له دعوة الحق

أحمد كمال قاسم

الانتفاع بمخلوقات الله هو أمر لا حرج فيه، لكن في السبيل السليم التي خلق الله مخلوقاته من أجلها وللأغراض النافعة.

  • التصنيفات: التصنيف العام - الطريق إلى الله -
له دعوة الحق

{لَهُ دَعوَةُ الحَقِّ وَالَّذينَ يَدعونَ مِن دونِهِ لا يَستَجيبونَ لَهُم بِشَيءٍ إِلّا كَباسِطِ كَفَّيهِ إِلَى الماءِ لِيَبلُغَ فاهُ وَما هُوَ بِبالِغِهِ وَما دُعاءُ الكافِرينَ إِلّا في ضَلالٍ} [الرعد: ١٤].


الذي يدعو غير الله - متوهما فيمن يدعو حولًا وقوةً مستقلتين عن حول الله وقوته - يرتكب عدة حماقات، وقد أوضح الله حماقاته في المثال الذي أعطاه في الآية:


1- فهو قد سلك طريقا موهوما لمجرد أنه أوضح لحواسه، وذلك كمن ينظر في الماء فيرى فمه فيحاول أن يصل لفمه عن طريق الماء لمجرد رؤيته لصورة فمه، مع أن فمه هو بالفعل جزء من وجهه وهو يعلم طريقه جيدًا وإن لم يره. فمن الحماقة ترك اليقين من أجل وهم لمجرد أن الوهم أضحى أظهر للحواس من اليقين.


2- عندما مد يده إلى الماء لم يقصد الفائدة التي خلقها الله للماء وهي استعمالها للشرب أو الطهارة مثلا، لكنه قصد شيئا آخر لا يمكن للماء تحقيقه، وهو أن يلمس فمه من خلاله سطحه


وفي هذا توضيح أن الانتفاع بمخلوقات الله هو أمر لا حرج فيه، لكن في السبيل السليم التي خلق الله مخلوقاته من أجلها وللأغراض النافعة. فطلب المساعدة مثلا من صديق جائز لكن بأن تعلم أن ما تطلبه منه ليس حقيقة الرزق أو التوفيق، بل ما تطلبه منه هي المساعدة المادية التي رزقك الله بها من خلال الصديق، وإلا فإنك لو توهمت انه مصدر الرزق فقد ارتكبت خطأ من مد يده إلى الماء ليلمس فمه. لكنك إن فقهت أن الله هو من خلق صديقك وخلق مساعدته لك فإنك بذلك كأنك مددت يدك إلى ما خلق الله من ماء لتشرب أو لتتطهر، وليس لتبلغ فاك!