إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله
أبو الهيثم محمد درويش
إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا
- التصنيفات: التفسير -
{إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} :
الذين بايعوا محمداً صلى الله عليه وسلم على الطاعة والثبات إنما هم في الحقيقة بايعوا الله تعالى وهكذا كل من عاهد الله على الثبات على الدين حتى يلقاه وعلى حمل أمانة الكتاب والسنة علماً وعملاً وأداءاً .
فمن نكث العهد وانتكس فإنما العاقبة عليه فقد تعجل ولم يثبت ويتمهل وينتظر الفوز الموعود يوم يرى المؤمنين نورهم ويوم يفرح الثابت بثباته ويفرح بعفو الله عن كبواته وقبوله لتوباته وزيادته لأجر طاعاته وهو نفسه يوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلاً.
قال تعالى :
{إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا } [الفتح 10]
قال السعدي في تفسيره:
هذه المبايعة التي أشار الله إليها هي { بيعة الرضوان } التي بايع الصحابة رضي الله عنهم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، على أن لا يفروا عنه، فهي عقد خاص، من لوازمه أن لا يفروا، ولو لم يبق منهم إلا القليل، ولو كانوا في حال يجوز الفرار فيها، فأخبر تعالى: أن الذين بايعوك حقيقة الأمر أنهم { {يُبَايِعُونَ اللَّهَ} } ويعقدون العقد معه، حتى إنه من شدة تأكده أنه قال: { {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } } أي: كأنهم بايعوا الله وصافحوه بتلك المبايعة، وكل هذا لزيادة التأكيد والتقوية، وحملهم على الوفاء بها، ولهذا قال: { {فَمَنْ نَكَثَ} } فلم يف بما عاهد الله عليه { {فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ } } أي: لأن وبال ذلك راجع إليه، وعقوبته واصلة له، { {وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ} } أي: أتى به كاملا موفرا، { {فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} } لا يعلم عظمه وقدره إلا الذي آتاه إياه.
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن