عناية الإسلام بالنظافة والصحة والتجمل

إن صحة الأبدان وجمالها ونضارتها من الأمور التى وجه الإسلام إليها عناية بالغة، واعتبرها من صميم رسالته.

  • التصنيفات: التصنيف العام - فقه الطهارة -
عناية الإسلام بالنظافة والصحة والتجمل

جاء القران الكريم والرسالة النبوية لترسخ شريعة في القلب تسمو بها روح الإنسان إلى درجة اليقين والإيمان وتحليته بزاد العقائد والعبادات والمعاملات.

وجعل للإنسان منهجاً في حياته ليلبي متطلبات جسده فالإنسان روح وجسد... ولكل ما يتغذى به حتى توجد صورة الحياة فلاروح بلا جسد. ويقول الله سبحانه وتعالى {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا}  [48 –المائدة]. 

إن صحة الأبدان وجمالها ونضارتها من الأمور التى وجه الإسلام إليها عناية بالغة، واعتبرها من صميم رسالته.

قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «سلوا الله العفو و العافيه فإن العبد ما أعطى بعد يقين خيراً من عافية» ( رواه مسلم)، و ما منح الإنسان نعمة بعد الإيمان والتوحيد أعظم من نعمة الصحة والسلامة من الأمراض والأسقام.

والأمة القوية هى التى تتكون من أفراد أقوياء- أقوياء الجسم وأقوياء العقول وأقوياء الإرادة.

وقد نظم الدين لقوة الأجسام منهجاً رشيداً بالمحافظة على الصحة والعناية بالأبدان ووسيلة ذلك النظافة بما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية.

لقد كرم الله البدن فجعل طهارته التامة أساساً لابد منه لكل صلاة وجعل الصلاة خمس مرات في اليوم فقال تعالى {يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ۚ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ۚ وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ ۚ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [6 –المائدة].

وقد أوجب الله في هذه الأية الكريمة:

1-  الوضوء لكل صلاة وغسل ونظافة الأعضاء الظاهرة والتى تتعرض للغبار والأتربة وهي الوجه واليدين الى المرفق وغسل الأرجل.

2- المسح بالرأس بأي جزء منه.

3- الغسل من الجنابة.

4- التيمم: إذا تعذر وجود الماء ولمن كان مريضاً أو مسافراً او عائد من غائط او من لامس النساء.

والتيمم طهارة "صعيداً طيباً" وهو التراب وهو متوافر ملء الأرض وحكمته الإستمرار في أداء الصلاة دون انقطاع بسبب عدم توافر الماء.

وعن فضل الوضوء في السنة النبوية يحثنا رسول الله كثيرا على الوضوء لانه طريق الصلاة المفروضة والمسنونة حتى نقف بين يدي الله في أكمل زينة.

روى أحمد عن أبي أسامة رضى الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «إذا توضأ المسلم خرجت ذنوبه من سمعه وبصره ويديه ورجليه فان قعد قعد مغفوراً له» (رواه – احمد).
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم
«أن أمتى يدعون يوم القيامة غراً محجلين من آثار الوضوء فمن إستطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل» (رواه البخاري ومسلم).

و عن ابي هريرة رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم زار المقابر فقال «السلام عليكم دار قوم مؤمنين, وإنا إن شاء الله عن قريب بكم لاحقون وددت أن قد رأينا إخواننا, قالو: أولسنا إخوانك يا رسول الله قال: أنتم اصحابي و إخواننا: الذين لم يأتو بعد قالوا كيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك يا رسول الله؟ فقال: أرأيت لو أن رجلاً له خيل غر محجله بين ظهري خيل دهم بهم ألا يعرف خيله؟ فقالوا: بلى يارسول الله قال: فإنهم يأتون غر محجلين من الوضوء وانا فرطهم على الحوض» (رواه مسلم).

-وعن الغسل يقول تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} (6-المائدة).

وكذلك فقد وقت الإسلام يوماً كل أسبوع للغسل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم وسواك ويمس من الطيب» (رواه مسلم).

وفي الحديث «أن هذا يوم عيد جعله الله عيد للمسلمين فمن جاء الجمعة فليغتسل» (رواه ابن ماجه).

 

النظافه من الطعام و غسل الأيدى

يقول النبي صلى الله عليه وسلم:  «بركة الطعام الوضوء قبله وبعده»   (رواه ابو داود).

 

نظافة الفم والأسنان:

عناية الإسلام بتطهير الفم وتحلية الاسنان عناية بالغة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تسوكوا فان السواك مطهرة للفم, مرضاة للرب, ما جاء جبريل إلا وأوصانى بالسواك حتى خشيت ان يفرض على وعلى أمتى» (رواه ابن ماجه).


وعن أبي أيوب قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «حبذا المتخللون من امتى قالوا: ما المتخللون يارسول الله؟ قال المتخللون في الوضوء والمتخللون في الطعام.اما تخليل الوضوء فالمضمضة والإستنشاق وبين الأصابع. اما تخليل الأسنان فمن الطعام فانه ليس شئ أشد على الملكين من ان يريا بين أسنان صاحبهما طعاماً وهو قائم يصلي» (رواه ابن ماجه).

ولقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم للأمة كثيرا من قواعد الصحة العامة وبخاصة في علم الوقاية وهو أفضل شطري الطب..


1- الطعام:

يقول تعالى: {وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ} [31 - الأعراف].  

فإن كثرة وجبات الطعام ووفرتها تعطل وظيفة أدت دوراً عظيماً في بقاء الأجناس البشرية وهي وظيفة التكيف (التعود) على قلة الطعام.

والإسراف في تناول الطعام يصيب الإنسان بكثير من الأمراض ومنها أمراض الجهاز الهضمي وإضطرابات الأمعاءحسب وزيادة الوزن وزيادة الضغط الذاتي والبول السكري وأمراض الكلى والقلب.


و الحكمه تقول"المعدة بيت الداء":

وقال صلى الله عليه وسلم: «ما ملأ ادمى وعاء شر من بطنه بحسب ابن أدم لقيمات يقمن صلبه فإن كان ولابد فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه» (رواه الترمذى).

 
2- الماء:

فقد جاء في الحديث: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعذب الماء أي يشرب الماء الصالح غير الملوث وعلى ذلك جاء هدى المصطفى على عدم تلويث المياه في الأنهار والترع والقنوات وفي جميع مجاريها من أنابيب وخزانات وغيرها.


وأمر المسلم بإتقاء الملاعن الثلاث(البراز في المورد – قارعة الطريق – الظل) (رواه ابو داود).

و عن جابر عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه نهى أن يبال في الماء الراكد.

و عنه أيضا: نهى أن يبال في الماء الجاري (رواه الطبراني).


3-الوقاية من العدوى:

الوقايه من عدوى الأمراض المعدية الفتاكة فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم «إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها وإذا وقع بأرض وأنتم فيها فلا تخرجوا منها» ( رواه البخارى).

ويقول صلى الله عليه وسلم «مامن عبد يكون في بلد فيه الطاعون...فيمكث فيه لا يخرج صابراً إلا كان له مثل أجر شهيد» ( رواه البخارى).

وشرع الإسلام التحرر من العدوى قال النبي صلى الله عليه و سلم: «فر من المجذوم فرارك من الأسد» (رواه البخاري).


4-ممارسة كثير من فروع الرياضة البدنية:

كالرمى والسباحة والفروسية والعدو فقد حث النبي أمته على العناية بها حتى جاء في الحديث الصحيح: «من علم الرمى ثم نسيه فليس منا» (رواه مسلم).


5-إلتماس العلاج والأدوية:

إذا وقع الإنسان في براثن المرض وجب عليه أن يعالجه حتى ينجو منه

وقال صلى الله عليه و سلم:  «إن الله أنزل الداء والدواء وجعل لكل داء دواء فتداووا ولا تتداووا بمحرم» (رواه أبو داود).

 
6-إماطة الأذى عن الطريق:

وإماطة الأذى عن الطريق شعبة من شعب الإيمان، و قال صلى الله عليه و سلم «بكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة وتميط الأذى عن الطريق صدقة» (رواه البخاري) أي إزالة الأذى من من حجراً  وأشواك أو نجاسه أو ماشابه ذلك.

وفي الحديث «بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق فأخره(فأبعده) فشكر الله له (فغفر له)» (رواه مسلم).


7-نظافة وتطهير وتجميل البيوت:

نبه الإسلام الى تخلية البيوت من الفضلات والقمامات حتى لا تكون مباءة للحشرات.

روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «إن الله طيب يحب الطيب ونظيف يحب النظافة كريم يحب الكرم جواد يحب الجود فنظفوا أفنيتكم ولا تشبهوا باليهود»  (رواه الترمذي).


8-عناية الإسلام بزينة المؤمن وحسن هيئته:

يوصى الإسلام بان يكون المرء حسن المنظر كريم الهيئة

قال تعالى: { يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [31 –الأعراف]، والمراد بالزينة مافوق ضروريات الستر والمراد بها اللباس الطيب الجميل النظيف.

إن الأناقة في غير سرف وإحسان الشكل بعد إحسان الموضوع من تعاليم الإسلام.

قال رسول الله صلى عليه وسلم: «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر فقال رجل: إن الرجل يجب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسنة فقال: إن الله تعالى جميل يحب الجمال» ( رواه مسلم).

 
9-نظافة الملبس:

فعن جابر بن عبد الله:  «رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً عليه ثياب وسخة فقال أما يجد هذا مايغسل به ثوبه» (رواه ابو داود).


10- العناية بتهذيب الشعر و اللحية:

وعن عطاء بن يسار: «أتى رجلاً للنبي صلى الله عليه وسلم ثائر الشعر واللحية فأشار اليه الرسول كأنه يأمره بإصلاح شعره ففعل ثم رجع فقال صلى الله عليه وسلم أليس هذا خيراً من أن يأتى أحدكم ثائر الشعر كأنه شيطان» (رواه النسائي)، وبذلك تكون أمتنا كما أراد الله خير أمة أخرجت للناس وتحيا في دنيا الناس.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «المؤمن القوى خير واجب الى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير إحرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وان أصابك شئ فلا تقل لو انى فعلت كذا لكان كذا ولكن قل: قدر الله وماشاء فعل لو تفتح عمل الشيطان» (رواه الطبري).


وأخيراً فقد ورد في الأدعية المأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا واجعله الوارث منا»، وقوله صلى الله عليه و سلم «اللهم عافنى في بدنى اللهم عافنى في سمعى اللهم عافنى في بصري لا اله الا انت». 

 

الكاتب: جلال عبدالله المنوفي