت مواجهة الباطل، وشدة أهله عليهم، وهو زيادة في قدرهم ودرجاتهم.
• والخاصية العاشرة: أن الطائفة المنصورة تتنقل في أرض الله وراء نصرة الحق، ولكنها تتجمع كلما اقترب الزمان في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، أو أبواب بيت المقدس، وفي دمشق وعلى أبواب دمشق، كما في الأحاديث، وهو ما يدل على اجتماع أعداء الأمة على المسلمين هناك، كلما اقترب الزمان.
وإجمالًا؛ فإنه لا يمكن لجماعة بعينها – وبخاصة في عصورنا المتأخرة - أن تقول إنها جمعت صفات الطائفة المنصورة كلها، أو أنها أحق بها من غيرها، لأن تكاليف الشريعة من فروض الأعيان والكفايات موزعة على الجميع من جهة؛ ولأن النقص متلبس بالجميع من جهة أخرى.. ولولا زيادة هذا النقص لما تأخر النصر..
لكن تدارك النقص وارد، بل فرض واجب، والمطلوب ممن يرجون نصرَا وعزة كالتي أحرزتها هذه الطائفة طوال التاريخ.. أن ينصروا السنة ويجتمعوا عليها، حتى يكونوا حقا (أهل السنة والجماعة) المستجمعين لمؤهلات نصر الطائفة المنصورة.