وأفوض أمري إلى الله
أبو الهيثم محمد درويش
من كان الله حسبه فهو كافيه، ومن كان الله وكيله فهو موفيه.
- التصنيفات: الزهد والرقائق -
{وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ} [غافر :44]
كن في حياتك كلها مفوضاً أمرك إليه سبحانه، داوم على الاستخارة في كل أمر، ابحث عن مراد الله قبل كل فعل و قول، وأبشر بالتأييد والتمكين والسداد والحفظ من كل شر واعلم أن الشر إذا أصابك فبغفلتك أو ركونك إلى نفسك أو نسيانك لأمر الله أو ولوغك في نهيه.
من كان الله حسبه فهو كافيه، ومن كان الله وكيله فهو موفيه، وحده من يملك كمال الأمن وكمال الاهتداء وإنما يحدث النقصان في حياة ابن آدم بسبب ظلمه لنفسه، وكلما قل الظلم كلما زاد اكتمال الأمن وكلما كان العبد إلى الله أقرب كلما كان القلب أسعد وتحققت له من المباهج ما لا يخطر على بال أهل الدنيا وعبادها.
قال السعدي رحمه الله في تفسيره:
{وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ} أي: ألجأ إليه وأعتصم، وألقي أموري كلها لديه، وأتوكل عليه في مصالحي ودفع الضرر الذي يصيبني منكم أو من غيركم.
وقال ابن كثير في تفسيره:
{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران:173]
أي : الذين توعدهم الناس بالجموع وخوفوهم بكثرة الأعداء، فما اكترثوا لذلك، بل توكلوا على الله واستعانوا به {وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}.
قال البخاري:
حدثنا أحمد بن يونس، أراه قال: حدثنا أبو بكر، عن أبي حصين، عن أبي الضحى، عن ابن عباس: حسبنا الله ونعم الوكيل قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا: إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل. أهـ
يقول ابن تيمية رحمه الله: - حسبنا الله ونعم الوكيل " أي : الله وحده كافينا كلَّنا " [منهاج السنة]
عن أَبِي سَعِيدٍ الخدري رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَيْفَ أَنْعَمُ وَصَاحِبُ القَرْنِ قَدِ التَقَمَ القَرْنَ وَاسْتَمَعَ الإِذْنَ مَتَى يُؤْمَرُ بِالنَّفْخِ فَيَنْفُخُ»، فَكَأَنَّ ذَلِكَ ثَقُلَ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُمْ: قُولُوا: «حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ، عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنَا» (أخرجه الترمذي والنسائي وصححه الألباني وقال على شرط الشيخين).