(24) حكم اللاهين من أطفال المسلمين وأطفال المشركين

محمود العشري

الصواب أن يُقال فيهم: الله أعلم بما كانوا عاملين، ولا يُحكم لمعيَّن منهم بجنة ولا نار، وقد جاء في عدَّة أحاديث أنهم يوم القيامة في عرصات القيامة يُؤمرون ويُنهَوْن، فمَن أطاع دخل الجنة، ومن عصى دخل النار، وهذا هو الذي ذكَره أبو الحسن الأشعري عن أهل السنة والجماعة".

  • التصنيفات: العقيدة الإسلامية - التوحيد وأنواعه -
(24) حكم اللاهين من أطفال المسلمين وأطفال المشركين

هذه المسألة من أمهات المسائل التي تناولها أهل العلم في بحوثهم، وأنا أَذكرها - إن شاء الله - مبينًا طرفَيها ووسطها؛ ليتَّضح فيها الحق بدليله، والله الموفِّق والهادي إلى سواء السبيل.

 

أولاً: ما معنى اللاهين؟!

أقول: إنها مأخوذة من الفعل "لَهِيَ"، فيقال: لهيتُ عن الشيء إذا غفلت عنه، وليست مأخوذة من الفعل لها.

 

والمراد بها: كل طفل دون الحِنْث - البلوغ - فيدخل فيها أطفال المسلمين وأطفال المشركين.

 

وقد وردت هذه اللفظةُ في حديث ضعيف سندًا ومتنًا، وهو ما رواه ابن أبي شيبة عن أنس عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: «سألت ربي ألا يُعذِّب اللاهين من ذرِّية البشر، فأعطانيهم».

 

إن أصل هذه المسألة في الكلام عن الذين لم تبلغْهم الدعوة، وهم أصناف كثيرة، أشهرهم:

• من كان في أماكن نائية؛ كالغابات، وأهل البوادي.

• المجنون.

• الهَرَم.

• الأصمُّ.

• مَن مات قبل الرسالة.

• من مات قبل البلوغ؛ وهم اللاهون.

 

وموضوع هذا البحث - إن شاء الله - هو الكلام عن مصيرهم في الآخِرة؛ فلقد اختلف الناس في هذه المسألة على مذاهبَ كثيرة، وأخصُّ بالذِّكر مسألة أطفال المسلمين وأطفال المُشرِكين، وأخصُّ بالذِّكْر أيضًا أطفال المُشركين، وحكْم هذه المسألة - عِندي - حكم واحد، ويقع وقوعًا مُستويًا على جميع الأصناف السابقة - كما سيأتي إن شاء الله - فمِن الناس مَن قال:

أولاً: إنهم في الجنَّة.

 

ثانيًا: إنهم في النار، قال شيخ الإسلام: "فطائفة من أهل السنَّة وغيرهم قالوا: إنهم كلهم في النار، واختار ذلك القاضي أبو يَعلى وغيره، وذكر أنه منصوص عن أحمد، وهو غلَطٌ على أحمد".

 

ثالثًا: إنهم تحت المشيئة. 

رابعًا: إنهم بين المنزلتَين. 

خامسًا: إنهم خدم أهل الجنَّة.

سادسًا: التوقُّف فيهم.

سابعًا: حُكمهم حُكْم آبائهم.

ثامنا: إنهم يُمتَحنون في الآخِرة.

 

قلتُ: وهذا القول الأخير هو المذهب الحق - إن شاء الله - الذي لا إهمال فيه لأيِّ نصٍّ صحيح؛ فمن اجتاز الامتحان، فهو من أهل الجنة، ومن لم يَجتزْ، فهو من أهل النار.

 

وقال أحمد - رحمه الله -: "لا يختلف فيهم أحد؛ يعني أنهم في الجنة"، قلت: بل ثبَت الخلاف؛ وقد حكاه أبو عُمر بن عبدالبر عن جماعة: "أنهم توقَّفوا فيهم، وأن جميع الولْدان تحت المشيئة"، وممن ذكرهم: حماد بن زيد، وحماد بن سلمة، وابن المبارك، وإسحاق بن راهويه، وأصحاب مالك.

 

والبحث في هذه المسألة يتناول عدة نقاط، أذكرها إجمالاً، ثم آتي عليها بالتوضيح والبيان، والله المستعان:

• ذم الكلام في القدَرِ والولدان.

• لا حُكْم بمجرَّد علم الله -تعالى- السابق؛ إنما الحكْم بعمل العبد.

• التكليف يَنقطِع بدخول دار القرار.

• لا فرق بين أطفال المسلمين وأطفال المشركين.

الشهادة العامة للأطفال بالجنَّة.

• الامتحان في القبر وفي عرصات القيامة.

• تخريج الآيات والأحاديث التي تُوهِم بخلاف ما أُقرِّره، مع ذكْر بعض الأحاديث الضعيفة في المسألة.

 

أولاً: ذمُّ الكلام في القدر والولْدان:

عن جرير بن حازم قال: سمعتُ أبا رجاء العُطاردي يقول - وهو على المنبر -: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يزال أمر هذه الأمة قِوامًا - أو مُقارِبًا - ما لم يتكلموا في الولْدان والقدر))؛ والحديث رواه ابن حبان والحاكم والطبراني في "الكبير" عن ابن عباس.

 

إن الكلام في الدين بغير علم أمرٌ مذموم، وصاحبه مأزور غير مأجور ولو أصاب، والكلام في الدين بغير اجتهاد من أهل العلم أمرٌ مذموم، وصاحبه مأزور غير مأجور ولو أصاب، ولكن ما يترتَّب على المسائل من منافع ومفاسد هو الذي يتحكم في الكلام أو عدمه، ولَمَّا كان الكلام في القدر والولدان يترتَّب عليه مفاسدُ كبيرة؛ تم التنبيه عليهما عينًا.

 

وعليه؛ فمن أراد أن يتكلم في المسألتَين السابقتَين، وما كان في معناهما، وجب عليه مُراعاة حاجة الناس إلى المسألة أولاً، ثم الكلام في المسألة بعلم، والرد على أهل البدع والضَّلال، وأخيرًا الردُّ على من أخطأ.

 

تنبيه: الولدان في الحديث ليسوا هم الولدان في قوله -تعالى-: ﴿ وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ ﴾ [الإنسان: 19]، فهؤلاء قال فيهم شيخ الإسلام: "خَلْق مِن خَلقِ الجنَّة، ليسوا من أبناء الدنيا، بل أبناء الدنيا إذا دخلوا الجنة كملَ خَلقُهم كأهل الجنة على صورة آدم؛ أبناء ثلاث وثلاثين، في طول ستِّين ذِراعًا".

 

ثانيًا: لا حُكمَ بمجرَّد علم الله تعالى السابق؛ إنما الحكم بعمل العبد:

إن الله -تعالى- يعلم ما كان، وما يكون، وما سيكون، وما لم يكن كيف يكون لو كان، وهو - سبحانه - أعدلُ العادلين، وأحكم الحاكمين، ومع كل هذا الجلال والكمال، فإنه لا يَحْكُم على عبده بعِلمه، بل يَحْكُم عليه بإقراره وعمَلِه، والذي يبين ذلك أمور؛ منها:

1- قول الله -تعالى-: ﴿ قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ * قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ * قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ ﴾ [ص: 75 - 77]، ووجْه الاستدلال: أنَّ الله حكَم: ﴿ فَاخْرُجْ ﴾ بعد قول إبليس: ﴿ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ ﴾، والله - عزَّ وجلَّ - يعلم ذلك قبل وقوعه، فهو مَسطور في الكتاب قبل خَلْق السموات والأرض بخمسين ألف سنة.

 

2- قال -تعالى-: ﴿ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ * قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * قَالَ اهْبِطُوا.. ﴾ [الأعراف: 22 - 24]، ووجه الاستدلال: أن الله حكَم ﴿ اهْبِطُوا ﴾ بعد قول آدم وحواء: ﴿ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا ﴾.

 

3- قال -تعالى-: ﴿ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [النمل: 90].

 

4- قال -تعالى-: ﴿ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 49].

 

5- قال -تعالى-: ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 281].

 

6- وقال -تعالى-: ﴿ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ ﴾ [الزخرف: 76].

 

فهذه النصوص تبيِّن أن الثواب والعقاب على العمل، لا على مجرد علم الله تعالى؛ فإن الله - سبحانه - خلَق الكافر وهو في بطن أمّه، وخلق المؤمن وهو في بطن أمّه، فالعبرة بالوجود العيني لا العِلمي ولا الرسميِّ.

 

والذي يوضحه: أن الله -تعالى- جعل الشهود في الآخِرة من الحفَظة والأنبياء والجُلود والمكان وغير ذلك؛ قال -تعالى-: ﴿ وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [فصلت: 21]، وقال: ﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا ﴾ [النساء: 41].

 

والذي يوضِّحه: أن الله -تعالى- أمر نبيَّه -صلى الله عليه وسلم- بأن يَحكُم بالإقرار أو البيِّنة، لا بما عَلِم من حال العِباد؛ قال -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه أبو داود عن ابن عباس: ((البينة، وإلا فحدٌّ في ظهرك))، وقد علَّم النبي -صلى الله عليه وسلم- أمَّتَه أن يحكموا بين الناس بالإقرار أو البينة، فقال: ((البينة على المدعي، واليمين على المدَّعى عليه)).

 

 

ثالثًا: التكليف ينقطع بدخول دار القرار:

اختلف الناس في وقت انقطاع التكليف؛ فمنهم من قال: ينقطع بالموت، ولكن لا توجد نصوص تقوِّي هذا القول، ومنهم من قال: ينقطع بدخول دار القرار؛ فالتكليف بعد الموت له منازل كثيرة، وهذا هو المذهب الحق - إن شاء الله - وقد دلت مجموعة من النصوص على أن التكليف مستمرٌّ في القبر، وفي عرصات يوم القيامة، ومنها:

1- قال -تعالى-: ﴿ يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ * خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ ﴾ [القلم: 42، 43]، ووجه الاستدلال: ﴿ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ ﴾، فهذا في عرصات القيامة، والجزاء من جنس العمل: ﴿ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ ﴾؛ أي: في الدنيا.

 

2- سؤال الملَكَين في البرزخ تكليف؛ فعِند أحمد وأبي داود عن البراء، وعند الترمذي عن أبي هريرة، وعند أحمد والشيخين وأبي داود والنسائي عن أنس، وفيه: ((... أتاه ملَكان، فيُقعِدانه فيقولان له: ما كنتَ تقول في هذا الرجل؟...)).

 

3- حديثُ آخِرِ أهل الجنة دخولاً عند أحمد ومسلم عن ابن مسعود، وعند البخاري ومسلم، وفيه: ((ما أغدرك!))، وهذا الغدر منه هو مُخالَفة العهد الذي أعطاه لربِّه.

 

4- حديث: ((يجمع الله الناس يوم القيامة..))، وهو عند الترمذي عن أبي هريرة، وفيه: ((فيقول: ألا لِيَتبع كل إنسان ما كان يعبد؟..)).

 

• وقد حكى البيهقي عن غير واحد من السلف أن التكليف لا ينقطع إلا بدخول دار القرار.

 

قلت: وقد قال ابن تيمية - رحمه الله - بهذا القول: "إنما ينقطع التكليف إذا دخلوا دار الجزاء؛ الجنة أو النار".

 

رابعًا: لا فرق بين أطفال المسلمين وأطفال المشركين:

فحُكم أطفال المسلمين لا يَختلف عن حُكم أطفال المشركين، وأقول بما قاله النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((الله أعلم بما كانوا عاملين)).

 

ومعنى هذه الكلمة: الله أعلم بما كانوا يعملون لو بلغوا؛ فيعلم من سيؤمن منهم ومن سيَكفُر، قال ابن تيمية - وذلك في حق أطفال المشركين -: "وهذا أجود ما قيل في أطفال المشركين، وعليه تنزل جميع الأحاديث"، والذي يبيِّن ما سبق:

1- ما رواه أبو داود عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قلتُ: يا رسول الله، ذراري المؤمنين؟ قال: ((مِن آبائهم))، فقلت: يا رسول الله، بلا عمل؟ قال: ((الله أعلم بما كانوا عاملين))، قلت: يا رسول الله، فذَراري المشركين؟ قال: ((هم من آبائهم))، فقلت: يا رسول الله، بلا عمل؟ قال: ((الله أعلم بما كانوا عاملين))، فهذا نصٌّ في عين المسألة، وأن القول في أطفال المسلمين وأطفال المشركين سواءٌ، ومعنى بلا عمل؛ أي: في الدنيا.

 

2- ما رواه مسلم عن عائشة قالت: أُتي النبي -صلى الله عليه وسلم- بصبيٍّ من الأنصار يُصلِّي عليه، فقلتُ: يا رسول الله، طوبى لهذا لم يعملْ شرًّا، ولم يَدرِه، قال: "أوَ غير ذلك يا عائشة، إن الله خلق الجنة، وخلَق لها أهلاً، وخلقها لهم وهم في أصلاب آبائهم، وخلَق النار، وخلَق لها أهلاً، وخلقها لهم وهم في أصلاب آبائهم)).

 

فهذا نصٌّ صريح تضمّن اعتراضًا على قول عائشة في طفْل من أطفال المسلمين، وبيَّن النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- فيه أنه قد يكون من أهل الجنة، وقد يكون من أهل النار، وبيَّن النبي -صلى الله عليه وسلم- أيضًا أنه لا اعتبار للوالدَين في الآخِرة، وإن كان اعتبارُهما في الدنيا ثابتًا.

 

3- ما رواه الشيخان عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهوِّدانه أو ينصِّرانه، كَمَا تُنْتِجُونَ البهيمة، هل تجدون فيها من جَدْعَاءَ، حتى تكونوا أنتم تجدعونها؟؟)) قالوا: يا رسول الله، أفرأيت مَن يموت وهو صغير؟ قال: ((الله أعلم بما كانوا عاملين))، فهذا نصٌّ في عين المسألة، ولم يفرِّق النبي -صلى الله عليه وسلم- بين أطفال المسلمين وأطفال المشركين - وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز - وهذا في الحكم الأخروي، أما في الدنيا، فإن موجب التبديل هما الوالدان.

 

4- ما رواه الشيخان عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: سُئل عن أولاد المشركين، فقال: ((الله أعلم بما كانوا عاملين)).

 

فتبيَّن مِن هذه النصوص:

• أن أطفال المسلمين وأطفال المشركين يُولَدون على الفطرة، وهذه الفطرة هي الملَّة - هي الإسلام - قال -تعالى-: ﴿ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ﴾ [الروم: 30]؛ أي: فطَر الناس عليها يوم قال: ﴿ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى ﴾ [الأعراف: 172]، وهذه الفِطرة أنَّ القلب سليمٌ من العقائد الفاسِدة، وأنه قابل للعقائد الصحيحة، مريدٌ للحق؛ لذلك لو تُرك دون موجِب التغيير، لَمَا كان إلا مسلمًا.

 

• أنهما لم يعملا في الدنيا ما يغيِّر هذه الفطرة، والتغيير الحاصل هو تغيير إضافة لا تغيير قلوب.

 

• أن الله يعلم لو بلغوا كيف يكونون، أهُم من المكمِّلين للفِطرة أم من المبدِّلين لها؟

 

• وحيث لا حكمَ بمجرِّد العِلم، إنما الحكم بالبينة، تعيَّن العمل، وهذا هو الامتحان في الآخِرة، ونتيجة هذا الامتحان مطابِقة لعلم الله -تعالى- فيهم لو عملوا في الدنيا، فلا بد أن يصير إلى ما سبق له في أمِّ الكتاب، كما أن البهيمة تولد جمعاء، وقد علم الله أنها ستُجدع.

 

وعليه؛ فليس كلهم في الجنة، ولا كلهم في النار، بل بعض هؤلاء، وبعض أولئك، فإذا عُلم ما سبق تبيَّن الآتي:

1- بطلان مذهب من قال: إنهم في النار، ومن قال: إنهم في الجنة.

 

2- بطلان مذهب من قال: إنهم تبع لآبائهم في الآخرة.

 

3- بطلان مذهب التوقُّف فيهم؛ حيث صرَّحت النصوص بمصيرهم.

 

4- بطلان مذهب أنهم خدم أهل الجنة.

 

5- بطلان مذهب من قال: إنهم تحت المشيئة، بمعنى أن الله قد يدخلهم الجنة كلهم، أو النار كلهم، أو بعضهم بلا امتحان.

 

6- بطلان مذهب من قال: إنهم بين المنزلتين؛ لأنه في الآخرة إما إلى الجنة وإما إلى النار.

 

خامسًا: الشهادة العامة للأطفال بالجنة:

معلوم أن الشهادة للمسلمين بأنهم في الجنة جائزة، والممنوع هو الشهادة لمعيَّن منهم بالجنة، إلا ما ورد النص بتعيينه، كالمبشَّرين بالجنة من العشرة وغيرهم.

 

والذي سوَّغ هذا الحكم هو الإسلام، وكذلك كل طفل مات دون الحِنْث، فقد وُلد على الفطرة، وفي رواية: ((على الملَّة))، وعليه؛ يجوز أن يوصف الأطفال الذين ماتوا دون الحنْث أنهم في الجنة، ولكن المعيَّن منهم لا يجوز، إلا ما ورد بخصوصه نص، كغلام الخضِر، وإبراهيم ابن النبي -صلى الله عليه وسلم- فالأول ورد النص بأنه في النار، والثاني ورد النص بأنه في الجنة.

 

والذي يؤكِّد صحة إطلاق اللفظ دون تعيين ما رواه البخاري عن سمرة بن جندب - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مما يُكثِر أن يقول لأصحابه: ((هل رأى أحد منكم رؤيا؟))، قال: فنقصُّ عليه ما شاء الله أن نقصَّ، وأنه قال لنا ذات غداة: ((إني أتاني الليلة آتيان...)) فذكر الحديث، وفيه: ((فأتيا على روضة مُعتمة فيها من كل لون الربيع، وإذا بين ظهرَي الروضة رجل طويل لا أكاد أرى رأسه طولاً في السماء، وإذا حول الرجلِ من أكثر ولدانٍ رأيتهم قط)) وفيه: ((وأما الوِلْدان الذين حوله، فكل مولود مات على الفِطرة))، فقال بعض المسلمين: يا رسول الله، وأولاد المشركين؟ فقال: ((وأولاد المشركين)).

 

والذي يوضِّحه ما رواه أحمد وأبو داود عن خنساء بنت معاوية قالت: حدَّثتني عمَّتي، قالت: يا رسول الله، مَن في الجنة؟ قال: ((النبي في الجنة، والشهيد في الجنة، والموءودة في الجنة))، فقوله: ((والموءودة في الجنة)) شهادة عامة، وليس لكل موءودة؛ ولذلك قال -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه أبو داود عن ابن مسعود: ((الوائدة والموءودة في النار)).

 

فلم يبقَ إلا النظر في: مَن هم الذين حول إبراهيم - عليه السلام؟ وهذا نعم السؤال، وسيأتي الجواب عنه - إن شاء الله - فإنه العِلم.

 

سادسًا: الامتحان في القبر وفي عرصات القيامة:

الطفل الذي لم يبلغ الحلُم، ومن كان في معناه من غير المكلَّفين - يُمتحن في قبره وفي عرصات القيامة؛ فالذي يدلُّ على امتحان القبر ما رواه يحيى بن سعيد قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول: صلَّيتُ وراء أبي هريرة على صبيٍّ لم يعمل خطيئةً قط، فسمعته يقول: "اللهم أعِذْه من عذاب القبر".

 

وكذلك ما رواه الطبراني في الكبير عن أبي أيوب، قال -صلى الله عليه وسلم-: ((لو أفلَتَ أحدٌ من ضمَّة القبر، لأفلت هذا الصبيُّ)).

 

وأما الامتحان في عرصات القيامة، فإن كل الأصناف السابقة - ومن جملتها أولاد المسلمين وأولاد المشركين - سيُمتَحنون في عرصات القيامة؛ فمن جاز الامتحان دخل الجنة، ومن لم يَجُزْ فإلى النار، روى أحمد وابن حبان عن الأسود بن سَريع وأبي هريرة - رضي الله عنهما - قالا: قال -صلى الله عليه وسلم-: ((أربعة يحتجُّون يوم القيامة: رجل أصمُّ لا يسمع شيئًا، ورجل أحمق، ورجل هَرَم، ورجل مات في فتْرة؛ فأما الأصم فيقول: ربِّ، لقد جاء الإسلام وما أسمع شيئًا، وأما الأحمق فيقول: ربِّ، جاء الإسلام وما أعقِل شيئًا، والصِّبْيان يَحذِفونني بالبعْر، وأما الهَرَم فيقول: ربِّ، جاء الإسلام وما أَعقِل شيئًا، وأما الذي مات في الفترة، فيقول: ربِّ، ما أتاني لك رسولٌ، فيأخذ مواثيقهم ليُطِيعُنَّه، فيرسل إليهم: أن ادخلوا النار؛ فمن دخلها، كانت عليه بردًا وسلامًا، ومن لم يدخلها، سُحِب إليها)).

 

ولا تقل: أين أطفال المسلمين والمشركين في الحديث؟! فإن عامة الأوصاف السابقة متوفِّرة فيهم، فلا عقل يعقلون به الخطاب، بل لا يدرون الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولا رسالته.

 

ويؤكِّد مسألةَ الامتحان هذه قولُ الله -تعالى-: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ ﴾ [الطور: 21]، وحيث لا إيمان لهم في الدنيا ولا كُفرانَ، تعيَّن الاختبار للبيان، وعليه يَدخُلون الجنَّة أو النيران.

 

وقد قال ابن تيمية:

"والصواب أن يُقال فيهم: الله أعلم بما كانوا عاملين، ولا يُحكم لمعيَّن منهم بجنة ولا نار، وقد جاء في عدَّة أحاديث أنهم يوم القيامة في عرصات القيامة يُؤمرون ويُنهَوْن، فمَن أطاع دخل الجنة، ومن عصى دخل النار، وهذا هو الذي ذكَره أبو الحسن الأشعري عن أهل السنة والجماعة".

 

سابعًا: تخريج الآيات والأحاديث التي توهم بخلاف ما قرَّرته، مع ذكر بعض الأحاديث الضعيفة في المسألة:

1- قال -تعالى-: ﴿ فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا ﴾ [الكهف: 74]، فهذه الآية نصٌّ في أن المقتول غلامٌ - أي: لم يَجرِ عليه القلم - وأن موسى - عليه السلام - شَهِد له بأن نفسَه زكية؛ أي: مطهَّرة، وهذه شهادة؛ لحديث: ((كل مولود يولد على الفطرة))، وأن موسى - عليه السلام - وصف القتل بأنه شيء مُنكَر، ولدفع هذا الإيهام أقول:

 

أولاً: هذا الغلام لو عاش لكان كافرًا، وقد أخبر الله -تعالى- الخضِر بذلك؛ قال -تعالى-: ﴿ وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا ﴾ [الكهف: 80]، وقال -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه مسلم وأبو داود والترمذي عن أُبيٍّ: ((الغلام الذي قتله الخضر طُبع يوم طُبع كافرًا، ولو عاش لأرهق أبوَيه طُغيانًا وكُفرًا)).

 

ثانيًا: هذا وجود علمي، ولا تُقام عليه أحكام؛ حيث إن الغلام لم يكفر حقيقةً، فتعيَّن أنه سيُختبر يوم القيامة، وسيكون من الكافرين الذين لم يَمتثِلوا أمر الله -تعالى- ولو عاش لكان كذلك؛ فإن صورة الآخِرة هي صورة الدنيا.

 

ولكن هنا وقفة كبيرة؛ ألا وهي: لِمَ قتله الخضر؟!

فأقول: هذه المسألة أجاب الله عنها، وبيَّن أنها من مسائل التزاحُم، بمعنى أن قتْله محرَّم، وتركه مُحرَّم؛ لأنه سيُرهِق أبويه طغيانًا وكفرًا، فيُقدَّم المحرَّم الأقل؛ لتفادي الوقوع في المحرَّم الأكبر، وهذا ليس بأجنبيٍّ على الشريعة؛ فإن أي وسيلة عُلم أنها ستؤدِّي إلى غاية متضمنة لفسادٍ، جاز إجهاضُها، وقد يجب.

 

2- عن سلمة بن قيس الأشجعي قال: أتيت أنا وأخي النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- فقُلنا: إن أمّنا ماتتْ في الجاهلية، وكانت تقري الضيف، وتفعل وتفعل، فهل نافِعُها ذلك شيئًا؟ قال: ((لا))، قلنا: فإنها كانت قد وأدتْ أختًا لنا في الجاهلية لم تبلغ الحِنْث؟ فقال: ((الوائدة والموءودة في النار، إلا أن تُدرِك الوائدة الإسلام فتسلم))؛ رواه أبو داود عن ابن مسعود.

 

قلتُ: أما الوائدة فمن أهل الفترة - على قول مَن يرى ذلك - وأما الموءودة فعلى الفطرة، وكلتاهما ستُمتَحنان في الآخِرة، وتَعصي أمر الله -تعالى- والله - عزَّ وجلَّ - أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بما سيكون منهما.

 

إذًا الخبر عنهم مردودٌ إلى الوجود العِلمي، ومصيرهم مردود إلى الوجود الغَيبي.

 

3- ما رواه البخاري عن سمرة بن جندب - رضي الله عنه -: ((... وأما الوِلْدانُ الذين حوله، فكلُّ مولود مات على الفِطرة))، قال بعض المسلمين: يا رسولَ الله، وأولاد المشركين؟ قال: ((وأولاد المشركين)).

 

فهؤلاء الذين في الجنة هم الذين سيَجتازون الامتحان في الآخِرة، وذلك فضْل الله يُؤتيه من يشاء، فمَن يمنعه؟!

 

4- قال -تعالى-: {لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى} [الليل: 15]، وهؤلاء لم يعملوا ما يوجب الشقاء، وعليه فهم ليسوا في النار، ومن ليس في النار فهو في الجنة.

 

قلتُ: كما أنهم لم يعملوا ما يوجب الشقاء، فهم لم يعملوا ما يوجب السعادة، فهم لا في النار، ولا في الجنة، وحيث تَنطِق الآية بأن دخول النار بسبب العمل، فكذلك الآيات تَنطِق بأن دخول الجنة بسبب العمل، وحيث لا عمَل لهم في الدنيا، تعيَّن الامتحان في الآخِرة؛ فمن امتثَل فله الجنة، ومَن عصى فله النار.

 

وبمثْل هذا الجواب يُمكِن أن يجاب عن قول الله -تعالى-: ﴿ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ ﴾ [الملك: 8، 9]، فيُقال: هؤلاء لم يَأتِهم نذير، فهم ليسوا من أهل النار، ومن ليس من أهل النار، لا بد أن يكون من أهل الجنة، وجوابه كما ذكرت آنفًا.

 

5- روى البخاري ومسلم عن الصَّعْبِ بن جَثَّامة قال: سُئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أهل الدار من المُشركين، يُبَيَّتون فيُصاب من نسائهم وذراريهم؟ فقال -صلى الله عليه وسلم-: ((هم منهم))، فهذه شهادة بأن الذَّراري في النار.

 

قلتُ: هذا خطأ بيِّن؛ فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((هم منهم))، ولم يقلْ: ((هم معهم))، وشتان بين الحرفين، كما أن الحديث لم يتعرَّض أصلاً للعذاب بنفي ولا إثبات، بل معناه: أنهم تَبَع لآبائهم في الحُكم، وأنهم إذا أصيبوا في الجهاد والتَّبْيِيت، لم يُضْمَنوا بِدِيَة ولا كفارة، ومعنى يُبيَّت؛ أي: يُغار عليهم بالليل.

 

6 - قال -تعالى-: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ}[الطور: 21]، فالآية تدلُّ على أن أولاد المؤمنين يَلحقون آباءهم؛ وعليه فهم في الجنة، وسكَت عن أولاد المشركين؛ فدلَّ على أنهم في النار.

 

قلتُ: إن الذرية التي تتبع الآباء ليسوا كل الذرية، والذي يدلُّ على ذلك أن الله -تعالى- قيَّد الاتباع بالإيمان؛ أي: إيمانهم، ولم يكن الاتباع لمجرَّد أنهم أولاد المؤمنين، ويدلُّ على ذلك أيضًا: أن الله -تعالى- قال: ﴿وَاتَّبَعَتْهُمْ﴾، ولم يقلْ: والذين آمنوا تبعتهم.

 

ثم إن الذرية الذين ماتوا ليس لهم الإيمان الذي يترتَّب عليه الثواب والعقاب، وعليه فإما أن تكون الآية خاصَّةً بمَن عاش وآمَن، وهذا خارج البحث، وإما أن تكون الآية تتضمَّن من مات دون الحنْث، فتعيَّن أنه سيُختبر في الآخِرة، فكانت الآية لنا لا علينا، وأنه ليس كل ولد من أولاد المسلمين في الجنة، والآية أيضًا لم تسكتْ عن أولاد المشركين، بل قطع الله -تعالى- هذا الوهم فقال: ﴿ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ ﴾ [الطور: 21] بل الذي ذكرتموه هو دليل الخطاب، ولا يعمل به عند مُصادَمة المنطوق.

 

7- قال بعض المفسِّرين: هم أهل الأعراف، والجواب: أن هذا استدلال عجيب؛ فإن الله -تعالى- قال: {وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ} [الأعراف: 46] ولم يقل: صبيان، كما أن أهل الأعراف قد عملوا، ولكن تساوت الكفتان، والصِّبيان لم يعملوا أصلاً؛ لعدم وجود زمان العمل، فكيف يُلحَق بأهل الأعراف الصبيان مع هذا الفرق الهائل؟!

 

أخيرًا: بعض الأحاديث الضعيفة في المسألة:

1- عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أولاد المسلمين أين هم؟ قال: ((في الجنة))، وسألتُه عن أولاد المشركين أين هم؟ قال: ((في النار))، فقلت: لم يُدرِكوا الأعمال، ولم تجْرِ عليهم الأقلام؟ قال: ((ربك أعلم بما كانوا عاملين)).

 

هذا الحديث شديد الضعف؛ ففيه يحيى بن المتوكل، ولا يُحتجُّ بحديثه، وفيه علَّة في المتن؛ حيث قال: ((ربك أعلم بما كانوا عاملين))، فإما أنهم في النار بمجرَّد علم الله -تعالى- وهذا باطل قطعًا، وإما أنهم في النار بعد الامتحان في الآخِرة، وهذه هي العلَّة، ولكن خالفت جميع النصوص الصحيحة التي تدل على أن بعضهم في الجنة وبعضهم في النار.

 

2- روى عبدالله بن أحمد في مسند أبيه عن زاذان عن علي قال: سألتْ خديجة - رضي الله عنها - عن ولدَين لها ماتا في الجاهلية؟ فقال: ((هما في النار))، فلما رأى الكراهية في وجهها، قال: ((لو رأيتِ مكانهما لأبغضتهما))، قالت: يا رسول الله، فولدي منك؟ قال: ((إن المؤمنين وأولادهم في الجنة، وإن المشركين وأولادهم في النار))، ثم قرأ: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ﴾ [الطور: 21].

 

هذا الحديث فيه محمد بن عثمان، وهو مجهول، وزاذان لم يدرك عليًّا، فهو منقطع، وفيه نكارة في المتن؛ حيث يلحق أولادُ المشركين آباءهم، والله -تعالى- يقول: ﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾ [الأنعام: 164].

 

ثم إن الآية لم تتضمَّن أولاد المشركين، وجيء بها للاستدلال على النوعين لا أحدهما.

 

3- روى أبو يعلى في المسند عن أنس عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((سألتُ ربي للاَّهين من ذرية البشر ألا يعذبهم فأعطانيهم، فهم خدام أهل الجنة)).

 

وهو حديث ضعيف جدًّا؛ فيه يَزيد الرّقاشي، وهو وَاهٍ، والحديث مُصادم لجميع النصوص الصحيحة، وإثبات مثل هذه الأحاديث يُناسب عقيدة الإرجاء.

 

4- روى البخاري عن أنس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((وأما النار، فيُنشئ الله لها خلقًا يُسكِنهم إياها))، وهذا الحديث حصل فيه قلب، وقد أورد البخاري نفسُه تعديلَه بعده.