مثل الجنة التي وعد المتقون

أبو الهيثم محمد درويش

مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ

  • التصنيفات: التفسير -

{مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ} :

سبحان من أعد لعباده الطائعين المتقين المنقادين لأمره المنتهين عن محرماته ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر , نعيمهم لا يحده وصف وإنما فقط مجرد أمثال وتشبيهات يقربها  الله للأذهان حتى تشتاق لنعيم الجنة .

أنهار من ماء عذب زلال وأنهار من لبن لا يعتريه أي تغير طاريء في الطعم فلا حموضة ولا غيرها , وأنهار من خمر طيب المذاق والرائحة بلا كدر ولا ذهاب عقل ولا تصدع رأس ,ولهم فيها من كل الثمرات والمشتهيات على أكمل وأطيب ما يكون , وفوق كل هذا مغفرة الرحمن ورضوانه.

أما أهل العناد والإعراض فليس لهم إلا النار , شرابهم فيها الماء الحار الذي يقطع الأمعاء.
قال تعالى :

 { {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ } } [محمد 15]

قال السعدي في تفسيره:

أي: مثل الجنة التي أعدها الله لعباده، الذين اتقوا سخطه، واتبعوا رضوانه، أي: نعتها وصفتها الجميلة.

{ {فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ} } أي: غير متغير، لا بوخم ولا بريح منتنة، ولا بمرارة، ولا بكدورة، بل هو أعذب المياه وأصفاها، وأطيبها ريحا، وألذها شربا.

{ {وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ} } بحموضة ولا غيرها، { {وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ } } أي: يلتذ به شاربه لذة عظيمة، لا كخمر الدنيا الذي يكره مذاقه ويصدع الرأس، ويغول العقل.

{ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى } من شمعه، وسائر أوساخه.

{ {وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} } من نخيل، وعنب، وتفاح، ورمان، وأترج، وتين، وغير ذلك مما لا نظير له في الدنيا، فهذا المحبوب المطلوب قد حصل لهم.

ثم قال: { {وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ } } يزول بها عنهم المرهوب، فأي هؤلاء خير أم من هو خالد في النار التي اشتد حرها، وتضاعف عذابها، { {وَسُقُوا } } فيها { {مَاءً حَمِيمًا } } أي: حارا جدا، { {فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ} }

فسبحان من فاوت بين الدارين والجزاءين، والعاملين والعملين.

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن