اسم الله الأعظم 1

خالد سعد النجار

قيل: المراد بالاسم الأعظم: كل اسم من أسماء الله تعالى دعا العبد به مستغرقاً بحيث لا يكون في فكره حالتئذ غير الله تعالى، فإن من تأتَّى له ذلك: استجيب له، ونقل معنى هذا عن جعفر الصادق، وعن الجنيد، وعن غيرهما.

  • التصنيفات: التصنيف العام - الذكر والدعاء - الأذكار -

بسم الله الرحمن الرحيم


قال الشيخ عبد الرحمن السعدي –رحمه الله-: "بعض الناس يظن أن الاسم الأعظم من أسماء الله الحسنى لا يعرفه إلا من خصه الله بكرامة خارقة للعادة، وهذا ظن خطأ، فإن الله تبارك وتعالى حثنا على معرفة أسمائه وصفاته، وأثنى على من عرفها، وتفقه فيها، ودعا الله بها دعاء عبادة وتعبد ودعاء مسألة، ولا ريب أنّ الاسم الأعظم منها أولاها بهذا الأمر، فإنه تعالى هو الجواد المطلق الذي لا منتهى لجوده وكرمه، وهو يحب الجود على عباده، ومن أعظم ما جاد به عليهم تعرفه لهم بأسمائه الحسنى وصفاته العليا، فالصواب أنّ الأسماء الحسنى كلها حسنى، وكل واحد منها عظيم، ولكن الاسم الأعظم منها كل اسم مفرد أو مقرون مع غيره إذا دل على جميع صفاته الذاتية والفعلية أو دل على معاني جميع الصفات".

ولقد ورد في شأن «اسم الله الأعظم» مجموعة أحاديث، أشهرها:
-   
عن أبي أمامة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:
« اسْمُ اللَّهِ الأَعظَمُ فِي سُوَرٍ مِنَ القُرآنِ ثَلَاثٍ: فِي البَقَرَةِ وَآلِ عِمرَانَ وَطَهَ». (رواه ابن ماجه، وحسَّنه الألباني في صحيح ابن ماجه).

(سورة البقرة): {اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}

(سورة آل عمران): {اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}

(سورة طه): {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ}

-    عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَالِسًا وَرَجُلٌ يُصَلِّي ثُمَّ دَعَا: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْمَنَّانُ بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ»، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدْ دَعَا اللَّهَ بِاسْمِهِ الْعَظِيمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ، وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى» (رواه أبو داود، وصححه الألباني في صحيح أبي داود).


-    عن بُرَيْدَةَ بنِ الحُصَيْب -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ"، فَقَالَ: « لَقَدْ سَأَلْتَ اللَّهَ بِالِاسْمِ الَّذِي إِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى وَإِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ» (رواه أبو داود، وصححه الألباني في صحيح أبي داود).. قال الحافظ ابن حجر –رحمه الله-: وهو أرجح من حيث السند من جميع ما ورد في ذلك.

-    عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ}، وَفَاتِحَةِ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ {الم. اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ. (رواه الترمذي (3478) [والحديث ضعيف، فيه عبيد الله بن أبي زياد، وشهر بن حوشب، وكلاهما ضعيف).

واختلف أهل العلم في «اسم الله الأعظم» من حيث وجوده على أقوال:

[القول الأول]:

من أنكر وجوده أصلاً! لاعتقادهم بعدم تفضيل اسم من أسماء الله تعالى على آخر، وقد تأول هؤلاء الأحاديث الواردة السابقة فحملوها على وجوه:

«الوجه الأول»: من قال بأن معنى "الأعظم" هو "العظيم" وأنه لا تفاضل بين أسماء الله تعالى.

قال الحافظ ابن حجر: وقد أنكره قوم كأبي جعفر الطبري وأبي الحسن الأشعري وجماعة بعدهما كأبي حاتم بن حبان والقاضي أبي بكر الباقلاني فقالوا: لا يجوز تفضيل بعض الأسماء على بعض، ونسب ذلك بعضُهم لمالك؛ لكراهيته أن تعاد سورة أو تردد دون غيرها من السور لئلا يُظن أن بعض القرآن أفضل من بعض فيؤذن ذلك باعتقاد نقصان المفضول عن الأفضل، وحملوا ما ورد من ذلك على أن المراد بالأعظم: العظيم، وأن أسماء الله كلها عظيمة، وعبارة أبي جعفر الطبري: "اختلفت الآثار في تعيين الاسم الأعظم والذي عندي: أن الأقوال كلها صحيحة إذ لم يرد في خبر منها أنه الاسم الأعظم، ولا شيء أعظم منه"، فكأنه يقول: كل اسم من أسمائه تعالى يجوز وصفه بكونه أعظم، فيرجع إلى معنى عظيم كما تقدم.

«الوجه الثاني»: أن المراد بالأحاديث السابقة بيان مزيد ثواب من دعا بذلك الاسم.

قال الحافظ ابن حجر: وقال ابن حبان: الأعظمية الواردة في الأخبار: إنما يراد بها مزيد ثواب الداعي بذلك، كما أطلق ذلك في القرآن، والمراد به: مزيد ثواب القارئ.

«الوجه الثالث»: أن المراد بالاسم الأعظم حالة يكون عليها الداعي، وهي تشمل كل من دعا الله تعالى بأي اسم من أسمائه، إن كان على تلك الحال.

قال الحافظ ابن حجر: وقيل: المراد بالاسم الأعظم: كل اسم من أسماء الله تعالى دعا العبد به مستغرقاً بحيث لا يكون في فكره حالتئذ غير الله تعالى، فإن من تأتَّى له ذلك: استجيب له، ونقل معنى هذا عن جعفر الصادق، وعن الجنيد، وعن غيرهما.

[القول الثاني]: من قال بأن الله تعالى قد استأثر بعلم تحديد اسمه الأعظم، وأنه لم يُطلع عليه أحداً من خلقه.. قال الحافظ ابن حجر: وقال آخرون: استأثر الله تعالى بعلم الاسم الأعظم ولم يطلع عليه أحداً من خلقه.