قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم إولي بأس شديد
أبو الهيثم محمد درويش
قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا
- التصنيفات: التفسير -
{قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ} :
لازال الاختبار مستمراً , وها أنتم أيها المنافقون تدعون لمواصلة المسيرة رغم ما زعمتم من أعذار واهية أعاقتكم بزعمكم عن مناصرة الرسول صلى الله عليه وسلم وحمل راية الإسلام.
ستعاد الكرة ويتكرر الاختبار وستلقون مواقف أصعب فإن تبتم و أنبتم فأنتم وذاك وإن توليتم واستمر إعراضكم فليس لكم إلا المهانة والعذاب الأليم .
أما أصحاب الأعذار الحقيقية فالله تعالى أعلم بحالهم وهو مولاهم ولا يكلف نفساً إلا وسعها , فالمريض والأعمى والأعرج وغيرهم من أهل الأعذار ليس عليهم جناح فيما لا طاقة لهم به من وسائل النصرة وحمل راية الدين.
قال تعالى:
{ {قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا} } [الفتح 16-17]
قال السعدي في تفسيره:
لما ذكر تعالى أن المخلفين من الأعراب يتخلفون عن الجهاد في سبيله، ويعتذرون بغير عذر، وأنهم يطلبون الخروج معهم إذا لم يكن شوكة ولا قتال، بل لمجرد الغنيمة، قال تعالى ممتحنا لهم: { {قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ } } أي: سيدعوكم الرسول ومن ناب منابه من الخلفاء الراشدين والأئمة، وهؤلاء القوم فارس والروم ومن نحا نحوهم وأشبههم. { {تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ} } أي: إما هذا وإما هذا، وهذا هو الأمر الواقع، فإنهم في حال قتالهم ومقاتلتهم لأولئك الأقوام، إذ كانت شدتهم وبأسهم معهم، فإنهم في تلك الحال لا يقبلون أن يبذلوا الجزية، بل إما أن يدخلوا في الإسلام، وإما أن يقاتلوا على ما هم عليه، فلما أثخنهم المسلمون، وضعفوا وذلوا، ذهب بأسهم، فصاروا إما أن يسلموا، وإما أن يبذلوا الجزية، { { فَإِنْ تُطِيعُوا} } الداعي لكم إلى قتال هؤلاء { { يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا} } وهو الأجر الذي رتبه الله ورسوله على الجهاد في سبيل الله، { {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ } } عن قتال من دعاكم الرسول إلى قتاله، { {يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} } ودلت هذه الآية على فضيلة الخلفاء الراشدين، الداعين لجهاد أهل البأس من الناس، وأنه تجب طاعتهم في ذلك.
ثم ذكر الأعذار التي يعذر بها العبد عن الخروج إلى الجهاد، فقال: { {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ } } أي: في التخلف عن الجهاد لعذرهم المانع.
{ { وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ } } في امتثال أمرهما، واجتناب نهيهما { { يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ } } فيها ما تشتهيه الأنفس، وتلذ الأعين، { {وَمَنْ يَتَوَلَّ } } عن طاعة الله ورسوله { { يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا} } فالسعادة كلها في طاعة الله، والشقاوة في معصيته ومخالفته.
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن