ليقولن خلقهن العزيز العليم

أبو الهيثم محمد درويش

الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ * وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ

  • التصنيفات: التفسير -

{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} :

سؤال لا يحيد عن إجابته الصحيحة إلا ناقص عقل , فالمؤمن بل والكافر يعلم يقينا أن الله هو من الخالق و هو المدبر , ولكن هذا أجاب أمر الله وهذا عاند وتكاسل فكفر.

كل ما حولنا يدلنا على الله :

السماوات وما فيهن

الأرض وما فيها

الرزق النازل من السماء و المنفجر من الأرض

خلق الإنسان والحيوان والنبات وسائر المخلوقات العلوية و السفلية بكل دقة وإبهار

البحار والمحيطات و الأنهار وما تحمله من فلك مشحون يبهر العقول قبل الأعين.

من خلق كل هذا وسخره ؟؟!!!

هو الله الواحد القهار
قال تعالى:

  {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ * وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ * وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ * لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ }  [الزخرف   9-14]

فال السعدي في تفسيره:

يخبر تعالى عن المشركين، أنك لو { {سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ} } الله وحده لا شريك له، العزيز الذي دانت لعزته جميع المخلوقات، العليم بظواهر الأمور وبواطنها، وأوائلها وأواخرها، فإذا كانوا مقرين بذلك، فكيف يجعلون له الولد والصاحبة والشريك؟! وكيف يشركون به من لا يخلق ولا يرزق، ولا يميت ولا يحيي؟!

ثم ذكر أيضا من الأدلة الدالة على كمال نعمته واقتداره، بما خلقه لعباده من الأرض التي مهدها وجعلها قرارا للعباد، يتمكنون فيها من كل ما يريدون.

{ {وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا } } أي: جعل منافذ بين سلاسل الجبال المتصلة، تنفذون منها إلى ما وراءها من الأقطار. { لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } في السير في الطرق ولا تضيعون، ولعلكم تهتدون أيضا في الاعتبار بذلك والادكار فيه.

{ {وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ } } لا يزيد ولا ينقص، ويكون أيضا بمقدار الحاجة، لا ينقص بحيث لا يكون فيه نفع، ولا يزيد بحيث يضر العباد والبلاد، بل أغاث به العباد، وأنقذ به البلاد من الشدة، ولهذا قال: { {فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا } } أي: أحييناها بعد موتها، { {كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ} } أي: فكما أحيا الأرض الميتة الهامدة بالماء، كذلك يحييكم بعد ما تستكملون في البرزخ، ليجازيكم بأعمالكم.

{ {وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا } } أي: الأصناف جميعها، مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون، من ليل ونهار، وحر وبرد، وذكر وأنثى، وغير ذلك. { {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ } } أي: السفن البحرية، الشراعية والنارية، مَا تَرْكَبُونَ { {و} } من { {الأنعام ما تركبون لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ } }

وهذا شامل لظهور الفلك ولظهور الأنعام، أي: لتستقروا عليها، { {ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ} } بالاعتراف بالنعمة لمن سخرها، والثناء عليه تعالى بذلك، ولهذا قال: { {وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ } } أي: لولا تسخيره لنا ما سخر من الفلك، والأنعام، ما كنا مطيقين لذلك وقادرين عليه، ولكن من لطفه وكرمه تعالى، سخرها وذللها ويسر أسبابها.

والمقصود من هذا، بيان أن الرب الموصوف بما ذكره، من إفاضة النعم على العباد، هو الذي يستحق أن يعبد، ويصلى له ويسجد.

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن