من روائع الحكم :المقال العاشر

عبد الفتاح آدم المقدشي

" الإسراف في المأكل والمشرب يؤدي إلى أمراض فتَّاكة لا تحمد عقباها "

  • التصنيفات: الزهد والرقائق -

التحذير من الاسراف
1 - المسرف فيه شعبة من شعب السفه, وإن زاد إسرافه من حدِّ المعقول فهو سفيه يجب أن يُحجر عليه, وقد قال تعالى { {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا} } [ النساء:: 5 ] 
" السفه بدايته من الاسراف ونهايته الخسارة الدنيوية والأخروية " 
2 - المسرف لا يتحاشا من معاقرة شرب السموم التي لا تنفعه أعني الاسراف في المباحات ثم يشتكي بعد ذلك من التخمة ثم أمراض أخرى كالغازات أو قرحة المعدة أو السمنة ثم الضغط والسكر والكريستول
" الإسراف في المأكل والمشرب يؤدي إلى أمراض فتَّاكة لا تحمد عقباها "
3 - المسرف يجلس ملوماً محسوراً في الدنيا والآخرة والله سبحانه وتعالى لا يلوم في الكفاف وإنما يلوم المرء في الفضل 
" لا يلوم الله في الكفاف وإنما يلوم في الفضل والاسراف "
4 - المسرف أسوته الطغاة والمتكبِّرون والجبابرة , أما الذين لا يسرفون ويقتصدون فأسوتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم, وقد شكى له صلى الله عليه وسلم أناسٌ من الرخاء يعيشون فيه فسألهم كم وقت يأكلون فقالوا ثلاث أوقات فأشار لهم وقتين أي وجبتين فقط والحديث رأيته في المسند الصحيح للمقبل الوادعي رحمه الله , وكانت حياته – بأبي هو وأمي - كفافاً إذا أكل من وجبة واحدة أكل في الوقت الثاني قليلاً من التمر. 
" أسوة المسرفين الطغاة والمتكبِّرون والجبابرة وأسوة المقتصدين رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي "
5 - الإسراف أمارة كبيرة في قلة تصوُّر المسرفين في الواقع الذي يعيشه الناس من قلة المؤونة وضيق المعيشة وعلامة على قلة الرحمة لإخوانه المسلمين بينما المقتصد رحيم يفكِّر عن إخوانه المسلمين المتضررين كيف يعينهم ويكفكف دموعهم ويسد على خلاتهم ويستر على عوراتهم.
" المسرف بليد لا يفكرعن إخوانه ولا يسأل عنهم بينما المقتصد يفكر كيف يعينهم "
6 - المسرفون فليلوا التصوُّر في التكافل الاجتماعي مع ما هم فيه من عدم تحمُّل المسؤولية ظاهرة على تصرفاتهم وإنما كان الوجب على المسلمين أن يتكافلوا ويتكاتفوا ويتآزروا ويكونوا يداً واحداً على عدوهم خصوصاً لابد من التفكر والتحرك للعمل الجاد للإنقاذ على مثل إخواننا في سوريا الذين وقعوا في فكي كماشة من أعداء لله لا يرحمون ولا يرقبون فينا إلا ولا ذمة وغيرهم من المسلمين المتضررين كثير. " المسرفون لا يتحملون مسؤولية لأخوانهم بينما المقتصدون يعملون بالمبادئ الجميلة الإسلامية كالتكافل الاجتماعي والتكاتف والتآزر والتعاطف لأخوانهم "
7 - بعض الجهال - هداهم الله - الذين يفعلون هذا الاسراف كأنهم يعنون ذلك التفاخروالتكاثر على الآخرين وكأنهم يقولون: أنظروا إلى أحوالنا ومكاننا ومنزلتنا من الدنيا, هكذا هو حالنا نقدر أن نلعب بالأموال, وقد رأيت بأم عيني شاباً قد قاد سيارته في المدينة وقد وضع المقعد الخلفي ولديه وأعطى كل واحد منهما مائتي درهم تقريباً فأعرض كلاً من الولدين هذه النقود للهواء يلعبان بهما وهو لا يبالي بذلك بل إنما هو متفاخر ومتزين نفسه بذلك!. " المسرف الجاهل يتفاخر باللعب بالأموال بينما المؤمن المقتصد يجمع ما لعب به المسرفون ورموها لينفع بها المعدمون"
8 - لو كان المسرف يعلم ما يجنيه بنفسه وبإخوانه المسلمين الآخرين لما أسرف إذ قد يموت بعض الناس جوعاً لكونهم لا يكادون يجدون ما يأكلون ومع ذلك المسرف لا يزال مشغولاً باللعب واللهو , فكيف وهذه المسؤولية مطوية على عنقه و هو مسؤول عنها يوم القيامة فليعد للسؤال إذا الجواب حين لا رجوع إلى الدنيا مرة أخرة ففي الحديث " « ليس المؤمنُ الذي يبيتُ شبعانًا وجارُه جائعٌ إلى جنبِه» "
[الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترغيب | الصفحة أو الرقم : 2563 | خلاصة حكم المحدث : صحيح لغيره ]
" المسرف يجني بإخوانه بإسرافه بل يقتلهم والمؤمن المقتصد هو الناجي المنقذ لأخوانه " قال تعالى { قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ } [ الأنعام: 140 ]
وقلت:
اعلم يا أخي الاسراف على قسمين ** اسراف الكفر والذنوب والضلال
كالطغاة والمتكبرون على الشريعة ** والمعرضون التقوى ليس لهم أهل
واسراف أموال كصرف بلا طائل ** والتقي محافظ حذر من الإضلال
لا يبالي المسرف بم يهلك أمواله ** فيفلس ثم يأتي باكيا على الأطلال
هلا اقتصدت لا مسرفا ولا مقترا ** أَمْر الله في كتابه متصدقا بالفضل
الفقير إلى عفو ربه ورحمته
عبد الفتاح آدم المقدشي