كلهم خطاؤون
محمد علي يوسف
علينا أن ندرك وأن نبين دائما أننا لسنا الدين أننا مجرد بشر نحاول أن نصيب وأحيانا -بل كثيرا- ما نخطئ وأن علينا أن نرحم ديننا من أن تنسب إليه زلاتنا وخطايانا التي لن تنقطع أبدا طالما انطبق علينا وصف (بني آدم) بني آدم الذين هم - بخلاف من بيّن الله عصمته من النبيين والمرسلين - كلهم من الخطائين مرة أخرى.. كلهم.
- التصنيفات: التوبة -
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وإذا حاصرت أهلَ حصنٍ، فأرادوك أن تجعل لهم ذمَّةَ اللهِ وذِمَّةَ نبيِّه فلا تجعلْ لهم ذمَّةَ اللهِ وذمَّةَ نبيِّه ولكن اجعلْ لهم ذِمَّتَك وذمَّةَ أصحابِك فإنكم أن تُخفِروا ذِمَمَكم وذِمَمَ أصحابِكم أهونُ من أن تُخفِروا ذِمَّةَ اللهِ وذِمَّةَ رسولِه» (صحيح مسلم).
كلمات تستلزم تدبرا وتأملا خصوصا في زمان صار بعض أهله يصرون على كون فلان أو علان هو الدين وهو الرمز والمقام العالي الذي ينبغي ألا يكون للناس شغل إلا في الحفاظ عليه وعلى عظمته أناس يقبلون بلسان الحال أو المقال أن فلانا أو علانا فعلا هو الدين وينسى هؤلاء وأولئك أن منا منفرين وأننا من بني آدم وبنو آدم (خطــاؤون)كلهم..
كلهم خطاؤون: ألا ينسب الخطأ لمنهج الله وأن ينزه دينه عن زلات الأتباع هذا كان من أعظم ما حرص عليه النبي صلى الله عليه وسلم أيما حرص ذلك التنزيه و هذا الحرص تجلى واضحا في الحديث الذي صدرت به تأمل حرصه صلى الله عليه وسلم على مقام ذمة الله وذمة رسوله وتأمل كيف أوصى أمراءه في الجهاد إذا عاهدوا أحدا وأرادوا أن يجعلوا لهذا العهد ضمانا و ذمة ألا ينسبوها لله جل وعلا أو لرسوله صلى الله عليه وسلم ذلك لأنهم بشر غير معصومين ولربما اضطروا أن يخفروا عهدهم لأى سبب كأن يبدو لهم غدر المشركين أو يغلب على ظنهم خيانة منهم فيضطروا إلى عدم إمضاء العهد أو حتى يصدر منهم خطأ أو زلل فحينئذ لا ينسب ذلك لله و لا لرسوله و إنما لأنفسهم أنفسهم وحسب هم وحدهم من يتحملون الخطأ إن حدث لكن لا ينسب الأمر لربهم أو لدينهم أو لنبيهم صلى الله عليه وسلم في هذا تفريق واضح يغفل عنه كثير ممن يظنون أنهم هم الدين و أنه بهم و لهم حتى إذا حدث الخلل أو الخطأ وجدت البعض للأسف ينسبه للمنهج وربما يقع في قلبه أن هذا الخلل هو الدين والشرع عياذا بالله..
لكن انظر إلى اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم ببقاء جناب الدين معصوما وعلى رعاية قيمة ذمة الله وذمة رسوله وتأمل مرة أخرى قوله «فإنكم أن تُخفِروا ذِمَمَكم وذِمَمَ أصحابِكم أهونُ من أن تُخفِروا ذِمَّةَ اللهِ وذِمَّةَ رسولِه» (صحيحمسلم: 1731)..
يعني باختصار وتبسيط علينا أن ندرك وأن نبين دائما أننا لسنا الدين أننا مجرد بشر نحاول أن نصيب وأحيانا -بل كثيرا- ما نخطئ وأن علينا أن نرحم ديننا من أن تنسب إليه زلاتنا وخطايانا التي لن تنقطع أبدا طالما انطبق علينا وصف (بني آدم) بني آدم الذين هم - بخلاف من بيّن الله عصمته من النبيين والمرسلين - كلهم من الخطائين مرة أخرى.. كلهم.
كلهم خطاؤون وخير الخطائين التوابون اللهم اجعلنا منهم