عالم الشام محمد بهجة البيطار (11)
ترك البيطار 15 كتابا وتحقيقاً لبعض كتب شيوخه وفاءً لبعض حقهم عليه، كما ترك الفقيد مؤلفات عديدة وبحوثاً كثيرة نشرت له في مختلف الصحف والمجلات السورية والعربية السعودية والمصرية والعراقية.
- التصنيفات: ترجمات -
تمهيد:
يعد العلامة الشيخ محمد بهجة البيطار أحد أبرز وأشهر تلاميذ العلامة جمال الدين القاسمي، وأحد رواد الإصلاح الديني والتربوي في الشام والجزيرة العربية، وقد كان رحمه الله فقيها وبحاثة ومحققا ومؤرخا ولغويا، ورغم هذا فإنه لم يأخذ حقه من الترجمة ولم يدون في سيرته إلا كتاب وحيد للدكتور عدنان الخطيب لا يفي بحق البيطار.
ولد محمد بهجة البيطار بدمشق سنة 1894 لأسرة دمشقية عريقة تعود جذورها للجزائر قبل أكثر من مائتي عام، وعرف كثير من أفرادها بالعلم والأدب والتقوى، فوالده هو الشيخ محمد بهاء الدين بن عبد الغني حسن إبراهيم الشهير بابن البيطار والذي كان يعد من رؤوس الصوفية في زمانه والذي كان عالماً أديباً، وكان جده عالماً معروفاً تولى الإمامة والخطابة وخلفه فيها ابنه والد علامتنا محمد بهجة، ووالدته هي ابنة عم أبيه الشيخ عبد الرزاق ابن حسن البيطار، رفيق العلامتين طاهر الجزائري وجمال الدين القاسمي.
كانت بدايته العلمية الدراسة على يد والده فتلقى مبادئ علوم الدين واللغة، ثم درس الابتدائية في المدرسة الريحانية، ودرس الثانوية في المدرسة الكاملية بدمشق والتي أسسها الشيخ كامل القصاب رفيق الشيخ المجاهد عز الدين القسام. وتعلم الفرنسية في المدرسة العيزرية النصرانية على يد المسيو موريس والذي أسلم على يد الشيخ بهجة وأصبح الأستاذ عبدالله الريحاني.
تحوله لمنهج السلف وشيوخه:
نشأ بهجة البيطار– بحسب ترجمته لجده - في عصر راج فيه "جمود على القديم، وتلقي الأقوال بالتسليم من دون تمحيص للصحيح من السقيم"، وكان أبوه من غلاة الصوفية القائلين بوحدة الوجود كابن عربي وابن سبعين والحلاج، وغيرهم، فنشأ على طريقة أبيه، لكن الله لطف به وهداه لمنهج السلف وذلك بواسطة جده لأمه الشيخ عبدالرزاق البيطار والذي ترك التعصب المذهبي والغلو الصوفي بعد بلوغه سن الخمسين كما ترجم بهجة البيطار لجده في مجلة المنار ونشرها في مقدمة تحقيقه لكتاب جده "حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر"، إذ توفي والده سنة 1910م وعمر بهجة حوالى 16 سنة، فتولى جده رعايته فترك التصوف وسار في طريق طلب العلم بالدليل وترك البدع والخرافات والأحاديث الضعيفة.
وتابع بهجة البيطار دراسة العلوم الدينية والعربية على يد جده الشيخ عبد الرزاق البيطار، وعلى رفيقه الشيخ جمال الدين القاسمي الدمشقي الذي لازمه بهجة آخر ثلاث سنوات من حياته كما ذكر ذلك في ترجمته لجده، وحيث توفي القاسمي سنة 1332هـ/1914م، فعلى هذا يكون بهجة البيطار تحول لمنهج السلف وعمره حوالى 16-17 سنة تقريباً، وقد تركت هذه السنوات الثلاث على شخصية بهجة أثراً كبيراً طوال حياته، يقول ابنه عاصم البيطار: "وكان والدي ملازماً للشيخ جمال الدين، شديد التعلق به، وكان للشيخ - رحمه الله- أثر كبير، غرس في نفسه حب السلف ونقاء العقيدة، والبعد عن الزيف والقشور، وحسن الانتفاع بالوقت والثبات على العقيدة، والصبر على المكاره في سبيلها، وكم كنت أراه يبكي وهو يذكر أستاذه القاسمي".
ودرس بهجة البيطار على محدث الديار الشامية الشيخ محمد بدر الحسيني، وعلى الشيخ محمد خضر حسين التونسي والذي تولى مشيخة الأزهر لاحقاً، وقد كان مجيء الخضر لدمشق قبيل وفاة القاسمي فعوض الله به أهل دمشق عن فقد القاسمي، يحدثنا بهجة البيطار عن شيوخه والبيئة التي عاش فيها فيقول: "أستاذنا الجليل الشيخ محمد الخضر حسين، عَلَمٌ من أعلام الإسلام هاجر إلى دمشق في عهد علامتي الشام المرحومين: جدي عبدالرزاق البيطار، وأستاذي الشيخ جمال الدين القاسمي؛ فاغتبطا بلقائه، واغتبط بلقائهما، وكنا نلقاه، ونزوره معهما، ونحضر مجالسه عندهما، فَأُحْكِمَتْ بيننا روابط الصحبة والألفة والود من ذلك العهد. ولما توفي شيخنا القاسمي - تغمده المولى برضوانه - أوائل سنة 1332 هـ لم نجد نحن معشر تلاميذه مَنْ نقرأ عليه أحب إلينا ولا آثر عندنا من الأستاذ الخضر؛ لما هو متصف به من الرسوخ في العلم، والتواضع في الخلق، واللطف في الحديث، والرقة في الطبع، والإخلاص في المحبة، والبر بالإخوان، والإحسان إلى الناس، فكان مصداق قول الشاعر:
كأنك من كل الطباع مركبٌ *** فأنت إلى كلِّ النفوس محبَّبُ
وأخذنا من ذلك الحين نقتطف ثمار العلوم والآداب من تلكم الروضة الأُنُف، ونرتشف كؤوس الأخلاق من سلسبيل الهدى والتقوى، ولم يكن طلاب المدارس العالية في دمشق بأقل رغبة في دروسه، وإجلالا لمقامه، وإعجاباً بأخلاقه من إخوانهم طلاب العلوم الشرعية، بل كانوا كلهم مغتبطين في هذه المحبة والصحبة، مجتمعين حول هذا البدر المنير.
وقد قرأنا عليه في المعقول والمنقول، والفروع والأصول، طائفة من أفضل ما صنف في موضوعه، وهي لعمر الحق دالة على حسن اختياره، وسلامة ذوقه، وقوة علمه، وشدة حرصه على النهوض بطلابه، وإعدادهم للنهوض بأمتهم.
وقد كنت نظمت أبياتاً جمعت فيها بين ذكر هذه الكتب، ووصف دروس الأستاذ، وجعلتها ذكرى لنفسي ولمن شاركوني في الطلب والتحصيل، عند أستاذنا الجليل، فقلت:
يا سائلي عَنْ درسِ ربِّ الفضْل مولانا الإمام *** ابن الحسين التونسيِّ محمد الخضر الهمام
سَلْ عنهُ مُسْتصفى الأصول لليث معترك الزحام *** أعني الغزاليَّ الحكيــم رئيس أعلام الكلام
وكذاك في فن الخلاف بداية العالي المقام *** أعني ابنَ رُشْدٍ مَنْ غدا بطل الفلاسفة العظام
وكذا صحيح أبي حسيــنٍ مسلمٍ حَبْرِ الأنام *** وكذلك المغني إلى شيخ النحاة ابن الهشام
وكـذا كـتاب أبي يزيد ابـن المبرّد في الختام *** تـلك الدروس كما الشموس تـنير أفلاك الظلام
يـدني إلـيك بـها حقائـق كـل علم بانسجام *** فـتكون مـنك حقائق المعنى على طرف الثمام
فـالحق عـوضنا بـه مـن شـيخنا شيخ الشآم *** فـعـليه مـا ذرّ الـغزالـة رحمة الملك السلام
وهكذا كان تحول مسار محمد بهجة البيطار بسبب بوفاة والده وتحول جده وملازمته للقاسمي ودراسته على الخضر حسين، فغدا مع الأيام بتوفيق الله ومن ثم جده واجتهاده عالم الشام محمد بهجة البيطار.
مساره العملي والدعوي والتربوي:
1- عقب وفاة والده سنة 1910 تولى البيطار الخطابة والتدريس في جامع القاعة بحي الميدان خلفاً لوالده وعمره 16 سنة، ثم تولى سنة 1917 الخطابة والتدريس في جامع كريم الدين الشهير بالدقاق خلفاً لخاله، والذي بقي بهجة يخطب ويدرس فيه حتى توفي، وجامع الدقاق هو مسجد الحي التي تسكنه أسرة البيطار، والذي توارث فيه آل البيطار الإمامة والخطابة لأكثر من مائة عام.
2- في هذه المرحلة تعرف البيطار على كثير من المصلحين والقادة والمفكرين، فقد كان القاسمي وجده عبدالرزاق البيطار يتيحون له لقاء أعلام العصر حين يزورون دمشق وكانوا يذكرون أخبار طلابهم في مراسلاتهم مع أقرانهم، فهذا القاسمي يكتب للشيخ محمد ناصيف يقول: "مما قدمناه لكم: كتاب "نقد عين الميزان" للشيخ محمد بهجة البيطار، أحد ملازمي دروسنا الليلية والنهارية، وهو ممن يرجى له مستقبل علم حسن، إن شاء الله"، وكتب الألوسي للقاسمي يثني على كتاب بهجة البيطار فقال: "إنى أبارك لكم وأهنيكم على أن نبغ من تلامذتكم مثل العلامة الشيخ البيطار، بارك الله فيك وفيه، وقد ألقم الرافضي الحجر، ورد منه العجر والبجر"، وقد صدر هذا الكتاب سنة 1331هـ وعمر البيطار 20 سنة! ولاحظ تشجيع القاسمي والألوسي للبيطار والثناء عليه مما يفتقده كثير من المربين والمدرسين اليوم تجاه طلابهم وتلاميذهم!!
وهذا الرد من بهجة البيطار كان برضى شيخه القاسمي، وهذه الخطابات تكشف عن حقيقة وعي القاسمي بانحراف الشيعة وأن الظلم والكذب من طبعهم، فالقاسمي ألف رسالته "ميزان الجرح والتعديل" عام 1330هـ والتي تلطف معهم فيها بل جاملهم، مما جعل بعض علماء عصره ينتقده عليها لكن الشيعة شنوا عليه حملة ظالمة، فتصدى لهم البيطار عام 1331هـ وهو في العشرين من عمره، ثم ما لبث أن توفي القاسمي في العام التالي (1332هـ).
3- وبسبب دعم وتوجيه وتقديم شيوخ البيطار له عند المصلحين، نجد العلامة محمد رشيد رضا بالاتفاق مع الأمير فيصل بن الحسين يكلف محمد بهجة البيطار وشلاش النجدي أن يحملا رسالة سياسية ودينية للأمير عبد العزيز بن سعود في نجد لإرساء التعاون والتفاهم و"عقد اتفاق عام بين جميع أمراء الجزيرة العربية وأئمتها الكرام دفعاً للعدوان الأجنبي"، وذلك سنة 1338هـ/ 1920م. وهذا الاختيار للبيطار هو بسبب سلفيته مما يفتح المجال لتقبلها لدى عبدالعزيز.
وقد كانت هذه المهمة الأولى للبيطار لخدمة الإسلام على يد "سيدنا الإمام" ويقصد رشيد رضا كما دونها في كتابه الذي وصف به رحلته وسماه "الرحلة الحجازية النجدية، صور من حياة البادية 1338هـ - 1920 م"، وواضح اهتمام البيطار المبكر بعلم الاجتماع والعمران والذي سيكون حاضراً في حياة ومنهج البيطار طيلة حياته.
وكتب رشيد رضا في المنار عن هذه المهمة في مقالاته "العبرة بسيرة الملك فيصل رحمه الله تعالى" فقال: "وذكرت له – يقصد الأمير عبدالعزيز بن سعود- فيه أنني مرسل إياه مع الأستاذ الشيخ محمد بهجة البيطار (وهو خير ثقة من أهل العلم والصلاح هنا، فثقوا به فيما يبلغكم عني ويبلغني عنكم، وإن كان غير متمرس بالسياسة على أنني لقنته ما لا بد له من العلم به من الأحوال الحاضرة)".
وفعلاً بقي الشيخ بهجة غير متمرس بالسياسة، ومن ذلك ما رواه الشيخ علي الطنطاوي تليمذ الشيخ بهجة عن خداع الروس للشيخ لما زار روسيا، فقال: "لقد خدع أكثر من ذهب إلى روسيا من العلماء والمشايخ، حتى شيخنا الشيخ بهجة. وكانت لي دروس ليلية في مسجد الجامعة بدمشق، وكنت أتكلم ليلة عن الشيوعية، فدخل شيخنا الشيخ بهجة. ففرحت، وقلت له: تفضل يا سيدي أهلاً وسهلاً، حدثهم عما رأيت في روسيا.
فكان مما قال: أنه لم ير عورة بادية ولا ذراعاً عارياً، ما رأى إلا الحجاب السابغ، فتألمت ووجدت أنه – غفر الله له – سيهدم عليّ ما بنيت، وينفض ما أبرمت. فسألته لأنبّه الشباب السامعين، وكم هي درجة الحرارة هناك يا سيدي؟ فقال: عشرون تحت الصفر. فأفهمتهم أن هذا الحجاب للخوف من البرد لا للحرص على الفضيلة".
وهذا لا ينقص من قدر الشيخ فقد فتح الله عز وجل له في باب التعليم والتربية ما لم يفتح له في باب السياسة، ولذلك لم يتصدر لها ويخض فيما لا يحسن، وكان مهتماً بدراسة علم الإجتماع والتعرف على أسرار الشعوب والعمران وله في ذلم مقالات مهمة في مجلة المنار وغيرها.
4- درس الشيخ في المدرسة الكاملية وغيرها من المدارس الأهلية، ثم طلبت منه مديرية التعليم بدمشق سنة 1921، زمن تولي العلامة محمد كرد علي لها، أن يدرس في مدرسة الميدان الابتدائية الدروس الدينية والعربية والفرنسية بمدرسة خالد بن الوليد، وكان الشيخ بهجة يدرك مدى أهمية هذه الوظيفة فأقبل عليها بكليته.
ويشرح لنا الشيخ الطنطاوي نظرتهم للتعليم الابتدائي آنذاك، فيقول: "لقد عرفتم أن الذين كانوا يعملون معي أو كنت أنا أعمل معهم في المدارس الابتدائية هم من جلّة مشايخنا ومن كبار زملائنا، علماء كبار وأدباء معروفون. حسبكم أن منهم شيخنا الشيخ محمد بهجة البيطار، وشيخنا حامد التقي، وأن منهم الطبيب الشيخ رفيق السباعي... ما كنت ولا كان كثير من إخواني نعد أنفسنا معلمين فقط. وما كنا نرانا مسؤولين أمام وزارة المعارف وحدها، نطبق مناهجها ونطيع أوامرها، بل كنا نعد الجواب للسؤال يوم العرض على الله: السؤال عن تربية الأولاد على ما يرضيه، على الشريعة التي بعث بها خاتم رسله، عن تخريج أمة جديدة تؤمن بالله إيماناً خالياً من الشرك كله، الظاهر منه والخفي. تخاف الله ولا تخاف في الحق أحداً إلا الله... كنا نلقنهم العقيدة سالمة من الشوائب، ونعودهم العبادات بعيدة عن الرياء، والسلوك الذي يحببهم إلى الناس، ولا يكرههم إلى الله".
أما سر تفرد الشيخ البيطار بالقبول بين التلاميذ فتكشفه لنا نصيحة الشيخ لابنه عاصم لما تخرج من جامعة دمشق سنة 1952م وعزم على العمل في سلك التعليم، فأوصاه بقوله: هناك "أمر مهمٍّ يجب أن تضعه في حسبانك، وأن توليَه قَدْرًا كبيرًا من عنايتك واهتمامِك، هو أن تَكسبَ قلوبَ طلاَّبك، وأن تَحملَهُم على محبَّتك واحترامك، فإذا ما نَجحتَ في هذا الأمر، أدَّيتَ رسالتَكَ على الوجه الأكمَل الأتَمِّ؛ لأن طلاَّبَك إذا ما أحبُّوكَ أحبُّوا مادَّتَك واعتَنَوا بما تُقدِّم لهم من علم ونُصح وفائدة، وانتَفَعوا بها".
5- وفي سنة 1344هـ - 1926م طلب منه أن يمثل سوريا بالمؤتمر الإسلامي العالم الأول الذي دعا إلى عقده في مكة المكرمة الملك عبد العزيز بن سعود، لبحث قضايا المسلمين في العالم بعد إلغاء الخلافة العثمانية.
وبعد انتهاء المؤتمر طلب منه الملك عبد العزيز البقاء في مكة المكرمة للمساعدة على نهضة الحجاز بتوصية من الشيخ كامل القصاب الذي كان يتولى إدارة المعارف بالحجاز، خاصة أن البيطار في كتابه "الرحلة الحجازية النجدية" زار مدارس المدينة المنورة وكتب عن مشاهداته فيها وما تحتاجه من عناية وتطوير في مناهجها وأحوال المعلمين، كما كتب عن "المتدينة" وهم البدو الذين انخرطوا في الدعوة السلفية الوهابية لكن بعضهم لم يجد من يعلمه حقيقة الدعوة فخلط عاداته البدوية القديمة غير المنضبطة بالشرع بالدعوة الوهابية مما أنتج خليطا مشوها من السلوك المنسوب للشرع والوهابية وهما بريئان منها، وبسبب هذا السلوك المنحرف خشي البيطار على نفسه أن يقتل إذا مر في أراضيهم، ورأى البيطار أن انتشار الدعاة والعلماء بينهم ضرورة ملحة.
6- أسند إليه القصاب تأسيس وإدارة المعهد العلمي بمكة والذي يعتبر أول مدرسة حكومية، وبقي في إدارة المعهد خمس سنوات. وكان طيلة هذه السنوات يدرس بالحرم المكي، وتولى إمامة صلاة الظهر فيه بالنيابة في سنة 1345هـ، ولما زار المدينة شهراً درّس في الحرم النبوي.
وفي هذه الأثناء (سنة 1346هـ) عين أيضاً عضواً بمحكمة مكة الشرعية الكبرى ونائبا لرئيس هيئة المراقبة القضائية، وقد رفض الشيخ راتب القضاء وبقي على راتب التعليم برغم أنه نصف راتب القضاء وذلك أن الزهد في الدنيا وزخرفها من سمات البيطار.
وفي سنة 1347 عين أيضا مفتشاً للعلوم الدينية بمدارس الحجاز، ومدرساً للتوحيد والتربية العلمية، كما عين عضوا بمجلس المعارف العمومية.
6- بعد خمس سنوات عاد محمد بهجة البيطار إلى دمشق سنة 1931م، فوجد أن وظيفته أسندت لغيره، وفقد عشرة أعوام من سنوات تقاعده، لكن هذا لم يؤثر عليه حيث عاد لمسجد الدقاق يؤم ويدرس ويخطب فيه، وكانت خطب الشيخ دعوة للعودة للقرآن والسنة والاجتهاد، وترك التعصب والتحذير من البدع والخرافات والشركيات، مما أدى لتغيير هائل في أهل دمشق، وممن تأثر بهذه الخطب: الشيخ علي الطنطاوي والذي يصف تفرد طريقة البيطار في الخطابة عن خطباء عصره، فيقول: "لم يكن يقرأ الخطبة من ديوان قديم كما كان يصنع أكثر الخطباء، ولا من ورقة مكتوبة يضع عينه فيها، ولا يرفع رأسه عنها، بل كان يخطب ارتجالا ولم يكن يلقي كلامه ذلك الإلقاء الملحن الممطوط الذي يسبب النعاس ويستدعي الملل،... عرفته في تلك الأيام فوجدتني معجباً به، ولكني مخالف له، لقد وجدت أن الذي أسمعه منه يصدم كل ما نشأت عليه، فقد كنت في العقائد على ما قرره الأشاعرة والماتريدية، وهو شيء يعتمد في تثبيت التوحيد من قريب أو بعيد على الفلسفة اليونانية وهي فلسفة بدائية، وكنت موقنا بما ألقوه علينا وهو أن طريقة السلف في توحيد الصفات أسلم، وطريقة الخلف أحكم، فجاء الشيخ بهجة يقول لي: بأن ما عليه السلف هو الأسلم وهو الأحكم. وكنت قد نشأت على النفرة من ابن تيمية والهرب منه، بل وبغضه، فجاء يعظمه لي، ويحببه إلي، وكنت حنفياً متعصباً للمذهب الحنفي، وهو يريد أن أجاوز حدود التعصب المذهبي، وأن أعتمد على الدليل لا على ما قيل.
وتأثرت به وذهبت مع الأيام مذهبه مقتنعاً به، ولكن لم يكن هذا التحول هيناً ولا سهلاً، وما كنت سهل القياد ولا سريع الانقياد، بل ناضلت دون ما كنت اعتقده، وأمضيت عشرات الجلسات والسهرات في المجادلات والمناظرات، أنا باندفاعي وحماستي وعنفي، والشيخ بهجة بسعة صدره وطول أناته وغزير علمه وقوة حجته... فغدوت سلفي العقيدة متمسكاً بالدليل".
وقد كانت العادة أن الخطيب بعد صلاة الجمعة يستقبل المصلين في بيته، ويسجل لنا عاصم البيطار ذكرياته عن هذه الجلسات فيقول: "كانت تُعقَد في بيت سيدي الوالد رحمه الله (ت 1976م) من بعد صلاة الجمعة من كل أسبوع حتى صلاة العصر، وكان أركان هذه الجلسات الفتية الدائمون الأساتذة الأجلاء: عز الدين علم الدين التنوخي والشيخ علي الطنطاوي وشاعر الشام أنور العطار وأستاذنا الأفغاني رحمهم الله جميعاً. كانوا يؤدون صلاة الجمعة في جامع كريم الدين الشهير بالدقاق، وكان والدي مدرّساً فيه وخطيب الجمعة على منبره مدةً تزيد على ستين عاماً، فإذا قُضِيت الصلاة شرّفوا دارنا، وتناولوا طعام الغداء، ثم تبدأ الجلسة العملية التي كانت روضة من رياض المعرفة. ومن الطريف أنهم كانوا يشترطون أن يكون الطعام لوناً واحداً لا يتغير، وهو (الكوسا المحشوّ) ولطالما سمعت الأستاذ الطنطاوي يردد: لا صلاة إلا في الدقاق، ولا طعام إلا الكوسا... وكان الطنطاوي بحقٍّ هو المحرك لهذه الجلسات التي استمرت أعواماً؛ وكم يحزّ في النفس الآن أن وسائل التسجيل لم تكن متوافرة عندنا في تلك الأيام. ولو سُجّل ما كان يدور في هذه الاجتماعات لوقفنا على كنوزٍ من العلوم والمعارف. وقد تجاوزت أخبار هذه الجلسات الأسبوعية الحدود، ووصلت إلى أسماع الكثير من أصدقاء الوالد في العالمين العربي والإسلامي، ولذا كان يحضرها علماء كبار ممن يُلمُّون بدمشق، وإنني لأذكر ممن حضر عدداً من هذه الجلسات: أميرَ البيان شكيب أرسلان، وعين أعيان جدة الشيخ محمد نصيف، والعلامة الجليل أبا الحسن الندوي، ونائب رئيس جمعية العلماء الجزائريين ثم رئيسها بعد وفاة الشيخ عبد الحميد بن باديس، الشيخ البشير الإبراهيمي الذي أقام في دمشق فترة بعد أن نفاه الفرنسيون".
أما الشيخ علي الطنطاوي فيحدث عن خطب البيطار والجلسات التي تعقبها في بيته وأثرها في الشباب أمثاله فيقول: "وكنت كلما حضرت خطبته، وانصرف إلى داره انصرف معه جماعة من الناس، فوجدوا المائدة معدة، ففي كل جمعة وليمة، ويبقون يتحدثون ويستمعون إلى الشيخ فيستفيدون حتى يؤذن العصر، فيصلوا ويذهبوا، وكنت آخذ إليه كل من عنده شبهة في الدين، أو كلام في الإسلام سمعه من غير المسلمين، فيزيل الشيخ الشبهة ويدفع الاعتراض"، والطنطاوي في موضع آخر يقول إنه حضر خطبة البيطار أكثر من ثلث قرن"، وكان هذا دأب البيطار: كرم وضيافة وتعليم.
7- وبعد ثلاث سنوات دعته جمعية المقاصد في 1353هـ/ 1934م لتدريس العلوم الشرعية والأدب في كليتي المقاصد الخيرية للبنين والبنات في مدينة بيروت، وفي نفس السنة طلبت منه وزارة المعارف التدريس بثانوية البنات ودار المعلمات بدمشق، فكان يسافر عصر الجمعة لبيروت ويعود منها مساء الثلاثاء من كل أسبوع، وقد كان بدأ في مراجعة وتحقيق كتاب "قواعد التحديث" للقاسمي بطلب من ولده ظافر، فأصبح يستغل مكوثه في السيارة والقطار بين بيروت ودمشق لإكمال المراجعة والتصحيح.
8- ثم عين مدرسا في الكلية الشرعية في سنة 1361هـ، وبدأ يدرس تفسير القرآن من الوجهة الأدبية في دار المعلمين العليا سنة 1942م.
وقد كان البيطار متميزاً في تدريسه للطلاب حتى قال فيه أحد الأدباء من طلابه:
وما أستاذنا البيطار إلا *** وحيد الشام في علم الكتاب
فيشرح حين يشرح كل صدر *** بمعنى من معانيه العذاب
ويبعث همة الآساد فينا *** كان الشيخ في شرخ الشباب
9- وبسبب حسن عمله السابق في تأسيس المعهد العلمي بمكة أعاد الملك عبدالعزيز بن سعود في عام 1363هـ/ 1943م استدعاءه للحجاز ليتولى تأسيس دار التوحيد بالطائف لتعليم الطلبة ليكونوا قضاة ومفتين ودعاة، وبقي البيطار ثلاث سنوات هناك أسس فيها الدار حتى أصبحت ثانوية كبيرة، وقد رافقه في هذه المهمة ولداه يسار وعاصم. وقد كان للبيطار صلة شخصية بالملك عبد العزيز بل كانت من المتانة بحيث أنه شجع ويسر للشيخ علي الطنطاوي الكتابة والتواصل مع الملك.
ومن القضايا الجديرة بالبحث والدراسة هي الدور الكبير والريادي للعلماء السلفيين في دعم ومساعدة الدولة السعودية في نشأتها، فقد كان من سياسة الملك عبد العزيز الاستعانة بالعلماء السلفيين من الشام ومصر وغيرها في إنشاء المؤسسات العلمية والدعوية والتعليمية والإعلامية والسياسية، فقد كان من رجاله العلماء الأجلاء: كامل القصاب، محمد بهجة البيطار، خير الدين الزركلي، حامد الفقي، عبدالظاهر أبو السمح، تقي الدين الهلالي، وكان لرشيد رضا دور كبير في الدعاية للدولة السعودية ومنهجها.
10- وبعد أن أمضى ثلاث سنوات في الطائف عاد لدمشق، فعهدت إليه جامعة دمشق في عام 1947 تدريس مادتي التفسير والحديث في كلية الآداب، وفي سنة 1953 أُحيل للتقاعد.
11- لكن الشيخ البيطار بقي يقدم بعض المحاضرات في التفسير في كلية الشريعة، واستمر يدرس ويخطب الجمعة بمسجد الدقاق، وإلقاء الأحاديث الدينية والاجتماعية في الإذاعة السورية، بالإضافة لنشاطه الكبير لخدمة المجمع العلمي بإلقاء المحاضرات والإشراف على مجلة المجمع ومطبوعاته حتى وفاته، وكان البيطار قد انتخب عضواً عاملاً في المجمع العلمي العربي بدمشق سنة 1923م، وانتخب عضوا مراسلاً للمجمع العراقي سنة 1954م. كما كان البيطار عضواً في جمعية العلماء، ثم في رابطة العلماء في دمشق.
وبدأ البيطار يكتب في مجلة المجمع من سنة 1933م، وقد كتب مقالات كثيرة في التعريف بالكتب والمؤلفات الحديثة، ومما عرف به البيطار بحسب المسرد الذي وضعه د.عدنان الخطيب لمقالات البيطار نجد هذه الكتب: عبدة الشيطان لعبد الرزاق الحسني، الخلافة لتوماس آرنولد، بصائر جغرافية لرشيد العابري، الوحدة الإسلامية بين الأخذ والرد لمحمود الملاح، مذكرات سائح في الشرق العربي لأبي الحسن الندوي، توضيح الكافية الشافية لعبدالرحمن السعدي، رسائل الإيمان تحقيق محمد ناصر الدين الألباني، ويتضح منها سعة اطلاع الشيخ وتنوع مطالعاته.
12- وتقديرا للشيخ ومكانته التربوية فقد تم استدعاؤه للرياض من قبل الملك سعود بن عبد العزيز سنة 1961 للمشاركة في مشاورات تأسيس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، قدم خلالها تصوره والمنهج المقترح للجامعة. وفي السنة التالية زار المدينة المنورة وزار الجامعة واطلع على سير الأمور فيها وألقى بعض المحاضرات على الطلبة.
13- أتيح للشيخ زيارة الحجاز عدة مرات، وزار العراق والكويت ومصر وفلسطين والأردن وباكستان والهند وروسيا وأمريكا وكندا، وذلك لحضور بعض المؤتمرات وإلقاء بعض المحاضرات.
14- تميز الشيخ بزهده في الدنيا وزخارفها برغم علاقته بالملوك والرؤساء، فقد رفض تقاضي راتب القضاء بمكة واكتفى براتب التعليم برغم أنه نصف راتب القضاء، ولما أهداه الملك سيارة وهبها لدار التوحيد بالطائف، ولما صرف له المجمع العلمي بروسيا ألف ليرة لشراء الهدايا رفض استلامها، وحين دخل في شراكة لتأسيس مدرسة أهلية بعد رجوعه من الحجاز سنة 1931م وقدر أنها لم تنجح، تحمل الخسارة وحده ولم يطالب شركاه بتحمل الخسارة معه حفاظاً على صداقته بهم.
15- كان الشيخ آمراً بالمعروف وناهياً عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة، ولم يكن يقتصر على فئة دون أخرى، ففي حفل تأبين الشيخ المحدث بدر الدين الحسيني، حضر الحفلَ ولدُه رئيس الجمهورية السورية آنذاك الشيخ تاج الدين الحسيني ورئيس الحكومة والوزراء، عدد الشيخ البيطار في كلمته مناقب شيخه الحسيني ثم التفت نحو مقاعد الرئيس والحكومة ووجه الحديث إليهم أن الفقيد كان إذا قابل المسؤولين قال لهم: أيها الرؤساء أيها الوزراء والأمراء أيها الأغنياء: أنتم خلفاء الله في أرضه على عباده... فانظروا ماذا تقولون في خلافتكم... وعدلتم في الرعية جعلكم مع عباده الأبرار في جنات تجرى من تحتها الأنهار... وإن انحرفتم عن الطريق السوي... أدخلكم ناراً وقودها الناس والحجارة...
ثم عاد البيطار بوجهه للجمهور أمامه وقال: هكذا كان شيخنا الشيخ بدر الدين يقول تغمده الله برحمته".
16- كان للشيخ علاقات مع الهيئات السلفية خارج سوريا، فالبيطار كان من أوائل من تولى الفتيا على صفحات مجلة (الهدي النبوي) التابعة لجماعة أنصار السنة المحمدية بمصر منذ الأعداد الأولى لصدورها، وذلك من خلال علاقة البيطار ببعض علماء الجماعة مثل الشيخ عبد الرزاق عفيفي الذي كان معلماً في دار التوحيد بالطائف والتي أسسها البيطار.
وكذلك تم منح البيطار منح لقب "الرئيس الشرفي" لجمعية العلماء المسلمين بالجزائر سنة 1951م، مع بعض العلماء الأجانب الذين يشتركون معها في الفكر والمنهج والهدف، بهدف توسيع نشاطها الإعلامي ولفك حصار الاحتلال الفرنسي لها، والذين منحوا هذا اللقب: محمد بهجة البيطار (سوريا)، محمد تقي الدين الهلالي (العراق)، محمد عبد اللطيف دراز (مصر)، محمد أمين الحسيني (فلسطين)، محمد بن العربي العلوي (المغرب)، عبد القادر المغربي (سوريا)، عبد العزيز جعيط (تونس)، مسعود الندوي (باكستان)، أحمد بن محمد التيجاني (المغرب)، محمد نصيف (الحجاز).
وقد كان للبيطار علاقة وثيقة جداً بالشيخ البشير الإبراهيمي حين استقر بالشام سنة 1916م قبل عودته للجزائر.
17- من ثمرات هذه المسيرة الطويلة للبيطار كوكبة من العلماء الأفذاذ في مجالات علمية متعددة، فمن تلاميذ البيطار: ولداه يسار وعاصم واللذان كانا متميزين في خلقهما وعلمهما حيث كان عاصم يعد أفضل مدرسي النحو في السعودية والشام، والشيخ الأديب علي الطنطاوي، وعميد مجمع اللغة العربية عز الدين التنوخي، والشيخ عبد القادر الأرناؤوط، والشيخ محمد نسيب الرفاعي، والشيخ الألبانى حيث كان يحضر دروسه مع عدد من أساتذة المجمع العلمي بدمشق، وكان الشيخ البيطار من الذين اقترحو تخريج أحاديث كتاب "منار السبيل" وهو من أهم كتب الحنابلة، فخرجه الشيخ الألباني في كتابه العظيم "إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل".
ويقول الشيخ مسلم الغنيمي عن تطور حال تلاميذ البيطار: "حاول أوليائي أن يفصلونى عن الأستاذ الشيخ سعدي لأنه يتردد على الشيخ محمد بهجة، فأنا بقراءتي على أستاذ يتردد على الشيخ محمد بهجة أسيء إلى سمعة عائلتي (آل الغنيمي)، وكيف أصبح الحال اليوم من أن من تتلمذ عليه يعد مفخرة واعتزازاً، فقد تتلمذ عليه الملوك والأمراء والرؤساء والوزراء والدكاترة وأساتذة الجامعات، ولم يكن هذا الفارق العظيم بين الماضي المظلم المتدثر برداء العلم، والحاضر المشرق بنور العلم والعرفان إلا بسبب جهاده ونضاله وصبره على أذى المغرضين والمتمشيخين الجهل، وسار بالدعوة إلى الله على المنهاج الذي رسمه رب العالمين لسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم: "ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة"، فكانت النتيجة واحدة، صد وإعراض في أول الأمر، ثم دخول الناس في دين الله أفواجاً".
18- كانت وفاته في يوم السبت 30 جمادى الأولى 1396هـ/ 29 أيار- مايو 1976م إثر مرض لم يمهله طويلاً، فصلي عليه في مسجد الدقاق الذي أمّ فيه وخطب أكثر من سين عاماً، وشيعه خلق كثير منهم الوزراء والعلماء والأغنياء والفقراء.
19- أثنى عليه عدد من كبار العلماء فقال عنه العلامة البشير الإبراهيمي: "علم من أعلام الإسلام، وإمام من أئمة السلفية الحقة، دقيق الفهم لأسرار الكتاب والسنة، واسع الإطلاع على آراء المفسرين والمحدثين سديد البحث في تلك الآراء، أصولي النزعة في الموازنة والترجيح بينها ثم له بعد رأيه الخاص... والأستاذ البيطار مجموعة فضائل، ما شئت أن تراه في عالم مسلم من خلق فاضل إلا رأيته فيه... و(هو) مفكر عميق التفكير".
ورثاه العلامة محمد بهجة الأثري العراقي بقصيدة قال فيها:
عَلَمٌ على الذُّرُوات رفَّ كما *** رف السنا وتلامح النُّوْر
العلمُ ملءُ جنانه دُفَقٌ *** والعقل خلف لسانه وَقْرُ
تتألق الفصحى على فمه *** زهواً كما يتألق البدرُ
عالٍ على الأهواء مُتِّشِحٌ *** بحجىً له في لمحه غوْرُ
مصباحه الفرقان يتبعه *** أنى أشارت آيُهُ الزُّهْرُ
ينحو ويسلك ما تفهَّمه *** منه النبيُّ وصحبه الغُرُّ
ويقيم من مالوا به جنفاً *** حتى يثوب إلى الهدى الصُعْرُ
كم نزَّه الإسلام من بدعٍ *** قد باضها الشيطان والكفرُ
مقبوحةٍ شوهاءَ شاه بهاً *** وجه الهدى وتلوث الطهرُ
20- ترك البيطار 15 كتابا وتحقيقاً لبعض كتب شيوخه وفاءً لبعض حقهم عليه، كما ترك الفقيد مؤلفات عديدة وبحوثاً كثيرة نشرت له في مختلف الصحف والمجلات السورية والعربية السعودية والمصرية والعراقية. طبع بعضها مستقلاً، ومازال الكثير منها شتيتاً في باطن المجلات، أما تآليفه وما طبع منها مستقلاً من أبحاثه فهو:
* كتاب (قواعد التحديث، من فنون مصطلح الحديث لجمال الدين القاسمي) حققه وخرج أحاديثه.
* تفسير (سورة يوسف) حيث أكمل التفسير الذي بدأه السيد رشيد رضا مع التقديم له.
* كتاب (المعاملات في الإسلام وتحقيق ما ورد في الربا) وقد بدأه محمد رشيد رضا وأكمله البيطار ووضع مقدمته.
* كتاب (حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر) تأليف جد البيطار، الشيخ عبد الرزاق، تحقيق محمد بهجة البيطار.
* رسالة (الإسلام والصحابة الكرام بين السنة والشيعة).
* بحث (الإنجيل والقرآن في كفتي الميزان).
بقلم/ أسامة شحادة.