إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون

أبو الهيثم محمد درويش

إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ

  • التصنيفات: التفسير -

{إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} :

الله عز وجل يوجه ويرشد عباده إلى آداب التعامل والحوار وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الأولى على الإطلاق بأن يتأدب معه أتباعه سواء في الاستئذان أو خفض الصوت في الحديث أو آداب الحوار , ومن تعدى هذه الآداب فإنما يدل ذلك على نقص عقله.

وفي الآيات توجيه قرآني لبعض الأعراب الذين لم يصبروا حتى يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم واستعجلوا خروجه فبادروا بالنداء عليه ليترك ما هو فيه من مشاغل ويتوجه إليهم دون النظر إلى ما قد يكتنفه صلى الله عليه وسلم من مشقة أو حرج , ولو أنهم صبروا وتأدبوا لكان خيراً لهم , والله يغفر للجاهل إذا تاب وأناب وتعلم وأصلح من أخلاقه وتعاملاته.
قال تعالى :

 { { إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} } [الحجرات  4-5]

قال السعدي في تفسيره:

نزلت هذه الآيات الكريمة، في أناس من الأعراب، الذين وصفهم الله تعالى بالجفاء، وأنهم أجدر أن لا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله، قدموا وافدين على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجدوه في بيته وحجرات نسائه، فلم يصبروا ويتأدبوا حتى يخرج، بل نادوه: يا محمد يا محمد، أي: اخرج إلينا، فذمهم الله بعدم العقل، حيث لم يعقلوا عن الله الأدب مع رسوله واحترامه، كما أن من العقل وعلامته استعمال الأدب.

فأدب العبد، عنوان عقله، وأن الله مريد به الخير، ولهذا قال: { {وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } } أي: غفور لما صدر عن عباده من الذنوب، والإخلال بالآداب، رحيم بهم، حيث لم يعاجلهم بذنوبهم بالعقوبات والمثلات.

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن