من آداب المعلم: التعليم للجميع

عليم المرأة من أهم العوامل التي تساعد على حل كثير من المشكلات الأسرية في البيوت المسلمة، وقد حثنا ديننا الحنيف على تعليمها ما تحتاجه في أمر الدين والدنيا.

  • التصنيفات: التصنيف العام - طلب العلم - الإسلام والعلم -
من آداب المعلم: التعليم للجميع

من مهام المعلم أن تكون رسالته التعليمية متاحةً للجميع؛ فكل من رغب في التعليم فله الحق في ذلك؛ لأن العلم لا ينتشر وتظهر ثمرته الاجتماعية إلا إذا كان متاحًا للجميع، خاصةً علم الشريعة.

فالناس تحتاج إلى تثقيف وتوعية، وإجابة على فتاوى وأسئلة، والناس كلهم لهم الحق في اكتساب المعرفة؛ قال ابن مفلح - رحمه الله -: "قال هشام بن منصور: سمعت أحمد بن حنبل يقول: تدري ما قال لي يحيى بن آدم؟ قلت: لا، قال: يجيئني الرجل ممن أُبغِضه وأكره مجيئه فأقرأ عليه كل شيء معه حتى أستريح منه، ويجيء الرجل الذي أوَدُّه فأردُّه حتى يرجع إليَّ"[1]، فقد أشار هنا إلى أنه يعلم مَن يحب ومن لا يحب؛ فالتعليم عنده للجميع، حتى النساء لهن الحق في اكتساب المعرفة.

قال المصنف - رحمه الله -: "ظاهر كلام الأكثرين أن الكتابة لا تكره للمرأة، كالرجل، وذكره ابن عقيل في الفنون، وهو ظاهر المنقول عن الإمام أحمد - رضي الله عنه - قال في مسنده: ثنا إبراهيم بن مهدي، ثنا علي بن مُسهِر، عن عبدالعزيز بن عمر بن عبدالعزيز، عن صالح بن كيسان، عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة، عن الشفاء بنت عبدالله قالت: دخَل عليَّ النبي صلى الله عليه وسلم وأنا عند حفصة فقال:
« ألا تعلِّمين هذه رقية النَّملة[2] كما علَّمتِها الكتابة»؛ (رواه أبو داود بهذا الإسناد، ورواه النسائي من حديث عبدالعزيز بن عمر، ورواه أيضًا عن أبي بكر بن سليمان عن حفصة من مسندها، وهو حديث صحيح)، وقال الأثرم: قال إبراهيم: بهذا حدث أو حدثت به أحمد بن حنبل، فقال: "هذا رخصة في تعليم النساء الكتابة"، ذكره الخلاَّل في الأدب، وقال الشيخ مجد الدين في المنتقى: "وهو دليل على جواز تعلُّم النساء الكتابةَ"[3].

وتعليم المرأة من أهم العوامل التي تساعد على حل كثير من المشكلات الأسرية في البيوت المسلمة، وقد حثنا ديننا الحنيف على تعليمها ما تحتاجه في أمر الدين والدنيا، والرواية السابقة التي جاءت عن النبي عليه الصلاة والسلام تبيِّنُ لنا كيف حرَص النبيُّ عليه الصلاة والسلام على تعليم نسائِه ونساء المؤمنين كلَّ ما يجلِب المصلحةَ العامة في أمور الدنيا والآخرة.

تعليم التلاميذ ما يدركونه بحواسهم:

كلما كان ما يتعلمه التلميذ مدرَكًا مشاهَدًا محسوسًا، كان أدعى لبقاء المعلومة في ذهن التلميذ، وعدم حصول اللَّبس لديه؛ يقول ابن مفلح - رحمه الله -: "وعن أحمد قال فيما روي عن أيوب قال: لا تحدِّثوا الناس بما لا يعلمون أو لا يعرفون فتضرُّوهم"[4]، فقد بيَّن الإمام أحمد في هذه الرواية أن ما لا يدركه المتعلم بحواسه تكون عاقبته ضررًا على المتعلم، وهذا مما ينبغي أن يتنبه له المعلم، خصوصًا في وقتنا الحاضر الذي انتشرت فيه المعلومة، وسهلت طريقة الحصول عليها.

 

الكاتب: بدر بن جزاع بن نايف النماصي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] (المرجع السابق): ج2. ص352.

[2] قال ابن القيم: (النملة) قروح تخرج في الجنبين، وهو داء معروف، وسمي نملة: لأن صاحبَه يُحس في مكانه كأن نملة تدِبُّ عليه وتعَضُّه؛ كتاب: الطب النبوي. ص174. دار مكتبة الحياة. بيروت. لبنان. 1411هـ.

[3] المقدسي، محمد بن مفلح المقدسي. الآداب الشرعية. (مرجع سابق). ج3. ص461 - 462.

[4] (المرجع السابق): ج2. ص212.