والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا
أبو الهيثم محمد درويش
الجزاء من جنس العمل، ها هي ثمار البغضاء و الكبر و العداء تنضح على الكفار في نار جهنم حيث لا موت و لا تخفيف للعذاب.
- التصنيفات: التصنيف العام - الدار الآخرة -
{وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا}:
أعطاهم فجحدوا و أمد في أعمارهم فعصوا و كفروا، و أرسل لهم الرسل تدلهم عليه فأبوا و عاندوا و استكبروا و حاربوا الرسل و حاربوا كلماته سبحانه و شوهوا رسالاته و حامليها و أبغضوهم و عادوهم.
فكان الجزاء من جنس العمل، ها هي ثمار البغضاء و الكبر و العداء تنضح عليهم في نار جهنم حيث لا موت و لا تخفيف للعذاب.
يتعالى صراخهم و تتوالي استغاثاتهم بتمني العودة للدنيا ليعملوا لآخرتهم، و لكن هيهات، أغلق باب العمل و حل وقت الحساب و الجزاء، بعدما أعطاهم المهلة بعد المهلة و أرسل لهم النذر و أنزل عليهم النور الذي أنكروه و استكبروا عنه.
قال تعالى:
{وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ * وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ} [فاطر 36 - 37].
قال السعدي في تفسيره:
لما ذكر تعالى حال أهل الجنة ونعيمهم، ذكر حال أهل النار وعذابهم فقال: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا} أي: جحدوا ما جاءتهم به رسلهم من الآيات، وأنكروا لقاء ربهم.
{لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ} يعذبون فيها أشد العذاب، وأبلغ العقاب. {لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ} بالموت {فَيَمُوتُوا} فيستريحوا، {وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا} فشدة العذاب وعظمه، مستمر عليهم في جميع الآنات واللحظات.
{كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا} أي: يصرخون ويتصايحون ويستغيثون ويقولون: {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ} فاعترفوا بذنبهم، وعرفوا أن اللّه عدل فيهم، ولكن سألوا الرجعة في غير وقتها، فيقال لهم: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا} أي: دهرا وعمرا {يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ} أي: يتمكن فيه من أراد التذكر من العمل، متعناكم في الدنيا، وأدررنا عليكم الأرزاق، وقيضنا لكم أسباب الراحة، ومددنا لكم في العمر، وتابعنا عليكم الآيات، وأوصلنا إليكم النذر، وابتليناكم بالسراء والضراء، لتنيبوا إلينا وترجعوا إلينا، فلم ينجع فيكم إنذار، ولم تفد فيكم موعظة، وأخرنا عنكم العقوبة، حتى إذا انقضت آجالكم، وتمت أعماركم، ورحلتم عن دار الإمكان، بأشر الحالات، ووصلتم إلى هذه الدار دار الجزاء على الأعمال، سألتم الرجعة؟ هيهات هيهات، فات وقت الإمكان، وغضب عليكم الرحيم الرحمن، واشتد عليكم عذاب النار، ونسيكم أهل الجنة، فامكثوا فيها خالدين مخلدين، وفي العذاب مهانين، ولهذا قال: {فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ} ينصرهم فيخرجهم منها، أو يخفف عنهم من عذابها.