التغيير .. ومعاني التوحيد مع التكبير

عبد العزيز مصطفى كامل

بقدر إحياء هذه المعاني في تهليلنا وتكبيرنا في عشرنا وأعيادنا وكل أيامنا – أفرادًا وجماعات ومجتمعات - يحيي الله قلوبنا ويغير ما بنا.. {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} [الرعد:11].

  • التصنيفات: ملفات الحج وعيد الأضحي - العشر من ذي الحجة -

التكبير والتهليل في أيام العشر( لا إله إلا الله والله أكبر) لا ينبغي أن يكون مجرد ذكر باللسان، بل يكون إقبالًا بجنان وأركان الإنسان على تجديد معالم الإيمان واليقين والاعتزاز بالدين، وقد ذكر ابن كثير – رحمه الله – أن آخر آية في سورة الإسراء وهي قوله تعالى : {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ ۖ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا} تُسمى (آية العز) لأن اليهود والنصارى قالوا اتخذ الله ولدًا ، والعرب كانت تقول (لبيك لا شريك لك، إلا شريكًا هو لك، تملكه وما ملك)..! فأُمر الله نبيه - وأمته من بعده – أن يُظهروا اعتزازهم برب العزة، وأن يوحدوه ويكبروه تكبيرًا ، تبارك وتعالى عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا.

ويقول المفسر المعاصر الكبير(ابن عاشور) في معنى: (وكبِّره تكبيرًا) : (أي : اعتَقِد أنه كبير، له صفات الكمال كلها ).. فالتكبير مع التهليل إعلان للعقيدة، وتقريرذلك بالقلب وتكريره بالسان تجديد لهذه العقيدة.

وعندما نردد التهليل والتكبير :(لا إله إلا الله والله أكبر) معتقدين معانيها بحق؛ فلابد أن يكون لذلك أثره المبرهن على صدقه، ليكون عونًا على تغيير ما بأنفسنا حتى يغير الله ما بنا، وذلك يكون بأن:

نجدد بتكرار هذا التهليل والتكبير؛ إفراد الله بالألوهية والربوبية وحقوقهما :

- {قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} [الأنعام: 164].

- {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ ۗ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ ۖ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [الأنعام: 14].

- {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ} [الزمر: 64].

وأن نجدد به تعظيمنا لأمر الله ونهيه سمعًا وطاعة :

- {وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة 285].

- {إنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [ النور:51 ].

  وأن نجدد بالتهليل وبالتكبير قبولنا وانقيادنا بعد السماع :

- {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} [الأنفال /24].

وأن نجدد ونجرِّد لله الوحدانية باعتقاد كل كمال فيه، مع كمال التنزيه:

- {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى:11].

أن نجد بالتكبير والتوحيد تعظيمنا لشريعة وتحاكمنا لها دون غيرها:

- {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيم} [الحجرات:1].

- {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا} [الأحزاب: 36].

- {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا...} [النساء :65].

 أن يكون تكبيرنا وتهليلنا لله تعظيمًا لشعائره و وقوفًا عند حُرماته :

- {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج:32] ... {ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ}  [الحج/30] .

وبقدر إحياء هذه المعاني في تهليلنا وتكبيرنا في عشرنا وأعيادنا وكل أيامنا – أفرادًا وجماعات ومجتمعات - يحيي الله قلوبنا ويغير ما بنا.. {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ}  [الرعد:11].