وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله

أبو الهيثم محمد درويش

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ }   [غافر 78] .

{وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ الله} :

قص الله على رسوله صلى الله عليه وسلم و على أمته من أخبار الأنبياء السابقين ورسالاتهم ومنهجهم وأيامهم ما ينير الدرب لأمة محمد صلى الله عليه وسلم ويبصرها بسبيل المؤمنين الأوائل , ومن الرسل من لم يقصص الله على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم.

وكل الرسل أتوا بالآيات البينات الدالة على صدقهم والتي أنزلها الله عليهم سواء كانت الآيات متلوة أو معجزات منظورة , كلها من عند الله , فالأنبياء بشر ليس لهم من الأمر من شيء إلا ما أذن الله لهم وأعطاهم وأمرهم بتبليغه وأيدهم به.

ثم يقضي الله بين أهل الحق و أهل الباطل في الدنيا والآخرة بتمكين المؤمنين وإذلال المجرمين, و إدخال هؤلاء الجنة وإنزالهم منازلهم وإدخال هؤلاء النار وتبوئهم منازلهم في جهنم.

قال تعالى:

  {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ }   [غافر 78] .

قال السعدي في تفسيره:

أي:  ولقد أرسلنا من قبلك رسلاً كثيرين إلى قومهم، يدعونهم ويصبرون على أذاهم. { {مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ} } خبرهم { وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ } وكل الرسل مدبرون، ليس بيدهم شيء من الأمر.

وما كان لأحد منهم { {أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ} } من الآيات السمعية والعقلية { {إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ } } أي: بمشيئته وأمره، فاقتراح المقترحين على الرسل الإتيان بالآيات، ظلم منهم، وتعنت، وتكذيب، بعد أن أيدهم اللّه بالآيات الدالة على صدقهم وصحة ما جاءوا به. { فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ } بالفصل بين الرسل وأعدائهم، والفتح. { {قُضِىَ} } بينهم { {بِالْحَقِّ} } الذي يقع الموقع، ويوافق الصواب بإنجاء الرسل وأتباعهم، وإهلاك المكذبين، ولهذا قال: { {وَخَسِرَ هُنَالِكَ } } أي: وقت القضاء المذكور { { الْمُبْطِلُونَ} } الذين وصفهم الباطل، وما جاءوا به من العلم والعمل، باطل، وغايتهم المقصودة لهم، باطلة، فَلْيَحْذَر هؤلاء المخاطبون، أن يستمروا على باطلهم، فيخسروا، كما خسر أولئك، فإن هؤلاء لا خير منهم، ولا لهم براءة في الكتب بالنجاة.

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن