(13) وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله
محمد علي يوسف
أظن أن هذا الشخص الذي يدرك حقيقة أخطائه وبالتالي مدى احتياجه للاستغفار عموما واستغفار النبي صلى الله عليه وسلم خصوصا = أظن أنه سيجد هذا العرض باستغفار النبي له فرصة لا تعوض ولا يمكن رفضها فماذا لو رفضها؟! ، وماذا لو أنه لم يكتف بالرفض بل أساء الأدب في مقابلة هذا العرض الكريم فلوّى رأسه متعجرفا، وصدَّ متعجرفا وأعرض ونأى بجانبه؟
- التصنيفات: التصنيف العام - قضايا إسلامية -
الشخص السوي يدرك حقيقة كونه لا محالة سيخطيء وسيزل أحيانا الشخص السوي يفهم عموم وصف النبي صلى الله عليه وسلم لابن آدم بالخطّاء وبالتالي يعرف قيمة الاستغفار وأهميته تخيل لو أن هذا الشخص عُرض عليه أن يستغفر له أحد الصالحين ممن يُرتجى إجابة دعائهم بل تخيل أن يكون العرض = استغفار من لا يُرَد دعاؤه أن يكون استغفار نبي! بل خاتم النبيين وإمام المرسلين وسيد ولد آدم أجمعين استغفار النبي محمد صلى الله عليه.
أظن أن هذا الشخص الذي يدرك حقيقة أخطائه وبالتالي مدى احتياجه للاستغفار عموما واستغفار النبي صلى الله عليه وسلم خصوصا = أظن أنه سيجد هذا العرض باستغفار النبي له فرصة لا تعوض ولا يمكن رفضهافماذا لو رفضها؟! ، وماذا لو أنه لم يكتف بالرفض بل أساء الأدب في مقابلة هذا العرض الكريم فلوّى رأسه متعجرفا، وصدَّ متعجرفا وأعرض ونأى بجانبه؟
هكذا كان رد فعل المنافقين تجاه هذه الفرصة وفي مقابلة هذا الكرم {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ} [المنافقون 5] إنها علامة أخرى فاضحة ومحك فاصل يتكرر معه نفس اللفظ ... الرؤية..
سترى رد فعل المنافق وستعرفه حين يقابل أي شيء يمت للنبي بصلة في حياته عُرض عليهم هذا العرض السخي بتمامه، وبعد وفاته يظل العرض قائما بمقتضياته في حياته كان مستعدا أن يقبل اعتذاركم ويرحب بعودتكم بل ويطلب لكم المغفرة من مولاه، وبعد وفاته دونكم سنته وسبيله وبين يديكم إرثه وتركته من سار عليها وقبلها واقتفى أثرها واتبعها = نجى وأفلح واستحق شفاعته الأخروية وإن لم يدرك استغفاره الدنيوي لكن الإجابة كانت دوما من ذلك الصنف واحدة.. الإعراض والصد والاستكبار رفض كل ما له صلة بالنبي صلى الله عليه وسلم بل والتطاول عليه وإيذاؤه {وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ ۚ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ ۚ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}. [سورة التوبة 61].
يؤذون من؟ ... يؤذون من يهديهم بإذن ربهم إلى صرط مستقيم يؤذون من يشفق عليهم ويريد لهم الخير ويود أن يستغفر لهم بعد أن قبل أعذارهم وأذن لهم يؤذونه ويتطاولون عليه ويبلغ بهم انحطاطهم ألا يكتفوا بالإعراض عن استغفاره ورفض كرمه وحرصه؛ بل يقابلوا كل ذلك بالمزيد من الصلف والسفه {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ ۚ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [ المنافقون 8].
نعم والله لا يعلمون لا يعرفون مقامه ولا يوقرونه ولا يقدرونه حق قدره حيا وميتا تلك وربي من أظهر البينات الكاشفة لهم علاقتهم بالنبي، وبسنة النبي، والسبب واضح جلي إنه حامل الرسالة، وإن سنته لهي تفاصليها وأجزاؤها ولبنات بنائها، وهم في قرارة أنفسهم أعداء تلك الرسالة بمجملها وتفصيلها وبالتالي لا يطيقون خضوعا لحاملها ولا يحملون توقيرا له، ولا لرسالته؛ لذا لم يقبلوا حتى أن يستغفر لهم لأن مجرد قبولهم ذلك يعني اعترافا بمقامه وخضوعا لقيمته، والمنافق لا يقبل ذلك الاعتراف وإن ادعى خلافه فإن عداوته للنبي ولسنة النبي لابد ستظهر في النهاية وسيُعرف بها ويفتضح بكلام يدل عليها، وسيُرى بآثارها كما وعد ربنا..