وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ
أبو الهيثم محمد درويش
{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ (69) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ (70) قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ (71) قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (72) أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (73) قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ(74) قَالَ أَفَرَأَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ (75) أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (76) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (77) الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82)} [ الشعراء]
- التصنيفات: التفسير -
أمر من صاحب الأمر إلى رسوله البشري الخاتم في آخر رسالات السماء إلى الأرض بتذكيرهم الدائم بأنباء من سبقوهم من فريقي البشر المتقابلين إلى قيام الساعة .
هذا إبراهيم أحد الخمسة الكبار من أولي العزم يخاطب قومة بحجة بليغة إذ ينسف لهم معتقدهم الفاسد و يوضح فساده البديهي حين يذكرهم بأن معبوداتهم لا تسمعهم حين حاجتهم إياها و لا تنفعهم حين ينتظرون نفعها و لا تضر عدوهم أو حتى تملك لهم أدنى تهديد , فأي آلهة هذه التي لا يرتجى منها أدنى رجاء؟
ثم وقف وقفة الحازم و أعلن بكل استعلاء براءته من معبوداتهم و ولاءه المطلق لله رب العالمين الذي يهدي العباد و يرسل الرسل برسالاته ليضمن لهم السلامة في الدارين و الذي يطعم و يشفي و يملك النفع و الضر و الذي يملك الإحياء و الإماتة و الذي يملك الآخرة و نعيمها , ويكفي أنه الخالق و صاحب الصنعة و مالكنا و مالك الكون بمخلوقاته العلوية و السفلية .
{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ (69) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ (70) قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ (71) قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (72) أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (73) قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ(74) قَالَ أَفَرَأَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ (75) أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (76) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (77) الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82)} [ الشعراء]
قال السعدي في تفسيره :
" {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ} "
" {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ} "
واقصص على الكافرين - أيها الرسول - خبر إبراهيم حين قال لأبيه وقومه: أي شيء تعبدونه
" {قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ } "
قالوا: نعبد أصنامًا , فنَعْكُف على عبادتها.
" {قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ} "
" {أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ} "
قال إبراهيم منبهًا على فساد مذهبهم: هل يسمعون دعاءكم إذ تدعونهم, أو يقدِّمون لكم نفعًا إذا عبدتموهم , أو يصيبونكم بضر إذا تركتم عبادتهم؟
" {قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ } "
قالوا: لا يكون منهم شيء من ذلك , ولكننا وجدنا آباءنا يعبدونهم, فقلَّدناهم فيما كانوا يفعلون.
" {قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ} "
" {أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ } "
" {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ} "
" {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ} "
" {وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ} "
" {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ } "
" { وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ } "
" {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} "
قال إبراهيم: أفأبصرتم بتدبر ما كنتم تعبدون من الأصنام التي لا تسمع ولا تنفع ولا تضر , أنتم وآباؤكم الأقدمون من قبلكم؟ فإن ما تعبدونهم من دون الله أعداء لي , لكن رب العالمين ومالك أمرهم هو وحده الذي أعبده. هو الذي خلقني في أحسن صورة فهو يرشدني إلى مصالح الدنيا والآخرة وهو الذي ينعم عليَّ بالطعام والشراب , وإذا أصابني مرض فهو الذي يَشْفيني ويعافيني منه , وهو الذي يميتني في الدنيا بقبض روحي, ثم يحييني يوم القيامة, لا يقدر على ذلك أحد سواه, والذي أطمع أن يتجاوز عن ذنبي يوم الجزاء.
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن