يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبراً

أبو الهيثم محمد درويش

{وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا} . تطور حاله من الإعراض إلى الاستهزاء بالله وآياته ورسله وأتباعهم فلم يعد يليق به إلا مسمى  "العدو" لله ورسله وأوليائه

  • التصنيفات: التفسير -

{يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا} :

توعد الله بالويل والعذاب والإهانة من هذه صفاته:

  • {يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا} , فلا اهتم ولا حاول أن يهتم وإنما أعرض عن كلمات الله فلم يفعل ما أمر ولم يجتنب ما نهى عنه , ولم يتخلق بأخلاق القرآن ولم يتجاوب مع الرسل وتكاسل أن يكون من أتباعهم بل قد يكون عاداهم وأبغضهم هم وأتباعهم.
  • {وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا} . تطور حاله من الإعراض إلى الاستهزاء بالله وآياته ورسله وأتباعهم فلم يعد يليق به إلا مسمى  "العدو" لله ورسله وأوليائه.
  • أما الوعيد فأكدت الآيات استحقاقهم للعذاب الأليم والعذاب المهين ,وأن {مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلَا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا شَيْئًا} , {وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} ,  و {عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ} .

تأمل قول الله تعالى :

{وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ * مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلَا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا شَيْئًا وَلَا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * هَذَا هُدًى وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ}

قال السعدي في تفسيره :

 قسم تعالى الناس بالنسبة إلى الانتفاع بآياته وعدمه إلى قسمين:

قسم يستدلون بها ويتفكرون بها وينتفعون فيرتفعون وهم المؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر إيمانا تاما وصل بهم إلى درجة اليقين، فزكى منهم العقول وازدادت به معارفهم وألبابهم وعلومهم.

وقسم يسمع آيات الله سماعا تقوم به الحجة عليه ثم يعرض عنها ويستكبر، كأنه ما سمعها لأنها لم تزك قلبه ولا طهرته بل بسبب استكباره عنها ازداد طغيانه.

وأنه إذا علم من آيات الله شيئا اتخذها هزوا فتوعده الله تعالى بالويل فقال:

{ {وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} } أي: كذاب في مقاله أثيم في فعاله.

وأخبر أن له عذابا أليما وأن { {مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ } } تكفي في عقوبتهم البليغة.

وأنه { { لا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا } } من الأموال { { وَلَا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ} } يستنصرون بهم فخذلوهم أحوج ما كانوا إليهم لو نفعوا.

فلما بين آياته القرآنية والعيانية وأن الناس فيها على قسمين أخبر أن القرآن المشتمل على هذه المطالب العالية أنه هدى فقال: { {هَذَا هُدًى } } وهذا وصف عام لجميع القرآن فإنه يهدي إلى معرفة الله تعالى بصفاته المقدسة وأفعاله الحميدة، ويهدي إلى معرفة رسله وأوليائه وأعدائه، وأوصافهم، ويهدي إلى الأعمال الصالحة ويدعو إليها ويبين الأعمال السيئة وينهى عنها، ويهدي إلى بيان الجزاء على الأعمال ويبين الجزاء الدنيوي والأخروي، فالمهتدون اهتدوا به فأفلحوا وسعدوا، { {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ} } الواضحة القاطعة التي يكفر بها إلا من اشتد ظلمه وتضاعف طغيانه، { {لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ} }

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن