من أسباب تخلف الأمة: الكثرة بلا قيمة
أبو الهيثم محمد درويش
تبدل الحال بعد نصرة الرسالة وتحملها وتغير الإيمان والتخلي عن الشريعة ورسالة السماء
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
أولاً : تبدل الحال بعد نصرة الرسالة وتحملها وتغير الإيمان والتخلي عن الشريعة ورسالة السماء:
سر من أسرار تخلف الأمة رغم كثرتها ...محفوظ في سورة الأنفال :
{وَإِن تَعُودُوا نَعُدْ وَلَن تُغْنِيَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ } .
لما عادت الغالبية العظمى إلى مخاصمة كتاب الله والابتعاد عن منهجه لم تصبح للكثرة أي قيمة
قال القرطبي :
من أوجه تفسيرها:
أي إن تستنصروا فقد جاءكم النصر . وإن تنتهوا أي عن مثل ما فعلتموه من أخذ الغنائم والأسرى قبل الإذن ; فهو خير لكم وإن تعودوا أي إلى مثل ذلك نعد إلى توبيخكم . كما قال : لولا كتاب من الله سبق الآية .
قال ابن كثير:
( { وإن تعودوا نعد} ) كقوله ( {وإن عدتم عدنا } ) [ الإسراء : 8 ] معناه : وإن عدتم إلى ما كنتم فيه من الكفر و الضلالة ، نعد لكم بمثل هذه الواقعة .
( {ولن تغني عنكم فئتكم شيئا ولو كثرت } ) أي : ولو جمعتم من الجموع ما عسى أن تجمعوا ، فإن من كان الله معه فلا غالب له ، فإن الله مع المؤمنين ، وهم الحزب النبوي ، والجناب المصطفوي .
قال السعدي في تفسير الآية:
{ {وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ} } أي: أعوانكم وأنصاركم، الذين تحاربون وتقاتلون، معتمدين عليهم، شَيئا وأن الله مع الْمؤمنين. ومن كان اللّه معه فهو المنصور وإن كان ضعيفا قليلا عدده، وهذه المعية التي أخبر اللّه أنه يؤيد بها المؤمنين، تكون بحسب ما قاموا به من أعمال الإيمان. فإذا أديل العدو على المؤمنين في بعض الأوقات، فليس ذلك إلا تفريطا من المؤمنين وعدم قيام بواجب الإيمان ومقتضاه، وإلا فلو قاموا بما أمر اللّه به من كل وجه، لما انهزم لهم راية [انهزاما مستقرا] ولا أديل عليهم عدوهم أبدا.
ثانياً:
الكثرة لم تحقق النصر لما وقع العجب في القلوب والاعتماد على الكثرة والعدة يوم حنين .
قال تعالى:
{لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ۙ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ} [ (25) التوبة]
يذكر تعالى للمؤمنين فضله عليهم وإحسانه لديهم في نصره إياهم في مواطن كثيرة من غزواتهم مع رسوله وأن ذلك من عنده تعالى ، وبتأييده وتقديره ، لا بعددهم ولا بعددهم ، ونبههم على أن النصر من عنده ، سواء قل الجمع أو كثر ، فإن يوم حنين أعجبتهم كثرتهم ، ومع هذا ما أجدى ذلك عنهم شيئا فولوا مدبرين إلا القليل منهم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . ثم أنزل الله نصره وتأييده على رسوله وعلى المؤمنين الذين معه.
قال السعدي:
{ {إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا} } أي: لم تفدكم شيئا، قليلًا ولا كثيرًا { {وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ} } بما أصابكم من الهم والغم حين انهزمتم { {بِمَا رَحُبَتْ} } أي: على رحبها وسعتها، { {ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} } أي: منهزمين.
وأخيراً:
قال صلى الله عليه وسلم «يوشك الأمم أن تداعى عليكم، كما تداعى الأكلة إلى قصعتها. فقال قائل: ومِن قلَّةٍ نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذٍ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السَّيل، ولينزعنَّ الله مِن صدور عدوِّكم المهابة منكم، وليقذفنَّ الله في قلوبكم الوَهَن. فقال قائل: يا رسول الله، وما الوَهْن؟ قال: حبُّ الدُّنيا، وكراهية الموت» [صححه الألباني]