العلمانيون والصوفية.. توافق على إسقاط الشريعة (2)

مدحت القصراوي

العلمانية مقصود بها اللادينية، وهي الترجمة الصحيحة للكلمة في لغتها الأصلية، وهي تعنى فصل الدين عن الحياة، وهذا يعني رد الشرائع ورفض شريعة الله تعالى.

  • التصنيفات: التصنيف العام - قضايا إسلامية معاصرة -
العلمانيون والصوفية.. توافق على إسقاط الشريعة (2)

للجاهلية دورات:

وكلما خفت نور النبوة وسيادة الرسالة وتنكر الناس لها، طواعية من البعض أو إجبارا على آخرين، كلما تضخمت الأهواء وعميت البصائر وظن الناس استغناءهم عن شريعة الله تعالى.. ومن هنا قال الغربيون، وتبعهم القردة عندنا: (الإنسان يقوم وحده) (Man Stands Alone) كما كتب جوليان هكسلي.


توهين الشريعة عند العلمانيين:

العلمانية مقصود بها اللادينية، وهي الترجمة الصحيحة للكلمة في لغتها الأصلية، وهي تعنى فصل الدين عن الحياة، وهذا يعني رد الشرائع ورفض شريعة الله تعالى؛ فلا شأن لنا بالشرائع الدينية المحرفة التي رفضها الغرب من خلال علمانيته، لكن تعنينا شريعة الله تعالى المحفوظة والمعصومة، والتي نجزم أنها كلمة الله تعالى، وأنها محل رضاه، ومخالفتها محل سخطه، وبها صلاح الحياة واستقامة الأمر.. {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الجاثية: 18].

وقد جعل تعالى الهوى قسيما لشريعة الله. والهوى مُهلِك ومُضل عن سبيل الله {وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ} [ص: 26].

 

وحتى لا تشتبه الأمور فهناك صور مرفوضة للتدخل باسم الدين في الحياة، وتكبيل مجرياتها:

1) فالثيوقراطية بمعنى أن حاكما يحكم باسم الله، وما يقرره هو في الأرض بهواه يصبح مقرّرا في السماء ومقدسا بين الخلق ولا يجوز الاعتراض عليه أو نقده، فهذا باطل وانحراف عن دين الله..

2) وتطويع الشرائع الدينية لأهواء الحكام ومواقفهم مرفوض كذلك، وهو ما يُعني بتسييس الدين، بالمعنى السييء للكلمة. وهو ما عناه ابن المبارك بقوله (وهل أفسد الدين إلا الملوك.. وأحبار سوء ورهبانها).

لكن أن تقام شريعة الله، وأن تكون مصدر التقنين للحياة، ومصدر القيم والأخلاق والتصور والسلوك، وموجِهةً للتعليم والإعلام، وأن يكون إقامتها هو مشروع أمة.. فذلك هو عين ما أمر الله تعالى، وهو محل النزاع مع العلمانيين؛ إذ يرفضون الشريعة الربانية وإقامتها فضلا عن سيادتها..


ومرجعهم في ذلك أمور:

1) طعنهم في صلاحيتها لهذا الجيل أو لهذه الحضارة المعاصرة.

وهو طعن يعود الى علم الله سبحانه، والذي ألزم بها خلقه الى قيام الساعة مع علمه تعالى بتغير الأجيال والحضارات التالية لجيل نزول الوحي..

2) أو طعنهم في عدالتها فيما بدا لهم أنه كذلك، كقسمة المواريث وغيرها.

وهو مع جهلهم بحكمة الأمر وتعنتهم في الاستسلام لله، فهو طعن في عدل الله تعالى وحكمته..

3) أو طعنهم في الحكمة مما أمر الله وشرع، ورأوا أن ما عندهم يفي بالمقصود كحكم الله وأحسن، وبالتالي استغنوا عن شرعه وحكمه، كما قال تعالى عمن سبقهم: {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِندَهُم مِّنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [غافر: 83]. واستغنوا عن ربهم {كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى* أَن رَّآهُ اسْتَغْنَىٰ} [العلق: 6-7].. وهو طعن يعود الى حكمة الله تعالى الذي أمر بها وأثنى عليها {لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ ۖ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [الأنبياء: 10].

4) أو طعنهم في رحمتها، وذلك عندما نظروا الى زواجر الشريعة وحدودها التي تنزلت لمجتمع أقام أركانها وفرائضها، وجعلوا أنفسهم أرحم بالمخلوق من الخالق، وظنوا فيما عندهم الرحمة، فكانت الطوام، ومع وحشيتهم وجبروتهم في حربهم للمسلمين طعنوا في رحمة الله تعالى ورحمة ما شرع..

(يُتبع إن شاء الله..)