أن تكون أبا

محمد علي يوسف

أن تكون أبا فهي مسؤولية ورعاية وعناية وربما مشقة وعنت لا أجازة منهما ولا راحة و لن يشعر بما تجد إلا من كابد ما تكابد.

  • التصنيفات: تربية الأبناء في الإسلام -

أن تكون أبا فذلك يعني أن الخوف والقلق والفزع البشري الطبيعي لم يعودوا من المشاعر التي يحق لك أن تجدها وإن حدث و وجدتها يوما فليس من حقك أن تستسلم لها أو تنساق خلف تبعاتها إلا لثوانٍ تتدارك بعدها نفسك لتستطيع إكمال المهمة
مهمة أن تكون أبا..

أن تكون أبا فذلك يعني أن ثمة أجساد أخرى ستشعر أنت بكل شوكة يشاكونها بل يعني أن الخلايا الحسية في جلود تلك الأجساد الصغيرة ستجد نهايات عصبية غير مرئية تنتهي لقلبك مباشرة لتطعنه بعنف كلما تألمت تلك الخلايا..

أن تكون أبا فذلك يعني أن عليك تلمس مواضع أقدام غير قدميك، واتقاء مخاطر لم تعد معنيا بها، وتجاوز ملمات قد جاوزتها بالفعل قبل عقود لكنك تعرف أن عليك العودة لمواجهتها من جديد في كل مرة يتعثر بها صغارك..

أن تكون أبا فذلك يفسر أخيرا تلك الحركة اللاإرادية التي يقوم بها والدك كلما عبرتما طريقا مسرعا لتجد يده الواهنة ممسكة بيدك الفتية ليعبر بك رغم أن شيب رأسك ولحيتك قد صار ينافس شيبته لكن يبدو أنه لم يلحظ.. ولن يلحظ..

أن تكون أبا فهي مسؤولية ورعاية وعناية وربما مشقة وعنت لا أجازة منهما ولا راحة و لن يشعر بما تجد إلا من كابد ما تكابد
لكن ذلك كله يهون في الدنيا لحظة حين تجد تلك البسمة المطمئنة التي قد نجحت أخيرا في رسمها على وجه صغيرك وفي ذلك الحضن الذي كافأك به..

وفي الآخرة المكافأة الكبرى إن كنت قد أديت حقا ما عليك من محاولة وقايته الخطر الأعظم.. خطر النار.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم من الآية:6].

 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام.