خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ

أبو الهيثم محمد درويش

{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ * يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ * ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ * ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ}  [السجدة 4 - 9]

  • التصنيفات: التفسير -

ألا يستحق العبادة و الشكر وحده و المسارعة في تلبية أوامره و المبادرة في الانتهاء عن زواجره و هو من له تلك الفعال :

• خلق السماوات و الأرض و ما بينهما ثم علا و ارتفع على عرشه.

• يدبر أمور الخلائق كبيرها و صغيرها ثم يعرج إليه في يوم مقادره ألف عام مما يعد البشر و هو بالنسبة إليه ليس بشيء.

• عالم الغيب وحده كما أنه عالم الحال و الشهادة .

• أحسن كل شيء خلقه و أحسن إلى كل مخلوقاته بوجوه الإحسان المختلفة .

• بدأ خلق الإنسان من طين حين خلق آدم , ثم جعل ذرية آدم من ماء مهين يستقر في الأرحام ثم يستوي على عين الله و قدرته و تدبيره ثم يأمر تعالى بنفخ الروح فيستوي بشراً كاملاً متطلعا شتى التطلعات سميعا بصيراً مدركاً لما حوله , ثم بعد كل هذا:القليل من يشكر و القليل من يؤمن .

 

{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ * يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ * ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ * ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ}  [السجدة 4 - 9]

قال السعدي في تفسيره :

يخبر تعالى عن كمال قدرته بخلق { {السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ } } أولها، يوم الأحد، وآخرها الجمعة، مع قدرته على خلقها بلحظة، ولكنه تعالى رفيق حكيم.

{ {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} } الذي هو سقف المخلوقات، استواء يليق بجلاله.

{ {مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ} } يتولاكم، في أموركم، فينفعكم { {وَلَا شَفِيع } } يشفع لكم، إن توجه عليكم العقاب.

{ {أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ } } فتعلمون أن خالق الأرض والسماوات، المستوي على العرش العظيم، الذي انفرد بتدبيركم، وتوليكم، وله الشفاعة كلها، هو المستحق لجميع أنواع العبادة.

{ {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ} } القدري والأمر الشرعي، الجميع هو المتفرد بتدبيره، نازلة تلك التدابير من عند المليك القدير { { مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ} } فَيُسْعِدُ بها ويُشْقِي، ويُغْنِي ويُفْقِرُ، ويُعِزُّ، ويُذِلُّ، ويُكرِمُ، ويُهِينُ، ويرفع أقوامًا، ويضع آخرين، ويُنزِّل الأرزاق.

{ {ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ} } أي: الأمر ينزل من عنده، ويعرج إليه { {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ } } وهو يعرج إليه، ويصله في لحظة.

{ {ذَلِكَ} } الذي خلق تلك المخلوقات العظيمة، الذي استوى على العرش العظيم، وانفرد بالتدابير في المملكة، { {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ } } فبسعة علمه، وكمال عزته، وعموم رحمته، أوجدها، وأودع فيها، من المنافع ما أودع، ولم يعسر عليه تدبيرها.

{ {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ } } أي: كل مخلوق خلقه اللّه، فإن اللّه أحسن خلقه، وخلقه خلقًا يليق به، ويوافقه، فهذا عام.

ثم خص الآدمي لشرفه وفضله فقال: { {وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ} } وذلك بخلق آدم عليه السلام، أبي البشر.

{ {ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ} } أي: ذرية آدم ناشئة { {مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} } وهو النطفة المستقذرة الضعيفة.

{ {ثُمَّ سَوَّاهُ} } بلحمه، وأعضائه، وأعصابه، وعروقه، وأحسن خلقته، ووضع كل عضو منه، بالمحل الذي لا يليق به غيره، { {وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ } } بأن أرسل إليه الملك، فينفخ فيه الروح، فيعود

بإذن اللّه، حيوانا، بعد أن كان جمادًا.

{ {وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ } } أي: ما زال يعطيكم من المنافع شيئًا فشيئا، حتى أعطاكم السمع والأبصار { {وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ} } الذي خلقكم وصوركم.

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن