من آداب المعلم: الإصغاء لأسئلة المتعلمين ومداخلاتهم وإجابتهم

إذا أجاب المعلم أسئلة التلاميذ فينبغي ألا يجيبهم بالظن؛ كيلا يجيبهم إجابةً خاطئة تستمر معهم بقية العمر.

  • التصنيفات: التصنيف العام - طلب العلم - الإسلام والعلم -
من آداب المعلم: الإصغاء لأسئلة المتعلمين ومداخلاتهم وإجابتهم

تعد أسئلة المتعلمين من أهم العناصر التي يتم عن طريقها التفاعل بين المعلم والتلاميذ داخل الموقف التعليمي؛ فعن طريقها يستشف المعلم مدى اهتمام التلاميذ بالمادة العلمية، وتقبلهم لها، وهي دليل على تفاعلهم الإيجابي مع المعلم والمادة العلمية، والسؤال مفتاح من مفاتيح التعلُّم؛ يقول الله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [الأنبياء: 7]، والتربية الحديثة تولِي أسئلة الطلاب اهتمامًا كبيرًا؛ لأن الطالب فيها هو محور العملية التعليمية، ولأنها من طرق التعلم الذاتي، و"تؤكد الاتجاهات الحديثة في التربية ضرورة مساعدة الطلبة على أن يتعلموا كيف يتعلمون، وعلى أن يصبحوا مستقلين في تعلمهم، وأن يفكروا لأنفسهم، ولعل من الوسائل الفعالة في تنمية هذه المبادَأة عندهم الأسئلة الصفية، ولكي يصبح الطلبة مستقلين في تعلمهم، عليهم أن يتعلموا كيف يطرحون الأسئلة"[1].

وينبغي للمعلم أن يجيب على أسئلة التلاميذ الباحثين عن المعلومة؛ يقول ابن مفلح - رحمه الله -: "وفي الصحيحين أن عبدالله بن مسعود سأله رجل: كيف تقرأ هذا الحرف ألفًا أم ياءً من ماء غير آسن أو ياسن؟ فقال عبدالله: وكلَّ القرآن قد أحصيتَ غيرَ هذا الحرف؟! قال: إني لأقرأ المفصَّل في ركعة، فقال: هَذًّا كهَذِّ الشِّعر، إن قومًا يقرؤون القرآن لا يتجاوز تراقيهم، ولكن إذا وقع في القلب فرسخ فيه نفع، وقال في شرح مسلم: هذا محمول على أنه فهِم منه أنه غيرُ مسترشد في سؤاله؛ إذ لو كان مسترشِدًا لوجب جوابه، وهذا ليس بجواب"[2].

وإذا أجاب المعلم أسئلة التلاميذ فينبغي ألا يجيبهم بالظن؛ كيلا يجيبهم إجابةً خاطئة تستمر معهم بقية العمر، نقل ابن مفلح عن: "الميموني عن الإمام أحمد - رضي الله عنه - أنه سئل عن حديث فقال: سلُوا أصحابَ الغريب؛ فإني أخاف أن أتكلَّمَ في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم بالظنِّ فأخطئَ"[3].

وينبغي على المعلم أن يقول للشيء الذي لا يعلمه: (لا أعلم)؛ يقول ابن مفلح - رحمه الله -: "قال ابن عباس رضي الله عنهما: "إذا ترك العالم: لا أدري، أُصيبت مَقاتِله"، وكذا قال علي بن حسين، وقال مالك: "كان يقال: إذا أغفل العالمُ: لا أدري، أُصيبت مَقاتِله"، وقال أيضًا: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إمامُ المسلمين وسيدُ العالمين، يُسأل عن الشيء فلا يجيب حتى يأتيه الوحي من السماء"، وقال الشعبي: لا أدري: نصفُ العلم"[4]، وقال في موضع آخر: "وصح عن مالك أنه قال: ذلٌّ وإهانة للعلم أن تجيب كل مَن سألك"، وقال أيضًا: "كل من أخبر الناس بكل ما يسمع، فهو مجنون"[5]، وقال أيضًا: "وقال مالك عن القاسم بن محمد: إن من إكرام المرء لنفسه: ألا يقول إلا ما أحاط به علمه"[6].

وينبغي على المعلم أن يترك العجلة في الإجابة، يقول ابن مفلح - رحمه الله -: "وكان يقال: التأني من الله، والعجلة من الشيطان"[7].

 

الكاتب: بدر بن جزاع بن نايف النماصي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] قطامي، نايفة قطامي. مهارات التدريس الفعال. دار الفكر. عمان. ط1. 2004. ص 172.

[2] المقدسي، محمد بن مفلح المقدسي. الآداب الشرعية. (مرجع سابق). ج2. ص175.

[3] (المرجع السابق): ج2. ص135.

[4] (المرجع السابق): ج2. ص153 - 154.

[5] (المرجع السابق): ج 2. ص155.

[6] (المرجع السابق): ج 2. ص158.

[7] (المرجع السابق): ج 2. ص159.