شحذ الهمم

هلموا أحبائى وانثروا عبير القرآن والسنة بين إخوتكم تعلموا وعلموا الكبار والصغار كيف تكون الهمة تتلألأ كالثريا وكيف الصدق وحب البذل لدين الله ولا يخذلنّكم المخذولون بقولة أطفال و مراهقون.

  • التصنيفات: التصنيف العام - الحث على الطاعات -
شحذ الهمم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد؛

تتداعى على ذهنى فى هذه الأيام ذكرى لمقولة ترامت إلى مسامعى يوما فى مقتبل العمر حين خرج من المعهد الدراسى جمع غفير من أخواتى الملتزمات بحجابهن وكنا يومها برمضان قال شاب حدث السن لصاحبه بصوت مسموع وهو يشير إلينا: هذا أكثر ما أكرهه فى رمضان فالشياطين تحبس والشيوخ تنطلق هكذا قالها.

فتعجبت يومها أيُغضب من ذلك!!!

ثم مالبثت أن تأملت قوله ملياً ففطنت لما يرمى، وعلمت أنه يقصد بذلك ما يرى من إقبال الناس على طاعة الله فى هذا الشهر المعظم فى نفوس المسلمين عامتهم وخاصتهم، واستثيرت حفيظته أكثر فى هذا الموطن لتستر نساء المسلمين وبناتهم خاصة فى هذه الأيام وهذا يحد حتما من إطلاق البصر وكذلك خروج ربات الخدور المتسترات من بيوتهن للمساجد وحلق الذكر بشكل لافت. 

 
إن ما استدعى هذه الذكرى إلى ذهنى ثلاثة أمور:
 
أولها السباق المحموم الذى تتبارى فيه فضائيات العهر الفنى بالتجهيز والدعاية لما سيقدمونه برمضان سباق ينفقون فيه أموالا طائلة على غثاء بل أحقر وأوضع فتشتد محنتنا ونحن نرى المسلمين يموتون جوعا فى جنبات الأرض، ولا يملكون شيئا يدفعون به عن أنفسهم ظلم المتجبرين عليهم ترى سوق نخاسة فضائيات العهر الفنى المقام كل عام فى رمضان يستجدى المسلم للمشاهدة بإبداء أخس وأحقر البضائع من نساء كاسيات عاريات وأشباه للرجال وألفاظ وقصص سوقية مبتذلة، ولهم فى ذلك منهجا وضيعا فكل عام يكون المعروض أشد سفالة ودناءة. 
 
وجل غايتهم إلهاء الناس عن عبادة الله عز وجل فى هذا الشهر الذى به من البركات والرحمات ما تصلح به أمة محمد صل الله عليه وسلم جميعها، وإن اتخذوا لذلك أسترة واهية من قولهم بتسلية الصائمين أو بعض البرامج الدينية كذر للرماد بالعيون رغم ما يشوبها من توجيه وعبث.
 
وثانى الأمور التى استدعت هذه الذكرى هو استنكار فئام من الناس ممن والى الشرق الملحد أو الغرب الكافر ومن تابعهم من أذناب كل ناعق على المسلمين فى أمر تحضير دروس أو خطب أو منشورات دعوية لهذه المناسبة خاصة وفى الدعوة عامة، ونباحهم وعوائهم علينا أن كفاكم من الديدنة كل عام على الاستعداد لرمضان بالتوبة والعمل الصالح ووضع خطط لذلك.
 
هى نفس اللعبة الحقيرة لإبليس وجنده إنسا وجنا عليهم من الله ما يستحقون، تزيين الباطل والشهوات والصد عن البر والطاعات.
 
وأما ثالثها فهو هذا الخمود فى الهمم الذى يعترينا معاشر المسلمين المتسننين.
 
ولى هنا وقفة مهمة؛
فما بالنا قد فتَّ فى عضد الكثير منا رجالا ونساء مانرى من شدة هجمات أهل الباطل ومن ذيوع الفواحش والفتن.
 
إنها والله لنكتة مؤلمة محزنة لا نجد معها بدا من دعوة كدعوة فاروق الأمة عمر بن الخطاب: اللهم إنى أشكو إليك جلد الفاجر وعجز الثقة.
 
ياأُخىّ اسمع منى _ أسمعك الله مقالة رضوانه عليك بجنته_ لا تلتفت لما يفعلون ويقولون واعرض عنهم وجدّ واجتهد فى دعوتك لرب العالمين؛ فما أروع أن تستحضر فى هذا المقام قول من قال:
 
قالو سكتَّ وقد خُوصِمت قُلت لهــم 

                                             إن الجـــواب لبــاب الشـــر مفتـاح

 
والصمت عن جاهل أو أحمـق شرف 

                                            وفيــه أيضاً لِصون العرض إصلاح

 
أما ترى الأسد تُخشى وهي صامتة؟ 

                                            والكــلب يخسى لعَمْري وهو نَّبــاح

 
وقول الآخر:
لو كل كلب عوى ألقمته حجرا لأصبح الصخر.. مثقالٌ بدينار!

ولا تركن أُخى إلى سوء الحال وتكالب الأعداء أما قرأت قول ربك فى كتابه العظيم: {إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}.

ولا لضيق المعاش أما سمعت قول حبيبك النبى صل الله عليه وسلم:  «إن روح القدس نفث فى روعى أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها فاتقوا الله واجملوا فى الطلب».  

فلا يحزننك ذلك ولا يلهينك عن غايتك ودعوة الناس و اسع أُخىّ لرزقك بإجمال الطلب وجمال التوكل على من خزائنه ملئ ويده سحاء الليل والنهار لا يغيضها نفقة.

 
وأنتِ أُخيتى لما هذا الخمول عن دعوتك فليس معنى القرار ألا تساهمى بما تستطيعين فزوجك يحتاج إلى دعمك حتى يكمل مسيره و أولادك يحتاجون لغرس حب الدعوة إلى الله بقولك وعملك.

وأخواتك المسلمات يحتجن إليك فاسْدِ لهذه نصحا وحفظى هذه آية وعلمى تلك مهارة تنتفع بها فى دنياها وأخراها، ولا تستصغرى وتحتقرى نفسك وعملك.

أخيتى أو ما رأيتِ _ أراك الله وجهه الكريم فى فردوسه الأعلى _ كيف ينافح أهل الباطل عن باطلهم أما رأيتى ما يبرزونه من ثقة فى أنفسهم ومذاهبهم.

فكيف بك أخيتى وأنت من تسيرين على خطى أمهات المؤمنين ونساء الصحب الميامين.

 
ولا يتسع المقام أبدا لإغفال سواعد مستقبل أمتنا وقلبها النابض نبتات الخير التى سيكون بإذن الله جل وعلا صلاح أمتنا بها؛ أحبتى صغار السن كبار الهمم والقدر بإذن الله عز وجل هلموا أحبائى وانثروا عبير القرآن والسنة بين إخوتكم تعلموا وعلموا الكبار والصغار كيف تكون الهمة تتلألأ كالثريا وكيف الصدق وحب البذل لدين الله ولا يخذلنّكم المخذولون بقولة أطفال و مراهقون.

واذكروا أحبائى محمد الفاتح الذى دك أحد أهم معاقل الكفر والشر وهو القسطنطينية ولم يتجاوز حينها الثانية والعشرون من عمره المبارك.

واذكروا أسامة بن زيد فإنه لم يبلغ الثامنة عشر من عمره حين عقد له حبيبكم نبى الرحمة محمد صل الله عليه وسلم اللواء بيديه الشريفين وولاه قائدا فى هذا السن على جيش به أكابر الصحابة كأبى بكر وعمر.

فالهمة الهمة إخوة الإسلام فو الله مافى هذه الدنيا خير من مقالة صدق وبر ترجو بها وجه الله فقد قال جل ثناؤه وتقدست اسماؤه:  {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}.

بقلم: أم أويس الأثرية