الإعلام وتغييب الوعي
فتسيطر الأنظمة الاستبدادية على وسائل الإعلام بأنواعها المختلفة لتغييب وعي الشعوب لتتمكن من السيطرة على مقدرات الوطن وخيراته دونما حق أو محاسبة، يقول جوزيف جوبلز وزير الإعلام النازي (أعطني إعلاماً بلا ضمير أعطك شعباً بلا وعي)
- التصنيفات: الواقع المعاصر -
الشعب صاحب الحق الأصيل في هذا الوطن:
يحبه يفديه ينصره يوالي من يوالي من والى الوطن ويعادي من يعادي الوطن، يولي من يدير شئونه ويعلي مكانته ويحفظ هيبته ويغني أهله ويعمل لمستقبل أبنائه، ويعزل من يفرط في حدوده ومكتسباته وثرواته هذه هي المعادلة الضامنة لبقاء الوطن عاليا كريما مهابا حرا.
فتسيطر الأنظمة الاستبدادية على وسائل الإعلام بأنواعها المختلفة لتغييب وعي الشعوب لتتمكن من السيطرة على مقدرات الوطن وخيراته دونما حق أو محاسبة، يقول جوزيف جوبلز وزير الإعلام النازي (أعطني إعلاماً بلا ضمير أعطك شعباً بلا وعي)
فالسلاح الأمضى لأي نظام طغياني مستبد، هو السيطرة على وسائل الإعلام لتغييب الوعي العام أو تزييفه، لأن ذلك كفيلٌ بأن يُربِك قناعات الضحايا بحيثيات إهدار حقوقهم ويزلزل ثقتهم في قدرتهم على استردادها، ليكون خيارهم أن يتأقلموا مع الواقع الغاشم لا أن يقاوموه وأن يألفوا القيود ويتحسَّسوها كما لو أنها أساور أو حُلِي.
فتتحكم في العقول وكأنما تضعها في قفص من حديد لا تنمو لا تفكر لا تميز رغم وضوح الحق فما كان الحق أوضح منه في يوم كما الآن، ومن اختلف فيه مع وضوحه لو نزل عليه المسيخ الدجال غدا، ربما لا يفرق بينه وبين المسيح عيسى عليه السلام.
فالمقصود والمستهدف هو العقل الواعي العقل المستنير العقل الجمعي، العقل الذي يبني ولا يهدم، يصنع أملًا ولا يصنع قتلًا..
ينشأ وطنًا ولا يبني مُعتقلًا، يخلق أمةً حُرّة وليس أمةً مستعمرة..
العقل الذي ينشر العدل ويقيمه وليس الذي يرسخ الظلم ويعمقه..
العقل الذي يزرع التفاؤل والطموح ولا يجلب اليأس والقنوط..
العقل المرتبط بالله وليس المرتبط بالشيطان، العقل الحُر الذي يُفكِّر ليبني ويُعمِّر ويغرس ويتعاون.. هذا هو العقل المستهدف! هذا هو العقل الذي يتم اغتياله وقتله ويُراد وأده وتحطيمه
وهذا في الحقيقة ما هو إلا استخفاف بالعقول لخفة أحلامهم وقلة عقولهم {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ}.. يقول سيد قطب عليه رحمه الله في ظلال هذه الآية الكريمة: "واستخفاف الطغاة للجماهير أمرٌ لا غرابة فيه؛ فهم يعزِلون الجماهير أولًا عن كل سُبل المعرفة، ويحجبون عنهم الحقائق حتى ينسوها، ولا يعودوا يبحثون عنها ويُلقون في روعهم ما يشاءون من المؤثرات حتى تنطبع نفوسهم بهذه المؤثرات المصطنعة. ومن ثم يسهل استخفافهم بعد ذلك ويلين قيادهم، فيذهبون بهم ذات اليمين وذات الشمال مطمئنين، ولا يملك الطاغية أن يفعل بالجماهير هذه الفعلة إلا وهم فاسقون لا يستقيمون على طريق، ولا يُمسِّكون بحبل الله، ولا يزِنون بميزان الإيمان، فأما المؤمنون فيصعب خداعهم واستخفافهم واللعب بهم كالريشة في مهب الريح".
بقلم/ ماهر جعوان.