ثرثرة بالعلم أم عمل و خشية ؟
أبو الهيثم محمد درويش
و غالباً ما تقع المشاحنات و المجادلات و تدخل الأمة في دوامة المراء و الاختلاف بسبب دفاع هؤلاء عن ذواتهم و حبهم للظهور و إعلاء شأن أنفسهم و محاولة استلام دفة الأمور و صرف وجوه الناس إليهم .
- التصنيفات: الدعوة إلى الله -
غالباً ما يخلط الناس بين قاريء جيد أو جامع للأدلة و بين عالم رباني , فمجرد الجمع و الحفظ دون عمل قد يتسبب في شهرة صاحبه خاصة لو كان صاحب موهبة و بلاغة في الإلقاء , و تعم البلوى بأن يحسب هذا على العلماء الربانيين و هو أبعد ما يكون عن التطبيق و العمل بما يقول .
و غالباً ما تقع المشاحنات و المجادلات و تدخل الأمة في دوامة المراء و الاختلاف بسبب دفاع هؤلاء عن ذواتهم و حبهم للظهور و إعلاء شأن أنفسهم و محاولة استلام دفة الأمور و صرف وجوه الناس إليهم .
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه : «لَيْسَ الْعِلْمُ لِلْمَرْءِ بِكَثْرَةِ الرِّوَايَةِ وَلَكِنَّ الْعِلْمَ الْخَشْيَةُ»
فكثرة الرواية تدل على صحة الذاكرة و قوتها بينما الخشية تدل على صحة القلب و سلامته
و كم أوتيت الأمة من قبل منافقين علماء اللسان أصحاب قلوب مداهنة خائنة متكاسلة عن العمل و الخشية .
قال الله تعالى : {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ} [فاطر/28] .
قال شيخ الإسلام عن الآية :
" وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَنْ خَشِيَ اللَّهَ فَهُوَ عَالِمٌ . وَهُوَ حَقٌّ ، وَلا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ عَالِمٍ يَخْشَاهُ " انتهى من ["مجموع الفتاوى" (7/539) ]
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى : (إنما يخشى الله من عباده العلماء) قال : الذين يعلمون أن الله على كل شيء قدير... وقال سعيد بن جبير : الخشية هي التي تحول بينك وبين معصية الله عز وجل . وقال الحسن البصري : العالم من خشي الرحمن بالغيب ، ورغب فيما رغب الله فيه ، وزهد فيما سخط الله فيه ، ثم تلا الحسن : (إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور) .
قال سفيان الثوري عن أبي حيان التيمي عن رجل قال : كان يقال العلماء ثلاثة : عالم بالله عالم بأمر الله ، وعالم بالله ليس بعالم بأمر الله ، وعالم بأمر الله ليس بعالم بالله . فالعالم بالله وبأمر الله : الذي يخشى الله تعالى ويعلم الحدود والفرائض ، والعالم بالله ليس بعالم بأمر الله : الذي يخشى الله ولا يعلم الحدود ولا الفرائض . والعالم بأمر الله ليس العالم بالله : الذي يعلم الحدود والفرائض ولا يخشى الله عز وجل " [ انتهى من تفسير ابن كثير (4/729) باختصار] .
أبو الهيثم