العلمانيون والصوفية.. اتفاق على إسقاط الشريعة (1)
مدحت القصراوي
لو كان يمكن (للعقلاء) في أي جيل بشري أن يستقلوا بالتشريع ويستغنوا عن شريعة الله تعالى ويمكنهم إصلاح الحياة بدون منهج منزل؛ لما كان للناس بالشريعة من حاجة، ولكن الله تعالى قال {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ}.
- التصنيفات: التصنيف العام - قضايا إسلامية معاصرة -
قد يبدو الأمر للنظرة الأولى متباعدا بين الطرفين، بين العلمانيين من جانب والصوفية من جانب آخر..
فيبدو للوهلة الأولى أن الطرف الآخر مغرق في المادية ورفض الشريعة ويدعو الى الإلحاد، في مقابل طرف مغرق في الروحانيات والإثبات.. لكن يدهشك أن الانحراف قد يتلاقى..!
لا يبالي الشيطان بأي انحراف ظفر، ما دام حقق مراده في النهاية {لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 62].
المنة في هذه الشريعة:
جعل تعالى هذه الشريعة من أعظم مننه على الخلق، {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} [آل عمران: 164]، وجعل المنة بالكتاب المتضمن للشريعة وهو القرآن العظيم سابقاً للمنة بالوجود الإنساني نفسه ﴿الرَّحْمَٰنُ، عَلَّمَ الْقُرْآنَ، خَلَقَ الْإِنسَانَ﴾ [الرحمن: 1-3].
وبديل هذه الشريعة هو تخبط الإنسان فردا، وتخبط المجتمعات في مجموعها..
- ولو كان يمكن (للعقلاء) في أي جيل بشري أن يستقلوا بالتشريع ويستغنوا عن شريعة الله تعالى ويمكنهم إصلاح الحياة بدون منهج منزل؛ لما كان للناس بالشريعة من حاجة، ولكن الله تعالى قال {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ} [فاطر: 15].
وفقر الناس لربهم تعالى ثابت من جهتين:
من جهة ربوبيته لهم، بالإطعام والإنعام والعافية.. وسائر مقتضيات الربوبية.
ومن جهة ألوهيته لهم، فهم فقراء الى محبته وطاعته وتعبدهم له..
فالناس مفتقرون الى طاعة الله، ولها فتنزيل المنهج اليهم منة من الله عليهم.
- ولو كان يمكن (للعقلاء) في أي جيل بشري أن يستقلوا بالتشريع ويستغنوا عن شريعة الله تعالى لأمكنهم إصلاح الحياة؛ لكن ذلك لم يكن؛ فقد كانوا ـ كما قال تعالى ـ في (ضلال مبين)، وسارت حياتهم على اضطراب إن حصّلوا مصلحة فاتتهم مصالح مقابلها ولم يتخلصوا من المفاسد.. وقبيل البعثة كان تعبير أحدهم ممن أعمى الله بصيرته عن الآخرة أن يقول فيما يرى الحال من الفساد والانحراف والفراغ: (أرحام تدفع وقبور تبلع، وليس وراء ذلك شيء)، ولم ير ما وراء ذلك، ورأى الحياة عبثا، ورأى قتلهم لبعضهم مهلكا، ووجد الحياة لا تسير على استقامة...
يُتبع إن شاء الله..