لخلق السموات و الأرض أكبر من خلق الناس
أبو الهيثم محمد درويش
{لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ * وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ * إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ}[غافر 57 – 59]
- التصنيفات: التفسير -
{وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ} :
الله عز وجل خلق أجراماً سماوية عظيمة الحجم و المسافات ولها سكان ومخلوقات هائلة الخلق و الأحجام , خلقها أكبر من خلق الإنسان وأعظم وبالرغم من ذلك يواجه الإنسان ربه بالمعاصي و النكران بسبب جهله وقلة إدراكه لحجمه الحقيقي وقلة توقير معظم الناس لله حق التوقير , وتنزيهه حق التنزيه سبحانه و تعالى عما يقول المشركون.
لا يستوي من أشرك أو كفر أو عاند وعمي عن نور الله بمن آمن وعمل صالحاً وبصره الله بالحق فأحبه وسار في نوره .
ويوم القيامة قريب وسيجازي الله تعالى كل إنسان بما قدم وسيعلم من كذب بالبعث والحساب عند معاينته للحق الذي لا ريب فيه مغبة ما قدمت يداه.
قال تعالى:
{لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ * وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ * إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ}[غافر 57 – 59]
قال السعدي في تفسيره:
يخبر تعالى بما تقرر في العقول، أن خلق السماوات والأرض -على عظمهما وسعتهما- أعظم وأكبر، من خلق الناس، فإن الناس بالنسبة إلى خلق السماوات والأرض من أصغر ما يكون فالذي خلق الأجرام العظيمة وأتقنها، قادر على إعادة الناس بعد موتهم من باب أولى وأحرى. وهذا أحد الأدلة العقلية الدالة على البعث، دلالة قاطعة، بمجرد نظر العاقل إليها، يستدل بها استدلالاً لا يقبل الشك والشبهة بوقوع ما أخبرت به الرسل من البعث.
وليس كل أحد يجعل فكره لذلك، ويقبل بتدبره، ولهذا قال: { {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } } ولذلك لا يعتبرون بذلك، ولا يجعلونه منهم على بال.
ثم قال تعالى: { {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ} } أي: كما لا يستوي الأعمى والبصير، كذلك لا يستوي من آمن بالله وعمل الصالحات، ومن كان مستكبرًا على عبادة ربه، مقدمًا على معاصيه، ساعيًا في مساخطه، { قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ } أي: تذكركم قليل وإلا، فلو تذكرتم مراتب الأمور، ومنازل الخير والشر، والفرق بين الأبرار والفجار، وكانت لكم همة عليه، لآثرتم النافع على الضار، والهدى على الضلال، والسعادة الدائمة، على الدنيا الفانية.
{ {إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا } } قد أخبرت بها الرسل الذين هم أصدق الخلق ونطقت بها الكتب السماوية، التي جميع أخبارها أعلى مراتب الصدق، وقامت عليها الشواهد المرئية، والآيات الأفقية. { {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ} } مع هذه الأمور، التي توجب كمال التصديق، والإذعان.
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن