الثقب الأسود..

مدحت القصراوي

والدخول في الانشغال بالجاد، والاهتمامات المطلوبة لإنجاز شيء تبني به دينك، وتصلح به دنياك للقيام بمهام الحياة..

  • التصنيفات: دعوة المسلمين -

ومهما ترك الإنسان من المحرمات، والشهوات، وصار فارغا؛ إلا وعاد ثانيةً إلى الشر، وردَّه الفراغ إلى الشهوات والمحرمات وابتلعه كثقب أسود..
لا يستقيم الإنسان ولا يتقدم ولا تثبت توبته إلا بانتهاج نهج آخر.. فالتوبة هي العودة من طريق والولوج في طريق آخر، طريق آخر يشغلك ويستولي على قلبك وتضع فيه جهدك..
فإن قعدت فارغا فيسجذبك الثقب الأسود مرةً بعد مرةً..
لم يكن لقاتل المائة أن يقعد في نفس البلد ونفس الناس بنفس الاهتمامات والنوازع والشواغل والضغوط، وإلا سيعود للقتل. فكان الرحيل، وكانت نجاته في الرحيل..
لا بد من شاغل جديد، فحب الله والقرب منه والانشغال بجواره..
أو الانشغال بدار النعيم ووضعها بين عينيك..
أو الانشغال بالنار وعذاب الله وطلب النجاة..
والدخول في الانشغال بالجاد، والاهتمامات المطلوبة لإنجاز شيء تبني به دينك، وتصلح به دنياك للقيام بمهام الحياة..
كل هذه انشغالات لا بد أن تستولي على قلب عائٍد تائبٍ، حتى ينسى الإنسان معاصيه ودواعيها ولا يجد في قلبها لها صدى إذ قد ترك طريقها ودوافعها واهتمامتها وأوغل في طريق آخر له طبيعته واهتماماته ودوافعه.. حتى إذا نظر بعد حين الى الطريق الآخر نفر منه وتعجب من نفسه كيف كان مغرقا فيه..! بل وتعجب من ضعفه إذ وجد في قلبه من القوة والصلاح ما يسير به إلى ربه تعالى.
الخير أمرٌ وجوديّ، والشر أمرٌعدميّ يأتي عند الفراغ من الخير..
فانشغل بالخير، وأشغِل به ولدك وزوجك، وأشغِل به من تُربِّي وتوجِّه.. والبناء خير، ومن قوالب الخير تُبنى صروح..