الدين النصيحة
محمد علي يوسف
انظر إلى النصح والنقد بعين الاعتبار، أن تنزله منزلة جادة، وأن تجعل ولو احتمالا يسيرا أنه قد يكون على حق ولعله يريد بك الخير ويتمنى لك الأفضل ويحب لك ما يحبه لنفسه
- التصنيفات: التصنيف العام - تربية النفس -
عندما ينصحك إنسان أو حتى ينتقدك فلديك عدة خيارات للتعامل مع ذلك النقد وتلك النصيحة...
أول تلك الخيارات هو خيار: امض لا تلتفت... خيار يتلخص في ألا تعبأ به.
تمضي في طريقك بحجة: "لا تلتفت" لأن حضرتك طبعا (مش فاضي) ولا وقت لديك لهذه الأمور المعطلة لمسيرتك التي هي عندك (مقدسة)!
الخيار الثاني هو خيار: كلهم كلاب:
في هذا الخيار لابد أن تنظر إلى ناقدك أو ناصحك على أنه مجرد كلب وبالتالي تنطبق في تلك الحالة أمثال من نوعية:
"القافلة تسير والكلاب تعوي"
"لا يضير السحاب نبح الكلاب"
" لو أن كل كلب عوى ألقمته حجرا لصار الصخر مثقالا بدينار"
المهم يكون فيه كلب في الموضوع، كلب حاقد عليك كاره لك متربص بأخطائك أو ربما هو منافق لا يريد لك الخير ولا يفكر إلا في فضحك وتعطيل مسيرتك المباركة بنباحه وعوائه، فببساطة عليك أن تقنع نفسك أن تدعه... ينبح، ويعوي.
الخيار الثالث هو خيار: من أنتم؟!!
إنه خيار الاحتقار والتسفيه المسبق والتجهيل الأصيل، في هذا الخيار عليك أن تعتبر ناقدك يقينا مخطىء ولا يمكن أبدا أن يكون مصيبا في نقده فما هو إلا منحرف المنهج أو على أفضل تقدير هو مجرد نكرة جاهل لا اعتبار له وليس لديه من العلم والفهم ما يفقه به تلك الرؤية الثاقبة التي لا يدركها غيرك، وهل يعقل أن تكون أنت المخطىء مثلا؟!! حاشا وكلا...
هيا لابد من الرد عليه بقسوة ولا مناص عن تجهيز حملة تبريرات سريعة ولا فكاك من فضحه على رؤوس الأشهاد والتقليب في تاريخ حياته وتجهيز (باكدج) التهم المعلبة، ولا مانع بعدها من بيان ضمني لعظمتك وروعتك وربما عصمتك وذكائك وسعة علمك مواجهة ضلالات أولئك المشككين الجهلة الذين لم يهتدوا إلى الاقتناع بهذا الرأي الذي لا يأتيه الباطل أبدا والذي سيدركون عظمته وروعته بعد حين، وسيأي اليوم الذي يعترفون فيه أنكم كنتم دوما رائعين.
أما الخيار الرابع فهو ببساطة ... نقيض كل ما سبق
أن تنظر إلى النصح والنقد بعين الاعتبار، أن تنزله منزلة جادة، وأن تجعل ولو احتمالا يسيرا أنه قد يكون على حق ولعله يريد بك الخير ويتمنى لك الأفضل ويحب لك ما يحبه لنفسه، أنه ربما لا يكون منافقا متربصا ولا حاقدا حاسدا ولا كلبا نابحا أو مشككا جاهلا.
أن تحاول أن تستفيد من نقده أو على الأقل تحمله على أفضل وجوهه وهو النصح لله والرغبة في الإصلاح، أن تتذكر حقيقة جامعة مانعة قالها حبيبك صلى الله عليه وسلم حقيقة أن «الدين النصيحة».
وأن تفترض أنك ومتبوعيك أحيانا تخطئون وربما تزلون وأنه لا مانع أن تقف أحيانا مع نفسك لتراجعها وتصحح مسارها ومسيرتها، تلك المسيرة التي هي ليست في الحقيقة معصومة ولا مقدسة، وأن عليك أحيانا....... أن تلتفت!