واذكر إسماعيل واليسع وذا الكفل وكل من الأخيار
أبو الهيثم محمد درويش
{وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ ۖ وَكُلٌّ مِّنَ الْأَخْيَارِ (48) هَٰذَا ذِكْرٌ ۚ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ (49) جَنَّاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ الْأَبْوَابُ (50) مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ (51) وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ (52) هَٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ (53) إِنَّ هَٰذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ (54)} [ص 48-54 ]
- التصنيفات: التفسير -
{وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ } :
وكأنها لوحة شرف نورانية و أي لوحة , تتلألأ سورة [ص] بذكر الصالحين من رسل الله , و الثناء الجميل عليهم , و تذكير المؤمنين بهم إلى قيام الساعة , هي لوحة وفاء ملئى بالجلال و البهاء لأناس إذا ذكروا في أي مجلس ذكر الله تعالى منهم إسماعيل بن إبراهيم و اليسع و ذا الكفل عليهم السلام.
كما يذكر لنا الحنان المنان سبحانه جزاء المتقين من عباد الله الذين بادروا إلى فعل أمره و سارعوا في الانتهاء عن المحرمات و إن خالفوا أهواءهم إرضاء لباريهم سبحانه, هذه جنات عدن تنتظر مفتحة أبوابها للمتقين, فيها ما لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر من أنواع النعيم , فيها من المآكل و المشارب ما يسر المتقين و فيها من الأزواج المطهرة قاصرات النظر على أزواجهن محببات فائقات الحسن ما يسر نظر الزوج و يرضي فؤاده , نعيم متصل غير منقطع مكافأة لهم من الجليل الجميل المنان، ذي الفضل الباهر، والكرم المتواتر.
قال تعالى :
{وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ ۖ وَكُلٌّ مِّنَ الْأَخْيَارِ (48) هَٰذَا ذِكْرٌ ۚ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ (49) جَنَّاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ الْأَبْوَابُ (50) مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ (51) وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ (52) هَٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ (53) إِنَّ هَٰذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ (54)} [ص 48-54 ]
قال السعدي في تفسيره :
أي: واذكر هؤلاء الأنبياء بأحسن الذكر، وأثن عليهم أحسن الثناء، فإن كلا منهم من الأخيار الذين اختارهم اللّه من الخلق، واختار لهم أكمل الأحوال، من الأعمال، والأخلاق، والصفات الحميدة، والخصال السديدة.
{ {هَذَا } } أي: ذكر هؤلاء الأنبياء الصفوة وذكر أوصافهم، { { ذكر} } في هذا القرآن ذي الذكر، يتذكر بأحوالهم المتذكرون، ويشتاق إلى الاقتداء بأوصافهم الحميدة المقتدون، ويعرف ما منَّ اللّه عليهم به من الأوصاف الزكية، وما نشر لهم من الثناء بين البرية.
فهذا نوع من أنواع الذكر، وهو ذكر أهل الخير.
{ {وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ} } ربهم، بامتثال الأوامر واجتناب النواهي، من كل مؤمن ومؤمنة، { {لَحُسْنَ مَآبٍ} } أي: لمآبا حسنا، ومرجعا مستحسنا.
ثم فسره وفصله فقال: { {جَنَّاتِ عَدْنٍ} } أي: جنات إقامة، لا يبغي صاحبها بدلا منها، من كمالها وتمام نعيمها، وليسوا بخارجين منها ولا بمخرجين.
{ {مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ} } أي: مفتحة لأجلهم أبواب منازلها ومساكنها، لا يحتاجون أن يفتحوها هم ، بل هم مخدومون، وهذا دليل أيضا على الأمان التام، وأنه ليس في جنات عدن، ما يوجب أن تغلق لأجله أبوابها.
{ {مُتَّكِئِينَ فِيهَا} } على الأرائك المزينات، والمجالس المزخرفات. { {يَدْعُونَ فِيهَا} } أي: يأمرون خدامهم، أن يأتوا { {بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ } } من كل ما تشتهيه نفوسهم، وتلذه أعينهم، وهذا يدل على كمال النعيم، وكمال الراحة والطمأنينة، وتمام اللذة.
{ {وَعِنْدَهُمْ} } من أزواجهم، الحور العين { { قَاصِرَاتُ} } طرفهن على أزواجهن، وطرف أزواجهن عليهن، لجمالهم كلهم، ومحبة كل منهما للآخر، وعدم طموحه لغيره، وأنه لا يبغي بصاحبه بدلا، ولا عنه عوضا. { {أَتْرَابٌ} } أي: على سن واحد، أعدل سن الشباب وأحسنه وألذه.
{ {هَذَا مَا تُوعَدُونَ} } أيها المتقون { {لِيَوْمِ الْحِسَابِ } } جزاء على أعمالكم الصالحة.
{ {إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا} } الذي أوردناه على أهل دار النعيم { {مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ} } أي: انقطاع، بل هو دائم مستقر في جميع الأوقات، متزايد في جميع الآنات.
وليس هذا بعظيم على الرب الكريم، الرءوف الرحيم، البر الجواد، الواسع الغني، الحميد اللطيف الرحمن، الملك الديان، الجليل الجميل المنان، ذي الفضل الباهر، والكرم المتواتر، الذي لا تحصى نعمه، ولا يحاط ببعض بره.
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن