عن إبراهيم وآل إبراهيم.. (1)
مدحت القصراوي
إن مجرد وجودنا في الحياة يفرض مسؤولية ضخمة، إن لنا في الوجود دورا، واليوم العظيم قادم ولا بد من تقرير المصير وحمل الزاد امتلاك الرؤية واتخاذ القرار وشحذ الإرادة.. على طريق إبراهيم وآل إبراهيم.
- التصنيفات: التاريخ والقصص - قصص الأنبياء -
(1) كن شخصية عظيمة..
لم يكن إبراهيم شخصية سطحية أو إمعية، وإلا لما كان إبراهيم..
لم يقتنع بما عليه الجموع بل كانت له رؤيته ويقينه، وبحثه عن هذا اليقين الفطري البدهي بأدلة قاطعة..
بل وناظر على هذا اليقين وهذه العقيدة..
لم يكن إبراهيم صاحب رؤية يكتفي بها وحسب، بل كان صاحب إرادة وصاحب موقف ومواجهة.
لقد واجه أباه وقومه بحقيقة ما هم عليه فلم يسمّ معبوداتهم آلهة، بل سماها بحقيقتها (أصناما، وتماثيل) ثم قال كيف تتخذ هذه الحقيقة الباطلة المرذولة آلهة {أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً} ثم يقرر بلا تلعثم {إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ}، وكذا يواجه قومه {مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ} ثم يقرر أيضا بلا تلعثم {لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} .
إنهم يراهم قومه، ويرى أوضاعهم، ويرى معبوداتهم، على حقيقتهم عرايا عن الحق موغلين في الضلال..
ثم إنه لا يكتفي أنه علم الحق؛ بل سعى الى المواجهة والتغيير والصدع بالحق وتكسير الأصنام وهدم التماثيل برمزيتها وما فوقها من أوضاع اجتماعية وسياسية واقتصادية، وإنزال الهزيمة بهم حتى وصل بهم الى الحالة التي أقروا فيها بسفاهتهم {فَرَجَعُوا إِلَىٰ أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ}..
ولا عليه أن تمادوا أو عاندوا بعدها؛ فقد عرّاهم وكشف زيفهم وأبقى إقرارهم حجة عليهم الى يوم القيامة.. نقرؤه نحن الى هذه اللحظة!
أما أنا وأنت بعد إبراهيم فاعلم أنك لن تصنع شيئا لو كنت شخصية مائعة أو تافهة أو سطحية تسير بين الجموع باحثا عن دفء العدد ولو على الباطل بدون تفكير.. لن تصنع شيئا لنفسك، ولا لأمتك، ولا لآخرتك إن سمعت الكذب فصدقته وخوطبت بالباطل فاستجبت له.
لا نجاة يوم القيامة إلا بالإحساس العميق بالمسؤولية، مسؤولية العقيدة والموقف.
ولن تقدم لأمتك شيئا ما دمت مترددا تعيش على هوامش الأحداث وترضى بالخطاب الكاذب وتخدع نفسك.
إن مجرد وجودنا في الحياة يفرض مسؤولية ضخمة، إن لنا في الوجود دورا، واليوم العظيم قادم ولا بد من تقرير المصير وحمل الزاد امتلاك الرؤية واتخاذ القرار وشحذ الإرادة.. على طريق إبراهيم وآل إبراهيم..