ليس آدم وحده بل كل ولد آدم هذا الرجل

مدحت القصراوي

لا داعي أن نذوق تلك الشجرة وهاتيك الثمرة البشعة المرة. قف حيث أوقفك وأقدم فيما أمرك، وانتظر صدق ما أخبرك.. إنما العمر صبر ساعة.

  • التصنيفات: تزكية النفس - الطريق إلى الله -

{فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا} [الأعراف من الآية:22]، {وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا} [الأعراف من الآية:22]، {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف من الآية:23].

يمنّي المرء نفسه أن يذوق تلك المعصية وأن يتعرف الى طعمها ويتلذذ (بحلاوتها!).. ويعِد نفسه أنْ سيعود، وأنه سيبلل قدميه على الشاطىء فقط ولن يستغرق فيها! ولن يصل لمرحلة الغرق ليصارع الأمواج..

أنا.. أنت.. تاريخيا هذا هو الإنسان.

يقول أحدنا سيعافيني الله فأباشر المعصية، ثم يعافيني فلا يفضحني ولن يعجل عليّ..
يقول إن ربي سيحلم ويصبر، وسيستر ويعافي، وسيغفر إن عدتُ اليه، وسأعود، وبي رجاء أن لو عدتُ فسيقْبَلني ولن يطردني وسيغفر ما مضى ويعطيني فرصة لأبدأ من جديد..

هذا لست أنت فقط، هذا كلنا جميعا.. إلا من رحم ربك.

لكن عندما يذوق المعصية يجدها سرابا خادعا، ومرارة طافحة، وعلقما لاذعا.. يبحث عما توهم فيها من لذة ومتعة فلا يجد، وينتقل من ألم الى ألم.

يقول بعض العصاة: "عندما باشرت المعصية وجدت ألما في قلبي كأن سكينا طعنني، وطغى الألم على كل شيء"، ويقول بعضهم: "وجدت الألم بقلبي حتى صرتُ أتأوه وأصرخ آه آه، وما بجسدي شيء، بل كان ألما نافذ يطعن صدري".

عندما (ذاق) آدم لم يجد خيرا في شجرته، ولم يستطعم ثمرته، ولا تلذذ باختراق السياج الممنوع.. بل تعرى وبانت عورته، ووجد عيبا لم يكن ثمة حاجة لظهوره، وأصبح في موقف يخاف الهلكة ويدفع عن نفسه شر ما فعل!

الأماني خادعة، والأوهام لا حقيقة لها، ومع اللذة العاجلة ألم يجده المؤمن فلا يستمتع بمعصية، في حين يستمتع كافر أو فاجر استمتاع البهيمة، لكن ليس عن هؤلاء نتكلم.

إن كانت الحقيقة مجلوة والعاقبة معروفة.. فلماذا الإقدام على ما حرم؟ ولماذا انتهاك حرماته وهتك ستره؟ ولماذا التجربة المعروفة النهاية..؟

نحتاج الى العلم، نعم . وكذلك نحتاج الى الصبر، نعم. ونحتاج الى اليقين فيما قال ربنا لا ما تقول نفوسنا.

لا داعي أن نذوق تلك الشجرة وهاتيك الثمرة البشعة المرة. قف حيث أوقفك وأقدم فيما أمرك، وانتظر صدق ما أخبرك.. إنما العمر صبر ساعة.

 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام.