لا يمكن تكرار مجزرة حماة.. النظام يكرر أكاذيب القذافي وغيره
محمد العبدة
حول مستقبل الثورة السورية وانتفاضة الشعب السوري في معظم المدن
والبلدات، كان يتوجب علينا استكشاف آفاق نجاح تحرك الشعب الثوري نحو
الحرية؛ فكان هذا اللقاء مع الكاتب والمفكر السوري البارز د.محمد
العبدة الذي شدد على سلمية الثورة...
- التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -
حول مستقبل الثورة السورية وانتفاضة الشعب السوري في معظم المدن
والبلدات، كان يتوجب علينا استكشاف آفاق نجاح تحرك الشعب الثوري نحو
الحرية؛ فكان هذا اللقاء مع الكاتب والمفكر السوري البارز د.محمد
العبدة الذي شدد على سلمية الثورة، والدوافع التي حفزت السوريين
للقيام بها، فكان هذا الحوار:
بعد مجزرة درعا، أي أفق ترونه للثورة السورية؟
قبل أن نتكلم على درعا أو الثورة السورية لابد أن نذكر أن الشعب
السوري عاش تحت الحكم الاستبدادي الديكتاتوري مدة طويلة جداً تبدأ من
عام 1963م (48 سنة تقريباً) تحت قانون الطوارئ وهي أحكام استثنائية
عسكرية، وإذا كانت الشعوب العربية عموماً قد ضاقت ذرعاً إزاء هذا
الاستبداد الطويل الذي ران عليها، وتحررت شعوب عربية بالفعل منه مثل
تونس ومصر؛ فمن الطبيعي أن الشعب السوري يتحرك بدوره للمطالبة بحقوقه،
وهي حقوق مشروعة قطعا، وهي الحرية للإنسان، وإلغاء القوانين الظالمة،
ومنها القوانين الاستثنائية كقانون الطوارئ وغيره، وترك الحرية للناس
في التعبير على أنفسهم؛ فهذا لابد أن نتكلم بداية عن هذا الموضوع ثم
نتكلم عن ما حصل في درعا تلك المدينة الباسلة.
ما شاهدناه في درعا الباسلة من شجاعة أهلها يؤكد حيوية الثورة
السورية، لكن من الطبيعي أن هذه الثورة لا يمكن أن تنجح إلا إذا ساندت
المدن الأخرى درعا في هذا، وليس فقط المدن ولكن كل المناطق السورية.
وبالطبع فإنه لا توجد منطقة المناطق إلا وقد أصابها ظلم اقتصادي أو
استلاب حريات أو ظلم من قمع الحريات هذا حاصل في كل المناطق؛ فالأمر
مرهون بالاستمرار وفي توسع نطاقها ليشمل كل المناطق السورية في المدن
والريف.
دكتور هل أنتم متفائلون بشأن هذه الانتفاضة ضد النظام وبأنها ستحقق
نتائجها؟
هو التفاؤل يأتي عندما تتحقق بعض الأشياء التي هي مطلوبة: أولاً أن
تكون سلمية ولا تتحول إلى حرب أو قتال وهذا طبعاً أحياناً ما تريده
الأنظمة. تتمنى الأنظمة أن تتحول هذه المعارضة أو هذه الاعتراضات
السلمية تتحول إلى قضية سلاح؛ فعندئذ سيقولون نحن نقاوم عصابات إلخ
الكلام الذي يقولونه؛ لكن حينما تكون سلمية فعلاً وتستمر في المطالبة
بحقوقها التي هي حقوق مشروعة وحقوق طبيعية خاصة قضية حرية الفرد،
الإنسان، حرية المسلم، كرامة المسلم، القضاء المستقل بحيث يستطيع
السوري أن يأخذ حقه، فمن الطبيعي أن تنجح إذا كان الشعب عنده هذا
النفس ويعرف مطالبه أنها مطالب صحيحة، وثانياً أن تكون مستمرة وشاملة
للمدن والبلدات السورية؛ فبإذن الله نكون متفائلين.
هل ترون أن الظرف مختلف بما لا يسمح لارتكاب مجازر ذات عدد كبير من
الضحايا في سورية؟
نعم الظرف مختلف؛ فالنظام ارتكب مجزرة في حماة عام 1982م وقبلها
مجزرة في سجن تَدْمُر حيث قُتل حسب الإحصاءات شبة الرسمية لا يقل عن
20 ألف شاب من السجناء في تَدْمُر ولم يكن هناك يومها محطات تتابع،
ولم تكن التكنولوجيا الحديثة والإنترنت والفيسبوك إلخ؛ فلا شك أنه
الآن لا يستطيع النظام أن يرتكب مجازر مثل المجازر التي ارتكبها في
عام 81، وأمامه الأنظمة التي تخشى من الأمم المتحدة التي تتدخل الآن
أحياناً في حماية المدنيين كما في ليبيا؛، فنعم الظرف مختلف.
لوحظ أن الأسلحة والأموال التي قالت السلطات السورية إنها عثرت عليها
في المسجد العمري بدرعا عند اقتحامه حديثة جداً وتبدو وقد خرجت للتو
من صناديق جديدة هل يعزز ذلك الرواية السورية أو يدحضها وبالنظر إلى
معاصرتكم لأحداث حماة القديمة هل ترون أن النظام مصر على استنساخ
تجربة الأب والعم؟
قضية السلاح هذه قديمة، ومثل هذه الحيل معروفة من الأنظمة
الاستبدادية، فالقذافي مثلاً يتهم معارضيه بأشياء غريبة جداً ليس لها
أي أثر في الواقع؛ فالذين خرجوا عليه وعلى نظامه هم من وزرائه ومن
سفرائه وهو يتهم أن القاعدة وراء ذلك وهم من وزرائه وسفرائه!! فقضية
الاتهام هكذا تلفيق أو شيء من هذا القبيل. واتهام آخرين أو اتهام جهات
أجنبية هذه أصبحت معروفة مكررة، والناس لا يقبلونها، ولا أحد يصدق
ذلك، كما لو أن أهل درعا مجهزين بالأسلحة أو أن أهل درعا كانوا أصلا
مصممين على الثورة! أبدا، أهل درعا قاموا لما السلطة الدولة اعتقلت ـ
كما سمعت ـ 40 من الأطفال الذين كتبوا أن الشعب يريد إسقاط النظام؛
فأخذوا أطفالاً للسجون فعندئذ قامت في درعا؛ فالقضية لا تخرج عن كونها
تلفيقاً.
الأنباء التي وردت أو التي أذيعت عن وصول خمسة آلاف من حزب الله
لمعاونة السلطات على قمع الثورة وأخرى عن دخول البسيج عبر السفينتين
اللتين كانتا عبرتا قناة السويس قبل أسابيع وثالثة عن تفهم تل أبيب
لوجود مدرعات بالقرب من الحدود السورية الفلسطينية لقمع الثوار. ما
تعليقكم؟
هذا الخبر يحتاج إلى تأكد ومعلومات تسمح للمرء أن يتكلم في هذا
الموضوع، نعم سمعت هذا لكن إن لم يكن معاينة وشهود رأوا مثلاً وجود
إيرانيين بين المعتدين على الأهالي، وأنا أظن أن النظام السوري لديه
من الشرطة ورجال الأمن ما يكفيه لكي يقمع مدينة مثل درعا، أما تفهم تل
أبيب فمعروف أن العلاقات بين النظام السوري وتل أبيب ليست سيئة، وأن
النظام في سوريا لم يقاتل "إسرائيل" منذ أربعين سنة؛ فطبيعي أن تتفهم
"إسرائيل" وجود هذه المدرعات ولا تقلق منها، لأنه لا يوجد قتال أصلاً
بعد الحدود بين سورية و"إسرائيل".
رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان قال إن هناك تواطؤاً سياسياً
وإعلامياً عربياً مع النظام السوري هل تشاطرونه الرأي؟
هناك طبعاً جهات إعلامية لا شك كل الفترة السابقة كانت متواطئة ولا
تنشر أي خبر عن ما يُفعل مثلا بسورية مثلاً سجن صيدنايا أو سجن تَدمر
قبله أو غيره وربما أيضاً الآن بدأوا يميلون إلى ذكر الأخبار تحت ضغط
الواقع والنقد، فعلا لقد كان هناك تواطؤ، فلا أحد ينشر عما يحصل في
سورية قبل الأحداث الأخيرة، وحتى الآن لدى البعض من القنوات أو الصحف،
هذا صحيح كان هناك تواطؤ، أما الآن فقد بدأت بعض القنوات تتراجع وتنشر
أخباراً عن سورية، فالفكرة في الأصل صحيحة نعم. لماذا هذا؟ لماذا هذا
السكوت عما يحدث في سورية من ظلم وسجون واعتقال للمعارضين مثلاً؟ هذا
أمر يطول، لكن المؤكد أن يحصل بالفعل، فحتى الصحف الأجنبية كانت تسكت
عن هذا.
هل تعتقدون أن الشباب السوري بحاجة إلى دعم من العلماء والهيئات
الإسلامية أم أن ذلك قد يأتي بأثر سلبي بالنظر إلى فعالية الدعاية
النظامية المضادة؟
أنا أعتقد أنهم بحاجة ماسة إلى دعم العلماء والهيئات الإسلامية ودعم
المثقفين أيضاً ، فيجب أن يبين المثقفون من أطباء ومهندسين ومحامين
وغير ذلك وكذلك علماء الدين أن يبينوا موقفهم من هذا فيبينوا موقفهم
أنهم ضد الظلم، وأنه لابد للشعب أن يأخذ حقوقه، ولابد أن يُعطى
الحرية، ولابد أن تُغلق السجون، لابد لهذه القوانين السيئة والمحاكمات
العسكرية وحكم الحزب الواحد إلخ أن تزول؛ فلا شك أن الشعب بحاجة شديدة
وخاصة الشباب أعتقد أنهم بحاجة شديدة إلى دعم العلماء فهذا يعطيهم قوة
للاستمرار في المطالبة بحقوقهم.
هل من كلمة أخيرة توجهونها للأطراف المختلفة؟
أعتقد أن الإنسان العربي المسلم في المنطقة العربية قد ظُلم كثيراً،
وله الحق في أن يعبر عن نفسه، وعن شخصيته، ألا يظلمه أحد، ألا يُعتقل
ظلماً، ألا يكون هناك إرهاب من نظامه، ويشعر أنه دائماً خائف، يجب أن
يشعر المسلم العربي في أي مكان بالأمن والأمان، وتختفي الاعتقالات
التعسفية والاعتقال بدون ذنب ولا تحقيق ولا محاكمات ولا قضاء مستقل،
من حق الإنسان العربي المسلم أن يعيش في أمن، الله سبحانه وتعالى
مَنَّ على قريش قبل الإسلام بأنه أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف، هذه
قضية الأمن هي نعمة كبيرة جداً لماذا لا يستحقها الإنسان العربي في
نظر أنظمته، لماذا يبقى يعيش في خوف من أي كلمة يقولها حتى لو كانت
مثلاً عند الآباء والأمهات! إذا تكلم أحد يقولون له إنه للحيطان آذان،
يعني لا تتكلم؛ فهذه ثقافة عجيبة، فمن حق الإنسان أن يعيش عيشة كريمة،
يعيش حراً. إن نهب الأموال قد اكتشف في تونس وليبيا ومصر لابد أن
يتوقف، فهذه أموال الناس، الشعوب، الأمة.
نشكر د. محمد العبدة على إتاحة هذه الفرصة للحديث عن الأوضاع في
سوريا وبارك الله فيكم.
22/4/1432 هـ