تجنب الطريق السقيمة التي تؤدي إلى نفوس غير سويّة ولا سليمة (4)
أم هانئ
- التصنيفات: التصنيف العام - قضايا الزواج والعلاقات الأسرية -
(4)- ما أعيب عليه دينا ولا خلقَا ولكني أبغضه..!!
في صحيح البخاري عن ابن عباس أن امرأة ثابت بن قيس بن شماس أتت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت يا رسول الله، ثابت بن قيس، ما أعيب عليه فِي خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر فِي الإسلام، فقال رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - «تردين عليه حديقته؟» قالت: نعم. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «اقبل الحديقة وطلقها تطليقة واحدة» (صحيح البخاري/ الطلاق/ 5273).
كلمة قالتها امرأة لنبيها؛ تبرر طلاقها من زوجها. فهل اكتفى رسولنا - صلى الله عليه وسلم- بها؟
- نعم، واستجاب في الحال لرجائها، لم يطالبها بمزيد تفاصيل، ولا سألها مزيدًا من التروي والتفكير!!
ولا عارض الزوج حكم النبي، ولا رماها بمخالفة الصراط السوي! ولا بادلها القول بالبغض، ولا تنقصها أمام أحد!! وردت عليه حديقته، فنالت جميل فرقته، فكانت معاشرة بمعروف أصيل، وأداءً بإحسان نبيل، وتسريحًا بخلق جميل!!
فأين هذا الخلق الرفيع، مما نفعل من تشنيع!! فلابد عندنا-إلا من رحمه ربنا- من الخوض، والتعرض للعرض، والتنقص وسوء الفرض، وأن يسمع بهما ساكنو الأرض،فلا وفاء ولا فضل، ولاإحسان ولاعقل، ولابد من تفاصيل التفاصيل والمزيد من التضخيم الكبير، واختلاط القال بالقيل، والخفيف يشبه الثقيل، وظلم يعم الكبير والصغير، وفساد في النفوس مع الافتراء الذي يصل إلى عنان السماء، ولابد من ظالم ومظلوم، وذئب جائر وحمل مكلوم، فلا يصح عندهم إلا هذا مع مزيد من كيف؟ ومتى؟ وأين؟ ولماذا؟!
فلا يقبلون بعذر كعذر الصحابية، ولاتسريح عندهم بكلمة رضية، فالتسريح عندهم لا يكون بإحسان أبد الدهر، وكلا الطرفين متمسك بالمهر!! فالفائز هو الأكثر في الظلم، يغتاب صاحبه ويزيد في النم، يتباريان الرمي بالسهم، يكفران النعم، يظهران النقم، يتناسيان كل معروف، يتبادلان كل متلوف، يدهسان الصغار، كمن عميا بالغبار، فساد ذات بينهم حلقت -لا نقول رأسهم- بل دينهم ودين غيرهم.
ألا هل من مخبر لهم: القيامة موعدهم وصغارهم.