(1) المقدمة: ومفهوم المزارعة لغة واصطلاحا
المزارعة شرعاً: عقد استثمار أرض زراعية بين صاحب الأرض، وآخر يعمل في استثمارها، على أن يكون المحصول مشتركاً بينهما بالحصص التي يتفقان عليها.
- التصنيفات: الفقه وأصوله -
المقدمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم، على سيدنا محمد وعلى آله وصبه أجمعين، وبعد:
فإنّ الفقه الإسلامي وأحكامه وأدلته جعل الإنسان المسلم يتميز عن غيره من الأمم والملل، والشرائع السابقة، حيث اعتنى بأبنائه وأفراده أفضل عناية، ورعاه أيّما رعاية، وكيف لا؟ واللهُ عز وجل يَسّر للعبد أمور معيشته وتعاملاته اليومية مع غيره من الأفراد، وقد برزتْ هذه العناية الإلهية في كثير من المعاملات الإنسانية، منها ما نحن بصدده في هذا البحث، حيث سأسلط الضوء على حكم المزارعة في الإسلام، من حيث مفهومها وفضلها وحكمتها وشرائطها وأحكامها وقول الفقهاءِ فيها.
أرجو الله الكريم الرحيم أن يوفقني لما يحبُ ويرضى، إنّه على سميع مجيب، والحمدُ لله ربّ العالمين.
أولاً: مفهوم المزارعة ومشروعيته وركنها:
المزارعة لغة واصطلاحاً:
المزارعة لغة:
المعاملة على الأرض ببعض ما يخرج منها.[1]
والمزارعة من زرع الحب زرعاً، وزراعة: بذره. والمزارعة: مفاعله من الزرع. والأرض حرثها للزراعة، وزرع الله الحرث: أنبته وأنماه.[2]
زراعة مزارعة:
عامله بالمزارعة.[3]
والمزارعة:
بضم الميم وفتح الزاي ممدودة وفتح الراء – مفاعلة من الزرع – وهي تقتضي فعلاً من الجانبين: مالك الأرض، والزارع. والمزارعة بين اثنين فيجوز أن يكون المزارع اسماً لكل واحد من العاقدين، لكن الاستعمال في إطلاقه على الذي أخذ الأرض ليزرعها دون دفعها إليه، لأن فعل الزراعة منه، والاسم أخذ منها.
ومنه قوله تعالى: {أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} [الواقعة: 64].
ويقع اسم الزرع على المزروع – ويجمع على الزروع – على الأصل المعهود من إطلاق اسم المصدر على المفعول وفي القرآن الكريم: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأنعام 141].
وسميت المزارعة مخابرة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك مع أهل خيبر بعد فتحها – وقيل غير ذلك.[4]
إذا فالمزارعة لغة: المعاملة على الأرض ببعض ما يخرج منها.
المزارعة اصطلاحاً:
إعطاء الأرض لمن يزرعها، على أن يكون له نصيب مما يخرج منها، كالنصف أو الثلث أو أكثر من ذلك أو أدنى حسب ما يتفقان عليه.[5]
وهي أيضاً: عقد على الزرع ببعض الخارج.
وعرفها المالكية: بأنها الشركة في الزرع[6].
وعرفها الحنابلة بأنها: دفع الأرض إلى من يزرعها أو يعمل عليها، والزرع بينهما.[7]
ويسميها أهل العراق: القراح.
ووصف الشافعية المخابرة بأنها: عمل الأرض ببعض ما يخرج منها، والبذر من العامل.[8]
والمزارعة: هي المخابرة، ولكن البذر فيها يكون من المالك.[9]
المزارعة: هي شركة في الزرع (المحصول الزراعي) بين طرف يقدم الأرض وطرف يقدم العمل الزراعي.[10]
فالمزارعة شرعاً: عقد استثمار أرض زراعية بين صاحب الأرض، وآخر يعمل في استثمارها، على أن يكون المحصول مشتركاً بينهما بالحصص التي يتفقان عليها.[11]
بقلم/ فراس السقال.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] فقه السنة – السيد سابق – ص 198/ج3.
[2] لسان العرب – ص 36 / ج 6.
[3] القاموس الفقهي لغة واصطلاحا – ص 158.
[4] قاموس المصطلحات الاقتصادية – محمد عمارة – ص 529.
[5] فقه السنة – السيد سابق – ص198/ج3.
[6] حاشية الدسوقي على الشرح الكبير - محمد بن احمد الدسوقي المالكي- ص372/ج3.
[7] الكافي في فقه الإمام احمد - ابن قدامة المقدسي - ص167/ج2.
[8] مغني المحتاج - الخطيب الشربيني - ص423/ج3.
[9] المرجع السابق.
[10] فقه المعاملات المالية - رفيق يونس المصري - ص230.
[11] الفقه الإسلامي وأدلته – الدكتور وهبة الزحيلي– ص 467 / ج6.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع والمصادر:
الإقـنـاع في مـسائـل الإجماع - الحافظ أبي الحسن علي بن القطان الفاسي - دار القلم - ط 1
بدائع الصنائع - الكاساني - دار الكتب العلمية.
تحفة المحتاج - ابن حجر الهيتمي - المكتبة التجارية الكبرى بمصر.
حاشية الدسوقي على الشرح الكبير - محمد بن احمد الدسوقي المالكي - دار الفكر
حاشية الصاوي على الشرح الصغير - أحمد بن أحمد الخلوتي - دار المعارف.
درر الحكام شرح غرر الأحكام - محمد بن فرامرز بن علي الشهير بملا - أو منلا أو المولى - خسرو.
صحيح البخاري - دار طوق النجاة.
عمدة القاري - القرطبي - دار إحياء التراث العربي.
الفقه الإسلامي وأدلته – الدكتور وهبة الزحيلي – دار الفكر دمشق.
فــقــه الـــسـنـة – الســـيـد ســـــابـق ـ مـكـتـــبـة الـعـبـيـكات – الطبعة 22 - الرياض
فـقــه الــمـعـامــلات الـمـالـيــة - رفـيـق يـونـــــس الـمـصـري - دار الـقـلم دمشق - ط 2
فــقــه الــمـعـامـلات الـمـاليـة المقارن - الدكتور علاء الدين الزعتري - دار العصماء - ط 1
الـفـقــه عــلى الـمـذاهــب الأربـعـة - عـبـد الـرحــمـن الـجزيري - دار الحديث - القاهرة
الفواكه الدواني على رسالة بن أبي زيد - محمد بن غانم النفراوي - دار الفكر.
القاموس الفقهي لغة واصطلاحاً –دار الفكر. ط2
قـــامـــــــــوس الـمـصـطـلـحـات الاقتصادية – محمد عمارة – دار الشروق بيروت – ط ا1
الكافي في فقه الإمام احمد - ابن قدامة المقدسي - دار الكتب العلمية.
كشف القناع على متن الإقناع - منصور بن يونس البهوتي - دار الكتب العلمية.
لسان العرب– دار إحياء التراث العربي ومؤسسة التاريخ العربي. بيروت ط3
المبدع شرح المقنع - ابن مفلح - دار الكتب العلمية - بيروت
المبسوط - السرخسي - دار المعرفة بيروت.
المعجم الأوسط - الطبراني - دار الحرمين القاهرة.
مغني المحتاج - الخطيب الشربيني - دار الكتب العلمية.
الموسوعة الفقهية الكويتية- مـطـابـع دار الــصـفـوة - مـصـر - ط 1