ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة

أبو الهيثم محمد درويش

{وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ * وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [ الزمر 60 - 61]

  • التصنيفات: التفسير -

{وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ} :

يوم القيامة ترى وجوه أهل الكذب و البهتان و الفخر و التباهي بالعناد و الكفر في الدنيا وجوههم مسودة لما يعلمون أنهم صائرون إليه و لصعوبة الموقف و توالي الحسرات , يتمنون الخلاص و لكن هيهات , ففي جهنم مثوى للمتكبرين الذين كانت تأتيهم كل أسباب الهداية في الدنيا فرفضوها و أعطوا ظهورهم لكلمة الله و استهزؤوا برسله و أتباعهم و اتخذوهم سخرياً و تكبروا عليهم و تكبروا على الله فكان الجزاء من جنس العمل.

أما أهل الإيمان و التقوى فالنجاة سبيلهم و الجنة دارهم و كما نجاهم الملك من مهالك الدنيا و تيهها و أسعدهم بالإيمان فإنه سبحانه يسعدهم في الآخرة بالنجاة و الفوز العظيم جزاء خوفهم منه و مبادرتهم لأوامره و مباعدتهم عن نواهيه و مسارعتهم إلى التوبة من كل ما وقعوا فيه.

قال تعالى:

 {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ * وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [ الزمر 60 - 61]

قال السعدي في تفسيره:

يخبر تعالى عن خزي الذين كذبوا عليه، وأن وجوههم يوم القيامة مسودة كأنها الليل البهيم، يعرفهم بذلك أهل الموقف، فالحق أبلج واضح كأنه الصبح،.فكما سوَّدوا وجه الحق بالكذب، سود اللّه وجوههم، جزاء من جنس عملهم.

فلهم سواد الوجوه، ولهم العذاب الشديد في جهنم، ولهذا قال: { {أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ} } عن الحق، وعن عبادة ربهم، المفترين عليه؟ بلى واللّه، إن فيها لعقوبة وخزيا وسخطا، يبلغ من المتكبرين كل مبلغ، ويؤخذ الحق منهم بها.

والكذب على اللّه يشمل الكذب عليه باتخاذ الشريك والولد والصاحبة، والإخبار عنه بما لا يليق بجلاله، أو ادعاء النبوة، أو القول في شرعه بما لم يقله، والإخبار بأنه قاله وشرعه.

ولما ذكر حالة المتكبرين، ذكر حالة المتقين، فقال: { { وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ } } أي: بنجاتهم، وذلك لأن معهم آلة النجاة، وهي تقوى اللّه تعالى، التي هي العدة عند كل هول وشدة. { {لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ } } أي: العذاب الذي يسوؤهم { {وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } } فنفى عنهم مباشرة العذاب وخوفه، وهذا غاية الأمان.

فلهم الأمن التام، يصحبهم حتى يوصلهم إلى دار السلام، فحينئذ يأمنون من كل سوء ومكروه، وتجري عليهم نضرة النعيم، ويقولون { {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ } }

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن