[5] باب لا تقل: قبَّح الله وجهه

أم هانئ

عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقل قبَّح الله وجهه»

  • التصنيفات: الآداب والأخلاق -

روى المصنف بإسناده الحسن، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:  «لا تقل قبَّح الله وجهه» نقول هذه الكلمة بعضنا لبعض اليوم، ونحن أحرار والإسلام ينهى السيد أن يقول لعبده: "قبَّحَ اللهُ وجهك"، هذا أدب من آداب الإسلام، فنحنُ لبُعدنا عن الإسلام، عن التأدب بالإسلام، نستعمل مثل هذه الكلمة فلا نحس بأقل وخز أو مسئولية أو مخالفة للشريعة الإسلامية حينما نقولها: لأحد أبنائنا: "قبح اللهُ وجهك«لا تقل قبَّح الله وجهه» يعني هذا العبد.

وفي الحديث الثاني روى المصنف بإسناده الحسن عن أبى هريرة -رضي الله عنهقال:
«لا تقولن قبح اللهُ وجهك ووجه مَنْ أشبه وجهك فإن الله-عزوجل- خلق آدم-عليه السلام-على صورته» (1).

يعنى أن المسلم حين يسب إنساناً فى وجهه يكون فى وجهه سواد أو دمامة قباحة فيفعل صاحب هذا الوجه فعلاً قبيحاً؛ فلا يجد مسبة له إلا فى وجهه، ثم لايكتفى أن يسبه فى خصوص وجهه بل يتعداه إلى وجهٍ يُشبهوجهه فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم: 
«لا يقولن أحد أي لعبده (لغلامه) قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك لان الله خلق آدم على صورته» فكلنا لآدمَ وآدم من تراب،فكل هذه الوجوه، وما كان منها من بيضاء أو سمراء أو سوداء وحمراء أو صفراء، هى تعود إلى أبينا الأول إلى آدم -عليه الصلاة والسلام-، هنا المقصود في تمام كلامه أن هذه الوجوه الحمراء والبيضاء والصفراء والسوداء والسمراء والحمراء والصفراء كلها وجوه تنتمي إلى أب واحد وهو آدم عليه السلام، فحينما يقول الشاتم: " ووجه مَنْ شابه وجهك".

معناه: أنه عاد بالسب إلى أبيه لأن الله خلق آدم عليه السلام على هذه الصورة، هذا الوجه الذي أنت تقبحه،فلا تقل قبح الله وجهك لأن الله خلق آدم على صورته، وبصورة أخرى ووجه من أشبه وجهك؛ لأن الله خلق هذا الوجه على صورة مَنْ تقبّحه؛ ولذلك أيضا جاء فى أحاديث أخرى: أنك إذا احتجتَ إلى ضرب غلامك أو لولدك فلا تضربه فى وجهه؛ لأن اللهَ كرَّمَ آدمَ فخلق آدم على هذه الصورة الجميلة التى مَيَّزه بها على سائر خلقه فقال ربُنا-تبارك وتعالى في القرآن الكريم -: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} فلا يجوز أن يضرب الوجه، اضرب في أي مكان أخر، لكن الوجه هو أكرم شيء في هذا الإنسان الذي كرمه الله عز وجل على سائر مخلوقاته...؛ لذلك بعد أن بوَّب المصنف: (لا تقل قبح الله وجهك) أتبعه بباب (ليجتنب الوجه بالضرب).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-
جاء في حاشية كتاب صحيح الأدب المفرد ص 86: 

أي على صورة آدم عليه السلام، وقد جاء ذلك صراحة في حديث آخر لأبي هريرة بلفظ: «خلق الله آدم على صورته وطوله ستون ذراعا» (متفق عليه)، فإذا شتم المسلم أخاه وقال له:" قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهكشمل الشتم آدم أيضا فإن وجه المشتوم يشبه وجه آدم، والله خلق آدم على هذه الصورة التي نشاهدها في ذريته، إلا أن الفرق أن آدم خلقه الله بيده، ولم يمر بالأدوار والأطوار التي يمر به بنوه، وإنما خلقه من تراب قال تعالى في أول سورة المؤمنون:  {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون].