قال الذين استكبروا إنا كل فيها
أبو الهيثم محمد درويش
{وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ * وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ * قَالُوا أَوَ لَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ} [غافر 47 – 50]
- التصنيفات: التفسير -
{قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ} :
نهاية الاستكبار وأهله يصاحب نهاية الانبهار و الهزيمة النفسية وأهلها , الصنف الأول استكبر و اتبع هواه ورفض أوامر الله و منهجه و غره شيطانه و غرنه دنياه, و الصنف الثاني باع دينه من أجل دنيا الصنف الأول , فاتبعوهم و امتهنوا أنفسهم من أجلهم متباعديهم عن ربهم , فكانت النتيجة هذا الحوار في قعر جهنم :
{وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ * وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ * قَالُوا أَوَ لَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ} [غافر 47 – 50]
قال السعدي في تفسيره:
يخبر تعالى عن تخاصم أهل النار، وعتاب بعضهم بعضًا واستغاثتهم بخزنة النار، وعدم الفائدة في ذلك فقال: { {وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ } } يحتج التابعون بإغواء المتبوعين، ويتبرأ المتبوعون من التابعين، { {فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ } } أي: الأتباع للقادة { { لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا } } على الحق، ودعوهم إلى ما استكبروا لأجله. { { إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا } } أنتم أغويتمونا وأضللتمونا وزينتم لنا الشرك والشر، { {فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ} } أي: ولو قليلاً.
{ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا } مبينين لعجزهم ونفوذ الحكم الإلهي في الجميع: { إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ } وجعل لكل قسطه من العذاب، فلا يزاد في ذلك ولا ينقص منه، ولا يغير ما حكم به الحكيم.
{ {وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ } } من المستكبرين والضعفاء { {لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ} } لعله تحصل بعض الراحة.
فـ { {قَالُوا} } لهم موبخين ومبينين أن شفاعتهم لا تنفعهم، ودعاءهم لا يفيدهم شيئًا: { {أَوَ لَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ} } التي تبينتم بها الحق والصراط المستقيم، وما يقرب من الله وما يبعد منه؟
{ {قَالُوا بَلَى} } قد جاءونا بالبينات، وقامت علينا حجة الله البالغة فظلمنا وعاندنا الحق بعد ما تبين. { {قَالُوا} } أي: الخزنة لأهل النار، متبرئين من الدعاء لهم والشفاعة: { {فَادْعُوا } } أنتم ولكن هذا الدعاء هل يغني شيئا أم لا؟
قال تعالى: { { وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ} } أي: باطل لاغ، لأن الكفر محبط لجميع الأعمال صادّ لإجابة الدعاء.
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن