مرة أخرى.. لنا الشارع وسنزاحمكم في الفضائيات والصحف

ملفات متنوعة

إن من أكثر ما يميز النخبة العلمانية المزيفة في مصر أنها تحدث نفسها
ولا تريد أن تسمع إلا لنفسها، فهي تخطب من أجل أن يقال فلان يخطب،
تكتب من أجل أن يقال كاتب، ليس المهم ماذا تخطب أو تكتب أو تقول،
المهم أن تكون هناك مادة للكتابة والخطابة..

  • التصنيفات: مذاهب باطلة -



منذ حوالي شهر تقريبا نشرت صحيفة المصريون الإلكترونية مقالا لي بعنوان "أيها العلمانيون.. لكم الفضائيات والصحف ولنا الشارع"، وقد كان لهذا المقال صدى واسع ووصلتني تعليقات كثيرة وردود مختلفة، ولكن يوم السبت الرابع عشر من مايو وجدت في الصفحة الرئيسية لموقع اليوم السابع مقالا باسم "خدو الفضائيات وسيبولنا الشارع"، جذبني عنوان المقال حيث أنه مشابه لعنوان مقالي المنشور، فدخلت على المقال لأطلع عليه فوجدت الرجل يتحدث عن مؤتمر أقباط المهجر الذي عقد بمصر مؤخرا، وشارك فيه عددا من النخبة المزيفة ودعا الرجل إلى اختلاط هذه النخبة بالشارع حتى تصبح مقولة "خدو الفضائيات وسيبولنا الشارع" مقولة خاطئة وقد عزا الرجل هذه المقولة إلى مقالي المنشور بالصحيفة دون أن يذكر اسمي.


إن من أكثر ما يميز النخبة العلمانية المزيفة في مصر أنها تحدث نفسها ولا تريد أن تسمع إلا لنفسها، فهي تخطب من أجل أن يقال فلان يخطب، تكتب من أجل أن يقال كاتب، ليس المهم ماذا تخطب أو تكتب أو تقول، المهم أن تكون هناك مادة للكتابة والخطابة بغض النظر عن كون هذه المادة صالحة أو غير صالحة، صحيحة أو غير صحيحة، ذات جدوى أو عديمة الجدوى، المهم أن يجدوا مكانا في الفضائيات ومكانا في الصحف، وبما أننا في عصر يسيطر في المال والأعمال على العقول والأقلام.

ليس غريبا أن تجد هذه النخبة المزيفة تقول نفس الكلام كل يوم، ليس غريبا أن تجد مقالاتهم متطابقة، ليس غريبا أن تجدهم لا يتحدثون مرة ويذكرون شيئا ذات جدوى، ليس غريبا أن تجد كل مؤهلاتهم التي تتيح لهم الكتابة بشكل يومي في صحيفة ما والظهور كل يوم فى فضائية ما أنهم مجرد علمانيين، يحاربون الدين ويحاولون إقصاء المتدينين عن الساحة.


إن هذه النخبة المزيفة لا تريد بعد أن تفهم أنها تسير عكس التيار، وأنها تريد أن تركب موجة الثورة والحرية والديمقراطية في حين أنهم أبعد الناس عن كل هذا، لقد كانت هذه النخبة أكثر الناس استفادة من نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، ففي عصره أطلقوا القنوات الفضائية والصحف اليومية والأسبوعية في حين كانت تغلق الصحف التي تفتح صفحاتها لكتاب الإخوان المسلمين ولعل أشهرها صحيفة آفاق عربية، وفي عصر حسني مبارك كان الإعلام يؤذي أعيننا وأذننا ليل نهار برؤية وسماع هؤلاء وهم يهاجمون الإسلام والتيارات الإسلامية ويمدحون في النظام ويكيلون له أفضل الأوصاف وكأنه ملك نزل من السماء، لقد كانوا يفرحون كثيرا عندما كان يتم اعتقال عدد من رموز التيار الإسلامي بلا ذنب ولا جريرة، وكانوا يشمتون عندما يتم تحويل عدد منهم إلى المحاكم العسكرية بتهمة يعلم العالم كله أنهم منها أبرياء.

لقد كانوا ولا يزالون ضد الحرية والديمقراطية إلا إذا أسفرتا عن وصول من يريدون أما في حالة وصول من لا يريدون فإنهم أشد الناس كفرا بهما وجحودا لهما وإنكارا، وهم أكثر الناس حينئذ حنقا عليهما ودعوة للتخلي عنهما ونبذهما، وهم الذين يدعون ليل نهار إلى فرض الوصاية على الشعب العظيم الذي قال كلمته يوم الإستفتاء، يريدون أن ينقلبوا على هذه التجربة الغير مسبوقة للشعب المصري، وهم الذين أزعجونا قبلها بضرورة احترام النتيجة أيا كانت وضرورة الإلتزام التام بها فقد كانوا يظنون أنها ستكون على هواهم ولكن لما ظهرت النتيجة وتبينوا أنهم واهمون سرعان ما انقلبوا عليها حتى أنهم اليوم يطالبون بتأجيل الإنتخابات ظنا منهم أنهم سيستطيعون خلال الفترة المؤجل فيها الإنتخابات أن يفعلوا شيئا، أو يحصلوا على دعم الجماهير، ونسوا بل تناسوا أن التيار الإسلامي أيضا سيعمل على الحصول على مزيد من الدعم الجماهيري بل سيكون أكثر استفادة من هذا التأجيل ولكن الوطن العزيز على قلوب هؤلاء الإسلاميين هو الخاسر من هذا التأجيل.


إن هؤلاء العلمانيين لم يفهموا الدرس بعد، وما أظنهم سيفهموه ولو بعد حين إنهم لا يدركون أن الشعب لا ينتظر منهم أن يمنوا عليه بالنزول إليه والحديث معه فقط من أجل دعمه لهم في الانتخابات بعد أن اتهموه بالجهل، إنهم لا يدركون أن الشعب وبعد ما سمع ورأى وشاهد كيف يتقلبون بين عشية وضحاها قد بات يدرك الفارق الشاسع بين الإسلاميين الذين لم يتغيروا ولم تتغير حالهم وبين هؤلاء، الشعب بات يدرك اليوم كثيرا من هم الذين يقلبون الحقائق ويزيفون الوقائع، وبات يعرف من هم المنافقين الذين لا يتجرأون إلا على النيل من الإسلام والإسلاميين، ولم يفهموا الدرس بعد أنهم يحدثون الناس من الإستوديوهات المكيفة والناس تعاني من شدة حر الصيف وقسوة برد الشتاء.

ونعود إلى العلماني صاحب المقالة المنشورة في "اليوم السابع"، فقد غير في مقولتي وذكرها بشكل آخر توحي بأننا نرجو منهم أن يتركوا لنا الشارع طالما أنهم يسيطرون على الإعلام بفضائياته وصحفه، ولكن الذي لا يعلمه هذا الكاتب أنيس كنت أذكر واقعا حادثا فعلا، ولم أكن أطلب منه أو من غيره أن يترك لنا الشارع، لأننا موجودون بالشارع فعلا وهو أصل قوتنا وشعبيتنا المتجذرة في كل أنحاء القطر المصري، بل ليعلم الكاتب أننا لا نكتفي بالشارع فقط بل نسعى أيضا إلى إيجاد وسائل إعلام قوية تنشر الحقيقة كما هي دون تحريف ولا تشويه وأقول له مرة أخرى ولأمثاله من العلمانيين الذين يحترقون من الغيظ "لنا الشارع وسنزاحمكم في الفضائيات والصحف أيضا".


18-05-2011 م

[email protected]
المصدر: مجدي داود - موقع جريدة المصريين