من صفات عباد الرحمن 1

أبو الهيثم محمد درويش

{وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا * وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا * إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا } [ الفرقان 63-65] .

عباد أضافهم الله تعالى إلى نفسه المقدسة تشريفاً و اختصهم بالقرب منه تكرماً .

من صفاتهم :

1- التواضع و اللين و البعد عن الكبر و الغرور , يمشون على الأرض هوناً بلا تبختر و لا اختيال .

2- مقابلة جهل الجاهل بالحلم و الإعراض فهم أبعد الناس عن التسرع و مقابلة الجهل بجهل مثله .

3- يبيتون لربهم خاضعين مشفقين سائلين متعلقين بعرشه سبحانه بين قيام و سجود و دعاء .

4- لا يفترون عن دعاء الرحمن بمغفرة الذنوب و النجاة من جهنم و ساءت مصيراً

{وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا * وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا * إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا } [ الفرقان 63-65] .

قال السعدي في تفسيره :

العبودية لله نوعان: عبودية لربوبيته فهذه يشترك فيها سائر الخلق مسلمهم وكافرهم، برهم وفاجرهم، فكلهم عبيد لله مربوبون مدبرون {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا } وعبودية لألوهيته وعبادته ورحمته وهي عبودية أنبيائه وأوليائه وهي المراد هنا ولهذا أضافها إلى اسمه " الرحمن " إشارة إلى أنهم إنما وصلوا إلى هذه الحال بسبب رحمته، فذكر أن صفاتهم أكمل الصفات ونعوتهم أفضل النعوت، فوصفهم بأنهم  { يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا }  أي: ساكنين متواضعين لله والخلق فهذا وصف لهم بالوقار والسكينة والتواضع لله ولعباده. {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ } أي: خطاب جهل بدليل إضافة الفعل وإسناده لهذا الوصف، { قَالُوا سَلَامًا } أي: خاطبوهم خطابا يسلمون فيه من الإثم ويسلمون من مقابلة الجاهل بجهله. وهذا مدح لهم، بالحلم الكثير ومقابلة المسيء بالإحسان والعفو عن الجاهل ورزانة العقل الذي أوصلهم إلى هذه الحال.

{وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا } أي: يكثرون من صلاة الليل مخلصين فيها لربهم متذللين له كما قال تعالى:{تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ

{وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ }  أي: ادفعه عنا بالعصمة من أسبابه ومغفرة ما وقع منا مما هو مقتض للعذاب. { إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا }  أي: ملازما لأهلها بمنزلة ملازمة الغريم لغريمه.

{إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا } وهذا منهم على وجه التضرع لربهم، وبيان شدة حاجتهم إليه وأنهم ليس في طاقتهم احتمال هذا العذاب، وليتذكروا منة الله عليهم، فإن صرف الشدة بحسب شدتها وفظاعتها يعظم وقعها ويشتد الفرح بصرفها.

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن